ماذا لو عجز بايدن عن بلوغ الانتخابات الرئاسية الأميركية؟

14 فبراير 2024
سقط بايدن في الفترة الأخيرة بهفوات كلامية عديدة (آنا مانيميكر/Getty)
+ الخط -

على الرغم من إصرار الرئيس الأميركي جو بايدن حتى اليوم على أنه قادر على خوض الانتخابات الرئاسية الأميركية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وتولي ولاية رئاسية ثانية، إلا أن تقرير المحقق الخاص روبرت هور الذي وصف الرئيس بأنه "رجل مسن حسن النيّة وذو ذاكرة سيئة" و"قدرات متضائلة"، يرفع النقاشات لدى الديمقراطيين حول ضرورة وضع خطة بديلة عن مرشحهم الرئاسي.

وما يعزز ذلك، استطلاعات الرأي التي تُظهر تشكيكاً شعبياً في قدرة بايدن على تولي الرئاسة مجدداً بسبب عمره (81 عاماً)، وآخرها استطلاع نشرته "إي بي سي نيوز/إبسوس" أجري يومي 9 و10 فبراير/شباط الحالي، وأظهر أن 86 في المائة من الناخبين في الولايات المتحدة يرون أن بايدن أصبح مسناً جداً إلى درجة أنه بات غير قادر على تولي مهمة رئاسة البلاد لولاية ثانية.

هفوات بايدن قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية

وحاول الرئيس الأميركي وفريقه شنّ هجوم مضاد إثر تعليقات هور حول صحة بايدن العقلية، ورد بايدن بغضب، في خطاب من البيت الأبيض، على التقرير قائلاً "ذاكرتي جيدة". كما انتقدت نائبة الرئيس كامالا هاريس التقرير، معتبرةً أن هناك دوافع سياسية وراء التشكيك في عمر الرئيس وذاكرته، لكن ذلك لا يخفي الاضطراب الذي أثاره تقرير هور في صفوف الديمقراطيين. ووصف أحد أعضاء مجلس النواب الأميركي، الذي تحدث لشبكة "إن بي سي نيوز" دون الكشف عن هويته، تقرير هور بأنه "كابوس" يضعف بايدن انتخابياً.

وقال حليف آخر لبايدن، وفق الشبكة، إن نشر التقرير كان "أسوأ يوم في رئاسته". وعندما سألت "إن بي سي نيوز" أحد الناشطين الديمقراطيين عمّا إذا كان ذلك يغيّر حسابات الديمقراطيين الذين يتوقعون أن يكون بايدن مرشحهم، أجاب الشخص: "كيف لا يحدث ذلك؟". وكان أحد كبار المسؤولين الديمقراطيين قد قال لـ"رويترز" في نوفمبر الماضي إنه "لا توجد خطة بديلة"، لكنه أضاف أنه إذا تراجع بايدن "فسوف يترشح كل شخص تعرفه"، معتبراً أن "نائبة الرئيس لا تخيف أحداً".

أحد أعضاء مجلس النواب الأميركي: تقرير هور كابوس يضعف بايدن انتخابياً

وأثارت مجموعة هفوات وقع فيها بايدن انتقادات كبيرة لعمره ومخاوف من عدم قدرته على تولي الرئاسة لفترة ثانية. وخلال لقائه الملك الأردني عبد الله الثاني أول من أمس الاثنين، أخطأ بايدن في نطق اسم الملكة رانيا وسمّاها "الملكة ريهانا". ويوم الخميس الماضي ورداً على سؤال حول الوضع في قطاع غزة، أشار بايدن إلى "الرئيس المكسيكي السيسي"، وهو كان يريد الإشارة إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. قبلها وبعد لقاء مع المستشار الألماني أولاف شولتز، قال بايدن إنه تحدث مع هيلموت كول (توفي عام 2017) بدلاً من شولتز. كما خلط بايدن بين الرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون والرئيس الراحل فرانسوا ميتران، الذي توفي عام 1996.

مرشح بديل لبايدن؟

هذا الوضع جعل النقاشات حول مرشح بديل لبايدن أعلى، لتبدأ وسائل الإعلام الأميركية بالحديث عن السيناريوهات الممكنة لاختيار مرشح بديل عن الرئيس الحالي. وعرض موقع "بوليتيكو" الإخباري الأميركي الخيارات الممكنة لاستبدال بايدن، وهي ليست سهلة بسبب عقبات إجرائية وسياسية. وبحسب الموقع، لا يمكن نشر استراتيجية احتياطية إلا إذا تنحى بايدن طوعاً، أو إذا كان غير قادر جسدياً على مواصلة الترشح.

