يعد مؤتمر "بغداد للشراكة والتعاون"، الذي تمكن العراق من خلاله من جمع قادة وزعماء وممثلي المنطقة، بالإضافة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الحدث العراقي الأبرز الذي تشهده البلاد منذ ما يزيد عن ثلاثة عقود.
ويبحث العراق عن دور إقليمي بارز من خلال تحويل بغداد إلى جسر لتقريب وجهات النظر بين دول الجوار والإقليم، وفتح آفاق التعاون والشراكة، مستغلا علاقة الحكومة العراقية الحالية برئاسة مصطفى الكاظمي الجيدة بجميع الأطراف.
انفتاح نحو الخارج
مسؤول حكومي عراقي قال لـ"العربي الجديد"، إن المؤتمر "يعكس توجهات الحكومة الحالية، في الانفتاح نحو الدول المجاورة والإقليمية، وبقية دول العالم، لتعزيز أواصر التعاون في مختلف المجالات، وفي مقدمتها استمرار الحرب على تنظيم داعش، ودعم القوات العراقية في هذا المجال، فضلا عن التنسيق في القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية المشتركة التي تهم العراق وبقية الدول".
ولفت المسؤول إلى أن توجه الحكومة العراقية نحو عقد مؤتمر بهذا المستوى "يعكس تمسكها بمبدأ الحياد الذي التزمته منذ تشكيلها، والإصرار على عدم الانحياز إلى طرف دون آخر"، مشيرا إلى وجود أمل لدى الحكومة للتوصل إلى مخرجات يمكن أن تسهم في تقريب وجهات النظر بين دول المنطقة، ووضع أسس للتعاون المشترك.
وأكد أن المؤتمر سيبحث "ملفات مهمة بالمنطقة من أبرزها تخفيف التوتر ومحاولة عقد اجتماعات ولقاءات جانبية بين الوفود المشاركة في المؤتمر، خاصة تلك المتقاطعة منها"، على حد تعبيره، كاشفا عن أن فرنسا ستبحث أيضا ضرورة دعم الملف اللبناني في التوصل إلى حلول لمشاكله السياسية والاقتصادية، مع الدول المشاركة في المؤتمر.
وأطلقت اللجنة المنظمة للمؤتمر رسمياً اسم "مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة". وبدا واضحاً أن شعار الحملة الترويجية يحمل ألوان الدول التي تشارك فيه بصفة رئيسية، وهي إلى جانب العراق كل من الكويت والسعودية والأردن وإيران وتركيا (دول الجوار) إلى جانب دول قطر، ومصر، والإمارات، وفرنسا.
وعبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي كان أول القادة الذين وصلوا إلى العراق عن دعمه للتقدم الذي تحرزه الحكومة العراقية من أجل إجراء الانتخابات المبكرة، مؤكدا خلال مؤتمر صحافي عقده في بغداد أن مؤتمر بغداد مهم لتحقيق الاستقرار في المنطقة، مضيفا: "من الضروري الجلوس على طاولة واحدة خلال مؤتمر بغداد"، في إشارة إلى ضرورة طرح مبادرات لتهدئة الأوضاع في المنطقة.
وفي السياق، قال وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، الذي سيترأس الوفد الإيراني إلى المؤتمر قبل مغادرته طهران، إن بلاده ترحب بأي مبادرة إقليمية يمكن أن يقدمها المسؤولون العراقيون بمشاركة دول المنطقة.
ونبه رئيس تيار "الحكمة"، عمار الحكيم إلى الدور المهم الذي يمكن أن تلعبه بغداد خلال المؤتمر، لافتا في تغريدة على حسابه في موقع "تويتر" إلى أن "هذه القمة خطوة مهمة باتجاه استعادة دور العراق الريادي في المنطقة والعالم، كما أنها فرصة مؤاتيه لبلورة رؤية جديدة من العلاقات والانفتاح والتعاون".
الحدث الأبرز منذ عقود
وأشار أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد حسان العيداني إلى أن قدرة الحكومة على جمع قادة وزعماء وممثلين لدول مهمة في بغداد تمثل نجاحا لها وهي في آخر شهر ونصف من عمرها، موضحا لـ "العربي الجديد" أن مؤتمر بغداد الإقليمي يعد الحدث الأهم عراقيا منذ عقود.
وبين العيداني أن العراق "يمتلك اليوم فرصة كبيرة قد لا تتكرر لاستعادة دوره الإقليمي، من خلال تطوير العلاقة مع الدول العربية والمجاورة"، مضيفا أن "مجرد حضور قادة وممثلين بهذا المستوى يمثل دعما كبيرا للحكومة العراقية يجب أن تستغله في مجال الحرب على الإرهاب والاستثمار والتعاون في المجالات الأخرى المختلفة".