لاقت قرارات اللواء المتقاعد خليفة حفتر العسكرية بشأن ترقية وتعيين عدد من الضباط التابعين لمليشياته، أمس الاثنين، أصداء مختلفة، من دون أن يصدر عن المجلس الرئاسي، الذي يحمل صفة القائد الأعلى للجيش الليبي، أي تعليق أو موقف رسمي حتى الآن.
وأعلن حفتر، خلال حفل أقامه أمس الاثنين في قاعدة بنينا في بنغازي بمناسبة مرور الذكرى الحادية والثمانين لتأسيس الجيش الليبي، عن ترقية ثلاثة ضباط من رتبة لواء إلى رتبة فريق، وتعيينه رؤساء أركان الحدود والبرية والجوية، بالإضافة إلى تعيين ثلاثة ضابط آخرين رؤساء لمناطق طبرق وسرت والبيضاء العسكرية.
وفي خطوة لافتة، أعلن حفتر عن إرجاع رئيس الحكومة الموازية المنبثقة عن مجلس النواب عبد الله الثني للعمل السياسي، من خلال تعيينه رئيساً للإدارة السياسية في قيادة قواته، وترقيته لرتبة فريق.
وجاءت قرارات حفتر بعد يومين من إعلان المجلس الرئاسي عن اختصاصه بمنح الترقيات وإنشاء الوحدات العسكرية بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي، وفق مخرجات خريطة الطريق المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وأكد المجلس في إعلانه بطلان أي قرارات لترقية الضباط العادية والاستثنائية، في إشارة لقرار حفتر منح أعضاء (لجنة 5+5) ترقيات استثنائية، التي رفضها عدد منهم. كما أكد المجلس أن "ترقية الضباط العادية والاستثنائية، ومنحهم القدم الممتاز، وإنشاء الوحدات العسكرية، وتعيين آمري المناطق العسكرية ومعاونيهم، اختصاص أصيل للمجلس الرئاسي قانوناً، بصفته القائد الأعلى مجتمعاً"، مشيراً إلى "أن أي قرار يصدر من أي جهة أو منصب يعتبر باطلاً وجب إلغاؤه لصدوره من جهة غير مختصة".
لكن حفتر أكد، خلال كلمته في الحفل، أن قواته "لن تخضع لأي سلطة غير منتخبة من الشعب مباشرة"، في إشارة إلى رفضه قرارات المجلس الرئاسي.
وفي تعليق ضمني على خطاب حفتر، أكد المجلس الأعلى للدولة ضرورة أن "يكون الجيش ولاؤه الأول للوطن، وألا يتدخل بشكل من الأشكال في المشهد السياسي، وأن يعمل تحت سلطة مدنية"، مشدداً على أنه لن يسمح بـ"العودة إلى القيود من جديد، وتسلط أفراد جهة أو قبيلة على المؤسسة العسكرية".
وطالب المجلس، في بيان له صدر في وقت متأخر ليل أمس الاثنين بمناسبة الذكرى الـ81 لتأسيس الجيش الليبي، بضرورة "توحيد مؤسسة الجيش الحقيقي، ودعمه وتقويته وفق أسس وطنية"، مشدداً على أهمية "العمل وفق خريطة طريق واضحة وأساس دستوري متوافق عليه، لتكوين مؤسسة عسكرية احترافية تحمي دولة المؤسسات لا لتنقلب عليها"، مستنكراً التصرفات التي "تسعى لجر البلاد إلى المربع الأول"، وفق البيان.
ومن جانبه، اعتبر عضو ملتقى الحوار السياسي عبد الرزاق العرادي أن تصريحات حفتر "تجعل الحديث عن إجراء الانتخابات في ديسمبر/كانون الأول المقبل نوعاً من العبث"، مضيفاً، في تغريدة على حسابه على "تويتر"، أن حفتر "لن يعترف بأي انتخابات إلا إذا فاز بها، ولا يعرف إلا القوة والحديد، ولا يرده عن غيه إلا هي"، على حد تعبيره.
وتعليلاً لتجاوز حفتر سلطة المجلس الرئاسي، اعتبر سعد أمغيب، عضو مجلس النواب الموالي لحفتر، أن بنود خريطة الطريق تنص على أن "تكون العاصمة المؤقتة للبلاد هي مدينة سرت، ويمارس المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية عملهما منها"، بحسب تدوينة له على حسابه على "فيسبوك"، وعليه، فإن صفة القائد الأعلى "تعتبر بنداً من ضمن البنود التي لم تنفذ"، حسب رأيه.
ومن جانبه، اعتبر السياسي الليبي بشير السويحلي أن "حفتر يوجه ضربة جديدة للانتخابات"، ويعبر عن رفضه أي سلطة من خلال "إنشائه مكتباً سياسياً تابعاً له برئاسة عبد الله الثني".
وشملت قرارات حفتر إعادة عبد الله الثني، رئيس الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب، والتي سلمت مهامها لحكومة الوحدة الوطنية في مارس/ آذار الماضي، إلى الواجهة السياسية بتعيينه رئيساً للمكتب السياسي في قيادة مليشياته وترقيته لرتبة فريق.
وفيما اعتبر السويحلي قرارات حفتر وسط عرض عسكري "تهديدات"، قال: "لن نقبل بعد اليوم بأي تهديدات، كما أننا نحن أيضاً لن نقبل الآن بأي استحقاق انتخابي في ظل هذا المناخ ووجود هذا المتمرد وعصابته".
أما الكاتب والمحلل السياسي الليبي محمد الهنقاري، فاعتبر أن "خطاب حفتر إعلان للتنصل من اتفاق برلين ومخرجات جنيف". وغرد على حسابه الرسمي عبر "تويتر" قائلاً: "هذا يعني العودة إلى حالة الحرب والانقسام، وإعلانه عن إنشاء إدارة سياسية يعني إعلان امتلاكه أدوات قيادة الدولة"، مضيفاً: "ولكم في السراج تجربة سابقة مع هذا النوع النرجسي المغرور الذي يعشق الموت والدمار".