مؤتمر باريس: ضغط من أجل انتخابات ليبية بأي ثمن

12 نوفمبر 2021
يشارك ماكرون وهاريس في ترؤس المؤتمر (Getty)
+ الخط -

مع ارتفاع الشكوك حول المسار الانتخابي في ليبيا، في ظل تباين رؤى الدول المعنية والمتدخلة بهذا الملف، وتزايد حدة الخلافات بين الأطراف الليبية، وآخرها قرار المجلس الرئاسي تعليق مهام وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش، الأمر الذي قوبل برفض من حكومة الوحدة الليبية، في هذه الأجواء تستضيف فرنسا اليوم الجمعة مؤتمراً دولياً حول ليبيا، لـ"جعل العملية الانتخابية غير قابلة للطعن ولا عودة عنها وضمان احترام نتيجة الانتخابات"، وفق بيان لقصر الإليزيه، ما يعني أن المؤتمر يستهدف دفع إجراء الانتخابات الليبية بأي ثمن، على الرغم من المخاوف من عمليات تزوير وترهيب لإرادة الناخبين. وقال قصر الإليزيه في معرض تقديمه للمؤتمر، إن "الانتخابات في متناول اليد. هناك حركة قوية تعمل في ليبيا حتى يتم إجراؤها. واستقرار البلاد معلّق عليها". وأضافت الرئاسة الفرنسية "لكن المعطلين يتربصون بها، ويحاولون إخراج العملية عن مسارها". وشددت على أنه من الضروري بالتالي "جعل العملية الانتخابية غير قابلة للطعن ولا عودة عنها وضمان احترام نتيجة الانتخابات"، وذلك قبل الانتخابات الرئاسية المرتقبة في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل، والتشريعية المقررة بعد شهر من ذلك التاريخ. كما سيبحث المؤتمر ملف المرتزقة المنتشرين في ليبيا. وقال الإليزيه إن آلاف المرتزقة الروس ومن الأتراك أو السوريين الموالين لتركيا وتشاد والسودان لا يزالون متواجدين في ليبيا.

الإليزيه: الانتخابات في متناول اليد واستقرار البلاد معلّق عليها

المؤتمر الذي تشارك في رئاسته فرنسا وألمانيا وإيطاليا والأمم المتحدة وليبيا، سيحضره مسؤولون من غالبية الدول الضالعة في الأزمة الليبية أو حلها، وبينهم نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. أما روسيا فستكون ممثلة بوزير خارجيتها سيرغي لافروف، فيما يغيب الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والجزائري عبد المجيد تبون، مع حضور ممثلين عن بلديهما. وستكون ممثلة أيضاً كل من تونس والنيجر وتشاد، وهي ثلاث دول مجاورة تتأثر بارتدادات الأزمة الليبية لا سيما تهريب الأسلحة والمرتزقة.

أما ليبيا، وبعد تساؤلات عمن سيمثل سلطاتها، فقد حضر عنها رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي. وقال المتحدث باسم الحكومة محمد حمودة، في تصريح لـ"الأناضول"، إن "الدبيبة سيحضر المؤتمر". وتابع: "ليبيا إحدى الدول المنظمة لمؤتمر باريس، لذلك فإن دولة الاحتلال الإسرائيلي ليست مدعوة للمشاركة فيه". وبشأن أبرز ملفات المؤتمر، قال حمودة إن "المؤتمر سيبحث ملف الانتخابات ودعم المسار السياسي وخطة اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) وإخراج المرتزقة".

