ليبيا: ضغوط على الدبيبة من أجل التخلي عن حقيبة الدفاع

29 يونيو 2021
الدبيبة عبّر عن خشيته من استحواذ شخصية مقربة من حفتر على حقيبة الدفاع (Getty)
+ الخط -

يتجه مجلس النواب والمجلس الرئاسي للضغط على حكومة الوحدة الوطنية الليبية من أجل تعيين وزير لحقيبة الدفاع التي يحتفظ رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة بها لنفسه، منذ أن صادق مجلس النواب على قائمته الوزارية، في مارس/ آذار الماضي.

وتعذّرت مشاركة الدبيبة وفريقه الوزاري في جلسة أمس الإثنين، بعد دعوة قدمتها رئاسة مجلس النواب للحكومة الأسبوع الماضي، لمناقشة الميزانية المقترحة من الحكومة، بحسب بيان لمجلس النواب، مساء أمس الإثنين. 

وأوضحت رئاسة المجلس، في البيان، أنه تعذر حضور الدبيبة للجلسة "نظراً لوجوده وعدد من الوزراء في مهام خارج أرض الوطن"، في إشارة إلى الزيارة التي يقوم بها الدبيبة حالياً إلى المغرب.

ولفت المجلس إلى أنه جدّد طلبه للحكومة ورئيسها بـ"المثول" أمام المجلس، يوم الإثنين المقبل، لـ"استعراض خطة عمل الحكومة خلال المائة يوم من بداية عملها"، لكن البيان أضاف أنّ جدول أعمال جلسة الأسبوع المقبل سيناقش طلب لجنة 5 + 5 العسكرية بشأن تعييين الحكومة وزيراً لحقيبة الدفاع. 

وبالتزامن مع هذه الدعوات، وجّه المجلس الرئاسي دعوة إلى الدبيبة لحضور جلسة، يوم الأحد المقبل، في "مقرّ مكتب القائد الأعلى للجيش الليبي للتشاور في مسألة تعيين وزير الدفاع".

وأضاف الخطاب الموجه من المجلس الرئاسي للدبيبة أنّه "في حال عدم الحضور سيتخذ المجلس الرئاسي قراره بتسمية وزير للدفاع وإحالته إلى مجلس النواب للتصويت عليه".

وفي السياق، كشفت مصادر متطابقة من حكومة طرابلس وبرلمانية من طبرق أنّ الدبيبة يتعرض لضغوط كبيرة من أجل التخلّي عن حقيبة الدفاع التي احتفظ بها لنفسه، دون أن يسمي وزيراً لها ضمن التشكيلة التي قدمها إلى مجلس النواب، وصادق عليها في 10 مارس/ آذار الماضي. 

وأكدت المصادر، لـ "العربي الجديد"، أنّ مطالب مجلسي النواب والرئاسي للدبيبة بشأن تسمية وزير للدفاع "تأتي استجابة لضغوط خارجية وداخلية، إذ يسعى المجلس الرئاسي بصفته القائد الأعلى للجيش، للتجاوب مع مطالب دولية أجمعت على ضرورة إنشاء قوة أمنية موحدة في البلاد كخطوة في طريق توحيد المؤسسة العسكرية، فيما يذهب مجلس النواب لاستثمار هذه المطالب لانتزاع حقيبة الدفاع خدمة لمصالح خاصة بطيف نيابي يتخذ موقفاً في منتصف المسافة بين الدبيبة وبين قيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر، علماً أنّ المتحدث الرسمي باسم قواته أحمد المسماري، أكد في أكثر من مناسبة رفض التعامل مع الحكومة إلا بعد تسمية وزير للدفاع. 

 

ويشير أحد تلك المصادر وهو عسكري مقرب من لجنة 5 + 5 العسكرية، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ الدبيبة عبّر لعدد من المسؤولين الغربيين أثناء لقائهم على هامش مؤتمر برلين الثاني، عن خشيته من استحواذ شخصية مقربة من حفتر على حقيبة الدفاع لحساسيتها، وصلتها بالمؤسسة العسكرية المنقسمة والوضع العسكري القائم في البلاد.

