قالت مصادر قانونية مطلعة على ملف المعتقلين في مصر، إن تأخر الإفراج عن الناشط الفلسطيني رامي شعث، تطبيقاً لقرار النيابة العامة المصرية الذي صدر أول من أمس الإثنين، جاء بسبب البحث عن حلّ للمعضلة القانونية التي ترتبت على قرار تنازل شعث عن الجنسية المصرية التي يحملها، من أجل تسليمه إلى بلده الأصلي.
وشعث، وهو نجل القيادي الفلسطيني نبيل شعث، متزوج من الفرنسية سيلين لوبران، وموقوف في مصر منذ نحو سنتين في القضية المعروفة بقضية "خلية الأمل"، حيث يتهم بإثارة اضطربات ضد الدولة.
وأوضحت المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، أن رامي لا يحمل الجنسية الفرنسية التي تتمتع بها زوجته، التي تم ترحيلها عن مصر بعد القبض عليه في عام 2019، وبالتالي فهو ليس مواطناً فرنسياً كي تقوم السلطات المصرية بتسليمه رسمياً إلى السلطات الفرنسية.
ترحيل رامي شعث إلى رام الله وارد
وأضافت المصادر أن من "ضمن السيناريوهات التي تبحثها السلطات في مصر، هو ترحيله وتسليمه إلى السلطة الفلسطينية في رام الله، باعتباره مواطناً فلسطينياً"، لكنها رجّحت في الوقت ذاته أن تستقبله فرنسا بعدما كانت مارست ضغوطاً قبل ذلك على الرئيس عبد الفتاح السيسي من أجل الإفراج عن الناشط الفلسطيني.
لا يحمل رامي شعث الجنسية الفرنسية التي تتمتع بها زوجته
وكان القيادي الفلسطيني نبيل شعث، والد رامي، قد قال في حوار سابق أجري معه في يونيو/ حزيران الماضي: "يعني رامي عاش طول عمره في مصر، وصعب جداً عليه يتركها. لكن إذا لزم للإفراج عنه ولحريته أن يتركها؛ فممكن يرجع لفلسطين. أنا قلت إني مستعد أرجعه لفلسطين. لكن ما حدش طرح عليا إنه يخرج ولو بهذا الشرط".
وأصدر رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، في 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2014، قراراً بشأن الأحكام الخاصة بتسليم المتهمين ونقل المحكوم عليهم، حمل رقم 140 لسنة 2014.
وينص القرار في مادته الأولى على أنه "يجوز لرئيس الجمهورية، بناء على عرض النائب العام، وبعد موافقة مجلس الوزراء، الموافقة على تسليم المتهمين، ونقل المحكوم عليهم إلى دولهم، وذلك لمحاكمتهم أو تنفيذ العقوبة، حسبما تقضي الأحوال، متى اقتضت مصلحة الدولة العليا ذلك، مع عدم الإخلال بأحكام القوانين والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بتسليم المجرمين، ونقل المحكوم عليهم النافذة في مصر".
ورأت مصادر حقوقية تعمل على ملف المعتقلين، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "الإفراج عن رامي شعث في حدّ ذاته أمر جيد وإيجابي على أي حال، حتى لو تم ترحيله خارج مصر".
واستدركت: "في الوقت ذاته، ربما يضع بقية المعتقلين في القضية في وضع مختلف، إذ كان الضغط الخارجي، خصوصاً من قبل فرنسا، يتم من أجل شعث الذي تحمل زوجته الجنسية الفرنسية، لكن الآن وبعد الإفراج عنه، فالسؤال هو: هل يجد بقية المعتقلين من يضغط للإفراج عنهم؟".
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد أكد، في 7 ديسمبر/كانون الأول 2020، أنه تحدث مع السيسي أثناء زيارة للأخير إلى باريس، عن "حالات فردية" عدة (لمعتقلين)، من بينها رامي شعث. لكنه رفض ربط التعاون الاقتصادي والعسكري مع مصر بـ"الخلافات" بين البلدين على خلفية حقوق الإنسان، معتبراً أنه "من المجدي أكثر انتهاج سياسة حوار صارمة بدلاً من سياسة مقاطعة".