كما وصل المنفي إلى باريس للمشاركة في المؤتمر، ورافقه رئيسا الوفدين الممثلين لمعسكري غرب وشرق ليبيا في اللجنة العسكرية المشتركة 5 + 5، اللواء أحمد أبوشحمة، واللواء امراجع العمامي. وقالت المتحدثة باسم المجلس الرئاسي نجوى وهيبة، إن المنفي سيؤكد للمشاركين في المؤتمر ضرورة الإيفاء بتعهداتهم حيال استكمال العملية السياسية في ليبيا وإنجاحها، خصوصاً ملفي الانتخابات وإخراج المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا، بحسب إيجاز صحافي لها. وعلى الرغم من إعلان وهيبة عن عزم المنفي التوجه إلى باريس في وقت مبكر من ليل الأربعاء، إلا أن مصادر مقربة من الرئاسي أكدت لـ"العربي الجديد" أن المنفي اضطر لتأجيل رحلته لساعات في انتظار وصول ممثل وفد معسكر شرق ليبيا في لجنة 5+5، اللواء امراجع العمامي، مشيرة إلى أن خطوة اصطحاب المنفي لرئيسي الوفدين جاء متأخراً ولم يكن مجدولاً في رحلته. وقالت المصادر إن الجانب الليبي أجرى اتصالات كثيفة بمسؤولين في باريس لإقناعهم بضرورة حضور ممثلي لجنة 5+5، رغبة من الجانب الليبي في الدفع بملف إخراج المرتزقة والقوات الأجنبية إلى الأمام.

وقال أحد المصادر، وهو دبلوماسي ليبي رفيع، لـ"العربي الجديد"، إن الجانب الليبي "هدف لأن يكون تمثيله للبلاد في المؤتمر متوازناً، فمن جانب يمثل المنفي جسماً سياسياً محايداً في الخلافات الدائرة في ملف الانتخابات، كما أن حضور لجنة 5+5 هدفت من خلاله ليبيا عدم ترك ملف المقاتلين الأجانب لحسابات ومنافع الدول المتدخلة في البلاد". وقال الدبلوماسي "لن تغير نتائج مؤتمر باريس شيئاً من مضمون القوانين الانتخابية الليبية الحالية الهادفة لعزل قادة المشهد الحالي، بمن فيهم خليفة حفتر الذي كافح حلفاؤه في مجلس النواب من أجل أن يشارك في الانتخابات"، مشيراً إلى أن الشرط الخاص بمزدوجي الجنسية لا يخدم وضع حفتر الجدلي داخل ليبيا وخارجها.

المؤتمر سيبحث ملف الانتخابات ودعم المسار السياسي وخطة اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) وإخراج المرتزقة

وتضع الانتخابات بعض الدول في موقف محرج، ومنها إدارة جو بايدن "التي باتت على أعتاب معضلة"، وفق ما نقلت "واشنطن بوست"، عن مصدر مطلع. كما نقلت الصحيفة عن مسؤول أميركي بارز، لم تسمه، أنّ إدارة بايدن قيّمت المخاطر المرتبطة بتأجيل الانتخابات الليبية، ورأت أنها أكبر من تلك التي ستنتج عن إجرائها في ظل الظروف الحالية. وقال: "نحبس الأنفاس ونحن نترقب أن تمضي ليبيا قدماً في انتقالها السياسي"، مضيفاً: "يساورنا القلق من أنّ إلغاء الانتخابات من شأنه زيادة مخاطر تجدد الصراع".

وفي السياق، تساءلت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أمس عما إذا كانت السلطات الليبية قادرة على إجراء انتخابات حرة ونزيهة مع غياب سيادة القانون، والعدالة، واحترام حقوق الإنسان. وقالت في بيان أمس، إن "الأسئلة الرئيسية التي على القادة طرحها في قمة باريس: هل يمكن للسلطات الليبية ضمان انتخابات خالية من الإكراه، والتمييز، وتخويف الناخبين، والمرشحين، والأحزاب السياسية؟". وانتقدت ما قالت إنها "قوانين ليبيا التقييدية التي تضعف حرية التعبير، والتجمع، كما أن الجماعات المسلحة ترهب الصحافيين، والنشطاء السياسيين، والحقوقيين، وتعتدي عليهم بدنيا وتضايقهم، وتهددهم، وتحتجزهم تعسفا، في ظل غياب المساءلة". ودعت السلطات الليبية إلى إلغاء جميع القوانين المقيّدة قبل الانتخابات. وقالت "على الحكومة إلغاء القيود الشاملة على المجموعات المدنية لضمان قدرتها على العمل، خصوصاً أن الانتخابات تلوح في الأفق". وأضافت "كما أن على السلطات الليبية تقديم التزام صريح بمحاسبة المقاتلين الليبيين والأجانب المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة المرتكبة خلال النزاع الليبي المسلح الأخير".

المساهمون