بعد إعادة انتخابه لرئاسة فرنسا، الأحد، يتعين على إيمانويل ماكرون اختيار رئيس وزراء يشكّل حكومة جديدة، إضافة إلى مستشارين جدد لتجسيد التجديد الموعود مع الاستعداد لخوض انتخابات تشريعية حاسمة.
ضخُّ "الدماء الجديدة" الذي يحتاج إليه ماكرون، بحسب مقربين منه، لن يتم قبل مطلع أيار/مايو، إذ قرر الرئيس المعاد انتخابه أخذ استراحة بعد فوزه على مرشحة اليمين المتطرف، مارين لوبان.
تصدّر ماكرون الساحة السياسية قبل خمس سنوات مستفيداً من تقهقر الأحزاب التقليدية، ففاز حزبه "الجمهورية إلى الأمام" بأغلبية في الجمعية الوطنية عام 2017، لكنه لم يرسخ انتصاره في كل أنحاء البلاد، وهو يسعى لاستقطاب أصوات من خارج قواعد ناخبيه التقليدية.
لذلك تبدو الخيارات مفتوحة في ما يتعلق بالشخصيات الجديدة، التي سيعزز بها إدارته، بما في ذلك منصب رئيس الوزراء، وتتداول أسماء عديدة لكن الأمر الوحيد المؤكد هو أن رئيس الوزراء الحالي، جان كاستكس، سيترك منصبه قريباً كما أعلن بنفسه.
ويؤكد مسؤول بارز في حزب الرئيس أن الأخير "سيعيّن شخصية يمكنها التقدم بالبلاد في السنوات الثلاث المقبلة، الانتخابات التشريعية لن يكون لها سوى تأثير هامشي على خياراته".
واعتبر رئيس الجمعية الوطنية، ريتشار فيران، في تصريح لراديو "فرانس إنتر" أن "الوضع يتطلب شخصية جامعة" وتستطيع "خوض التحديات الكبرى التي حددها الرئيس أساساً"، مشيراً خصوصاً إلى ضرورة أن يكون هناك "انسجام بين الأهداف - البيئية - والشخصية التي تجسدها".
ويهوى إيمانويل ماكرون المفاجآت، فهل سيواصل نهج ولايته الأولى التي شهدت قرارات مثيرة للانقسام، أم سيحاول اتخاذ خيارات توافقية؟
يتم تداول أسماء شخصيات عدة ذات سمات مختلفة، من وزيرة العمل الحالية، إليزابيت بورن، إلى وزيري الاقتصاد، برونو لومير، والداخلية، جيرالد دارمانان، ويبدو أن فرضية تعيين كريستين لاغارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي مستبعدة.
ومن المنتظر أن يبقى البعض في الحكومة، ويمكن أن يدخل عناصر جدد من اليسار واليمين.
انتخابات تشريعية "معقّدة"
بالنسبة للانتخابات التشريعية المقررة في حزيران/يونيو، يواجه المعسكر الرئاسي، الذي يسعى إلى بناء أغلبية قوية، خصوماً مصممين على الانتقام وجعل هذا الاقتراع بمثابة "جولة ثالثة" للانتخابات الرئاسية وحتى فرض حكومة يقودها غير حزب الرئيس.
ويبدو الفارق الزمني غير المسبوق بين الانتخابات الرئاسية والدورة الأولى من الانتخابات التشريعية في 12 حزيران/يونيو كأنه سباق للمسافات الطويلة، لذلك فإن الخصمين الأساسيين للرئيس مارين لوبان وزعيم اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون، الذي حل في المركز الثالث في الدورة الأولى للانتخابات الرئاسية، انطلقا.
أظهر استطلاعان للرأي الأحد أن غالبية الفرنسيين لا يرغبون في فوز حزب ماكرون في الانتخابات التشريعية (63% وفق معهد أوبن واي و56% وفق إيبسوس سوبرا-ستيريا).
وبالنسبة للأحزاب التقليدية مثل حزب الجمهوريين والحزب الاشتراكي اللذين تكبدا فشلاً ذريعاً في الانتخابات الرئاسية، فإن الطموح هو مقاومة جاذبية مشروع ماكرون والزخم الذي يشهده اليمين واليسار الراديكاليان.
خلال الانتخابات التشريعية في 2017 والتي شهدت نسبة قياسية للامتناع عن التصويت (57.36%) و"تصفية" الأحزاب التاريخية، حصل إيمانويل ماكرون على أغلبية مطلقة وأدخل عدداً كبيراً من النواب الجدد إلى الجمعية الوطنية.
فماذا عن عام 2022؟ يرى قيادي سابق في اليمين صار في حزب الرئيس أن "الانتخابات التشريعية ستكون معقّدة، إذ إن تأثير المفاجأة" الذي استغله ماكرون سابقاً "لم يعد موجوداً".
(فرانس برس)