تسبّب اقتحام تنظيم "الدولة الإسلامية"، (داعش)، لمخيم اليرموك، بزيادة مأساة سكانه الذين يعانون منذ فترة من الحصار الذي يفرضه النظام السوري، بعد خروج المخيم عن سيطرته منذ أكثر من عامين. ويقول الناشط الإعلامي، رامي السيد، من داخل المخيم، لـ"العربي الجديد"، إن "المعارك الدائرة في المخيم زادت من مأساة سكانه، فقد كانت العائلة تمضي نهارها كاملاً للحصول على القليل من المياه، وفي الأغلب تكون ملوثة أو غير صالحة للشرب، إضافة إلى وجبة من أحد المطابخ الخيرية"، موضحاً أن "كل فرد في المناطق المحاصرة لا يحصل على أكثر من وجبة واحدة يومياً".
ويضيف: "أما اليوم، فالكثير من العائلات محاصرة ليس في المخيم فقط بل في منازلها، ولا تستطيع الحصول على ما يسد رمق أطفالها. كما تنتشر حالات سوء التغذية، ما يهدد حياتها في حال استمرت الاشتباكات"، مشيراً إلى أن "ما يزيد المعاناة، إضافة إلى الاشتباكات والقصف وانتشار القناصة، هو فرض حظر التجول في بعض المناطق".
ويلفت السيد إلى أن "العديد من العائلات نزحت من مخيم اليرموك إلى أحياء ببيلا ويلدا والحجر الأسود"، موضحاً أن "النظام سمح بإدخال كميات قليلة من المواد الطبية البسيطة، كالمعقمات والضمادات".
ويعاني مخيم اليرموك، ككامل جنوب دمشق، من انقطاع كامل لمياه الشرب، ما يضطر الأهالي للسير كيلومترات عدة للحصول على القليل من الماء من بعض الآبار السطحية، في حين يمنع النظام دخول المساعدات الإنسانية، من مواد غذائية وطبية، ما تسبب في وفاة عشرات الأشخاص جراء الجوع، معظمهم من الأطفال وكبار السن، في حين تنتشر العديد من الأمراض الجلدية والتنفسية.
اقرأ أيضاً: "داعش" يواصل تمدّده جنوبي دمشق
ويكشف الناشط الإعلامي، رائد الدمشقي، من جنوب دمشق، لـ"العربي الجديد"، أن "مقاتلي داعش يواصلون التقدّم في مخيم اليرموك، ووصلوا إلى تخوم شارع لوبيا، ما يعني أنهم سيحاصرون مقاتلي أكناف بيت المقدس الذين كانوا يسيطرون على المخيم في الجزء الغربي منه، في حين تَحُول جبهة النصرة دون دخول الفصائل المناصرة للأكناف إلى المخيم، والقادمة من جهة ببيلا ويلدا وبيت سحم والتضامن، أما أحرار الشام فيتخذون موقفاً محايداً".
من جهته، يوضح الناشط الإعلامي في جنوب دمشق، أبو محمد الدمشقي، خلفية الانقسامات بين الفصائل في جنوب دمشق، قائلاً إن "موقف النصرة يعود إلى أميرها الجديد في جنوب دمشق الملقب بـ"أبو خضر"، المعروف أنه يمتلك فكر داعش، وله سوابق في مناصرة هذا التنظيم، كما أنه على علاقة سيئة مع باقي الفصائل، وخصوصاً جيش الإسلام، الذي وقف إلى جانب كتيبة شام الرسول، في الصراع الذي دار أخيراً بينها وبين النصرة في بيت سحم، على خلفية مطالبة الأهالي للنصرة بالخروج منها".
ويقول الدمشقي إنه "في تاريخ 1 أبريل/ نيسان الحالي، تحرك داعش باتجاه مخيم اليرموك وسيطر على عدة نقاط في مخيم اليرموك، علماً أن عدد مقاتلي الفصائل المسيطرة على المخيم يفوق عدد عناصر داعش بأضعاف، وهي أكناف بيت المقدس وحركة أحرار الشام الإسلامية وجبهة النصرة، ولكن لم يقف في وجه التنظيم إلا الأكناف، وعندما انتشر الخبر وأتت بعض الفصائل لمنع تقدّم التنظيم، وقفت النصرة في وجه هذه الفصائل ومنعت دخولها للمخيم".
وكان "جيش الإسلام"، في جنوب دمشق، قد أعلن عن "مقاتلة الدواعش"، مطالباً "جبهة النصرة" بـ"الوقوف مع الحق في مقاتلة الدواعش، وأن لا تقف حاجزاً وتحول بيننا وبينهم، لأننا ماضون لنصرة الحق".
في المقابل، كثّفت قوات النظام قصفها المدفعي والصاروخي على المخيم، في حين شهدت المناطق القريبة منه والخاضعة لسيطرة النظام، حالة من التوتر والاستنفار العسكري، كما أفاد ناشطون معارضون.
وعلمت "العربي الجديد" من مصادر أهلية، أن "قوات النظام استنفرت مليشيا قوات الدفاع الوطني بشكل كامل قبل أيام، في حين شوهدت تعزيزات آتية إلى مناطق شارع نسرين والزاهرة الجديدة القريبة من المخيم والتابعة لسيطرة النظام"، في وقت أفادت معلومات بأن "مليشيا الدفاع الوطني تم إبلاغها أن قوات النظام تعتزم اقتحام المخيم، في انتظار تبلّغ ساعة الصفر".
وكان "جيش الإسلام" قد قضى على تنظيم "داعش" في الغوطة الشرقية قبل أقل من عام، في حين يسود التوتر علاقته بـ"النصرة" في الغوطة هذه الأيام على خلفية "إدارة القضاء الموحّد"، التي توافقت عليها معظم الفصائل المسلحة في الغوطة، كجهة قضائية يحتكم إليها الأفراد والفصائل المسلحة، وهي مدعومة بشكل كبير من قبل القيادة العسكرية الموحدة، والتي يترأسها قائد "جيش الإسلام" زهران علوش.