في الوقت الحالي، وعلى الرغم من القلق داخل الحزب الديمقراطي، لا يوجد خلاف على أن بايدن في طريقه نحو الفوز بترشيح الحزب، ومن المرجح أن يجمع عدداً من المندوبين في 5 مارس/آذار المقبل، موعد الثلاثاء الكبير، أكبر من المطلوب. وهناك خطة بديلة واحدة فقط وهي موافقة بايدن نفسه على التنحي. وتوجد طريقة تمكّنه من الرحيل بكرامة وبشروطه، وفق "بوليتيكو"، وهي أن يبدأ الأمر بالسماح للحملة التمهيدية للحزب الديمقراطي بأن تأخذ مجراها، وتنتهي في 4 يونيو/حزيران المقبل، وهو التاريخ الذي تُجري فيه آخر مجموعة من الولايات انتخاباتها التمهيدية.

وسينتهي الأمر بإعلان بايدن المنتصر بلا منازع، بأكثر من 1968 صوتاً من أصوات المندوبين. وبعد ذلك يعلن بايدن أنه لن يقبل الترشيح ويترك للمندوبين الخيار لدعم مرشح آخر. ويمكن أن يصر على أنه لا يزال قادراً على تولي ولاية أخرى، لكنه يتقبل مخاوف الجمهور بشأن رئيس يبلغ من العمر 86 عاماً في نهاية فترة الولاية الثانية. ويمكنه أن يتحدث عن أن الاقتصاد يسير على الطريق الصحيح، وأن يزعم أنه هزم الرئيس السابق دونالد ترامب في السابق، وحَمى الديمقراطية الأميركية وأدى واجبه.

يمكن لبايدن الإعلان أنه لن يقبل ترشيحه من الحزب ويترك للمندوبين الخيار لدعم مرشح آخر

عند تلك النقطة، سيبدأ التنافس بين الخلفاء المحتملين لبايدن، وبين 4 يونيو و19 أغسطس/آب، عندما يبدأ مؤتمر الحزب في شيكاغو، سيتنافس كبار الديمقراطيين على الحلول محل بايدن. ويمكن أن يبقى الرئيس الحالي صانع الملوك داخل الحزب الديمقراطي، فمع التوقعات بأن يكون قد حاز الأغلبية العظمى من المندوبين بموعد حلول مؤتمر الحزب، فإنه يمكن أن يدعم مرشحاً بديلاً له، ومن المرجح حينها أن يتبع الكثير من المندوبين خطاه باختيار المرشح نفسه.

وستكون القضية الشائكة هي نائبة الرئيس كامالا هاريس، فبغياب بايدن لا يرشحها المندوبون تلقائياً، وهي لم تحصل على تأييد كبير وفق الاستطلاعات، كما أن أداءها في الانتخابات التمهيدية عام 2020 لا يوحي بالثقة. ورداً على سؤال لـ"وول ستريت جورنال" حول ما إذا كانت مخاوف الناخبين بشأن عمر بايدن تعني أنه يجب عليها إقناعهم بأنها مستعدة للخدمة، قالت هاريس أخيراً إنها "مستعدة للخدمة"، وإن كل من يراها في العمل "يدرك تماماً قدرتي على القيادة".

وكان بعض المرشحين المحتملين داخل الحزب الديمقراطي يستعدون فعلياً لمثل هذه اللحظة، إذ سارعوا إلى ترويج أنفسهم وبناء سمعة جيدة لهم. من هؤلاء حاكم ولاية كاليفورنيا، غافين نيوسوم، الذي كان مؤيداً كبيراً لبايدن، فضلاً عن حاكم إلينوي، جي بي بريتزكر. كذلك يبرز اسم حاكمة ميشيغين، غريتشن ويتمير، وهي مدافعة قوية عن بايدن، ودعمته لدى الأميركيين من أصول عربية في ولايتها، وعملت هناك رئيسة مشاركة لحملة بايدن.

لكن ماذا لو تم ترشيح بايدن في مؤتمر الحزب الديمقراطي أواخر أغسطس، ولم يتمكن بعد ذلك من المنافسة في انتخابات نوفمبر؟ في هذه الحالة، تنص القواعد على أنه في حالة "وفاة أو استقالة أو عجز" المرشح الرئاسي، فإن رئيس الحزب جايمي هاريسون "يجب أن يتشاور مع القيادة الديمقراطية للكونغرس ورابطة الحكام الديمقراطيين، ويقدم تقاريره" إلى ما يقرب من 450 عضواً في اللجنة الوطنية الديمقراطية، الذين سيختارون مرشحاً جديداً.

المساهمون