تفتيت قضية معتقلي "خلية الأمل"
واعتبرت المصادر الحقوقية أنه "إذا تم الإفراج عن رامي شعث وترحيله من مصر، فإن السلطات المصرية تكون بذلك قد نجحت في تفتيت قضية معتقلي الأمل، إذ ستتخلص من الضغط الدولي الذي يمارس عليها بسبب شعث من ناحية، ومن ناحية أخرى بالحكم الذي أصدرته محكمة جنح أمن الدولة طوارئ، والذي صدّق عليه السيسي، بحق الناشط السياسي والمحامي زياد العليمي، والصحافيين هشام فؤاد وحسام مؤنس (حبس 5 و4 سنوات)، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، في قضية أخرى، فبالتالي يصبح احتجازهم قانونيا، أما بقية المعتقلين في القضية من غير المشهورين، فيبقى وضعهم كمعتقلين كما هو عليه".
يرجح أن يبقى وضع بقية المعتقلين في قضية الأمل من غير المشهورين، كما هو عليه
وتضم "قضية الأمل" بخلاف الأسماء البارزة، مثل البرلماني والمحامي زياد العليمي، والصحافيين حسام مؤنس وهشام فؤاد، ورامي شعث، كلاً من الناشط العمالي حسن بربري، وعلاء عصام، والكاتب والخبير الاقتصادي عمر الشنيطي، ورجلي الأعمال أسامة العقباوي، ومصطفى عبد المعز.
وأضافت المصادر أن ما يؤكد أن الإفراج عن شعث جاء بسبب الضغوط الخارجية، وأنه رسالة موجهة إلى الغرب، هو إعلان النائب أنور السادات عن قرار الإفراج، وهو النائب المعروف باتصالاته بجهات خارجية في ملف حقوق الإنسان، وفي الوقت ذاته بارتباطه بالأجهزة الأمنية في مصر.
وأوضحت المصادر أن "قرار الإفراج عن شعث سوف يستثمره السادات خارجياً لتلميع صورة النظام والترويج لأنه يتبع سياسات جديدة في ملف حقوق الإنسان، خصوصاً أن القرار صدر مع تدشين عمل المجلس القومي لحقوق الإنسان، والذي صدر قرار جمهوري بإعادة تشكيله قبل أيام، ويضم في عضويته السادات، وهو المجلس الذي يعول عليه النظام لتلميع صورته في الخارج من خلال رئيسته مشيرة خطاب والنائب السادات".
من جهتها، قالت مصادر مطلعة على التحركات التي يقوم بها النائب أنور السادات في ملف المعتقلين، إن مؤتمر شباب العالم الذي سيفتتحه السيسي في العاشر من يناير/كانون الثاني الحالي، سوف تترتب عليه بعض القرارات الأخرى الشبيهة بقرار الإفراج عن شعث، يتوسط فيها النائب السادات، لتقديم صورة للعالم وكأن هناك "انفراجة في ملف حقوق الإنسان بمصر".
ويعد شعث، البالغ من العمر 50 عاماً، أحد وجوه ثورة 25 يناير 2011، وقد تم تجديد حبسه الاحتياطي 23 مرة من دون أن توجه إليه أي تهمة. وأوقفت السلطات الأمنية شعث في 5 يوليو 2019 في القاهرة بتهمة إثارة "اضطرابات ضد الدولة"، فيما رُحلت زوجته الفرنسية إلى باريس في اليوم الذي أوقف فيه.
قد تترتب على مؤتمر الشباب المرتقب قرارات شبيهة بالإفراج عن شعث
ويواجه شعث، منسّق حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات "بي دي إس"، الحركة التي تدعو إلى مقاطعة إسرائيل في مصر، اتهامات في القضية رقم 930 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا، بارتكاب جرائم الاشتراك مع جماعة أنشئت على خلاف أحكام القانون، الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها، ونشر أخبار ومعلومات وبيانات كاذبة على نحو متعمد، عن الأوضاع السياسية والاقتصادية بالبلاد بقصد تكدير السلم العام وزعزعة الثقة في مؤسسات الدولة.
وكان القيادي الفلسطيني نبيل شعث قد أكد في تصريحات صحافية أن رامي، وباستثناء نشاطه في حركة "بي دي أس إيجيبت"، لا يمارس أنشطة سياسية أخرى، وأن المسؤولين في مصر أخبروه أنهم يعرفون ذلك.
وتابع: "تحدثت مع مسؤولين في الاستخبارات والأمن المصريين، قالوا لي إنه ما لهوش علاقة بالإخوان المسلمين. وتهمته الوحيدة الحقيقية هي أنه بيسبب لهم مشاكل مع الإسرائيليين والأميركان أحياناً في ما بموضوع مقاطعة إسرائيل. دي المشكلة الوحيدة اللي انطرحت لي من حديثي معهم".