ووفقاً للمصادر، فإنّ الدبيبة يستعد للدفع بشخصية عسكرية من الجنوب الليبي كوزير للدفاع رفقة نائبين يمثلان المجاميع المسلحة في غرب وشرق البلاد، إلا أنّ طيفاً نيابياً في مجلس النواب يترأسه عقيلة صالح يستعد للضغوط على الدبيبة لفرض اللواء أحمد عون، أحد الضباط البارزين في النظام السابق، وزيراً للدفاع، كما نجح ذات التيار النيابي في فرض اللواء حسين العايب وهو أحد رموز النظام السابق، على الدبيبة رئيساً لجهاز المخابرات العامة، مطلع مايو/ أيار الماضي.

ومن المرجّح أن تدخل حقيبة الدفاع باحة المساومات بين أجسام السلطة في البلاد، في ظل التباعد الذي تشهده العلاقة بين مكونات السلطة التنفيذية (المجلس الرئاسي والحكومة ) من جانب، والسلطة التنفيذية ومجلس النواب من جانب آخر، إضافة للعلاقة غير الواضحة بين مجلس النواب وقيادة حفتر.

 

وتوصي خريطة الطريق المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، الحكومة بالتشاور مع المجلس الرئاسي لاختيار وزير للدفاع، فيما تترك مهمة تسمية نائبيه للحكومة، لكن الباحث السياسي الليبي بلقاسم كشادة، يعبّر عن مخاوفه من عدم توضيح خريطة الطريق مهام وصلاحيات وزارة الدفاع.

ويوضح كشادة، في حديث لـ"العربي الجديد"، مخاوفه بالقول إنّ "الوزارة من الوزارات المهمة بالنسبة للوضع العسكري القائم حالياً، فمن مهامها المتفق عليها تعيين رئيس للأركان العامة، وهي مسألة ذات حساسية بالغة في ظل تمسّك الدبيبة باللواء محمد الحداد رئيساً للأركان العامة، وتمسّك حفتر بالفريق عبد الرزاق الناظوري رئيساً للأركان من جانبه".

طيف نيابي في مجلس النواب يترأسه عقيلة صالح يستعدون للضغوط على الدبيبة لفرض اللواء أحمد عون، أحد الضباط البارزين في النظام السابق، كوزير للدفاع

 

ويضيف أنّ مسألة تحديد أركان الجيش الأخرى "تبدو بالغة الأهمية في ظل تمسك حفتر بوصف مليشياته بالجيش، ووجود ضباط من حوله كرؤساء للأركان".

ويلفت كشادة، في حديثه لــ"العربي الجديد"، إلى أنّ خريطة الطريق "أشارت إلى دور لجنة 5 + 5 في الفصل في القضايا الخلافية بالتنسيق مع المجلس الرئاسي كونه القائد الأعلى للجيش"، محذراً من أنّ "الانقسام في المؤسسة العسكرية في ظل التعثر والفشل الذي تعيشه اللجنة العسكرية يدفع بالوضع العسكري القائم على حافة الانجراف، إلى متاهة جديدة".

وحتى الآن لم تتمكن لجنة 5 + 5 من فرض تطبيق بنود اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، بشكل كامل، وكان آخر تعثراتها خضوعها لضغوط من جانب قيادة حفتر لإفشال خطوة فتح الطريق الساحلي الرابط بين شرق وغرب البلاد التي أعلن عنها الدبيبة، الأحد قبل الماضي. 

ويتهم كشادة أطرافاً في المشهد بـ"استثمار ضرورة وجود وزير للدفاع لإنشاء قوة أمنية مشتركة كمطلب دولي، من أجل إثارة المزيد من الفوضى والإرباك في المشهد والتشويش على الاستحقاق الانتخابي، الذي يصرّ المجتمع الدولي على تحقيقه في موعده المقرر في ديسمبر/ كانون الأول المقبل، كونه مرتبطاً بالوضع الأمني في البلاد". 

المساهمون