استمع إلى الملخص
- **دعم دولي وتوافق وطني:** أكد رئيس مجلس النواب عقيلة صالح وعضو المجلس عبد السلام نصية على أهمية توحيد السلطة التنفيذية لتحقيق الانتخابات، مع تعزيز التوافق الوطني وإمكانية تعديل القوانين الانتخابية.
- **تحديات وتباينات:** رغم التوافق، أشار عضو مجلس الدولة بلقاسم قزيط إلى تباين في وجهات النظر وأهمية القوانين الانتخابية، مع استمرار الخلافات بين رئاستي مجلسي النواب والدولة.
أعلن عدد من أعضاء مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في ليبيا عن اتفاقهم على تشكيل حكومة جديدة موحدة، ودعوة مجلس النواب للبدء في فتح باب الترشح لهذه الحكومة. وجاء ذلك في بيان ختامي صدر عن اجتماع عقده أعضاء من المجلسين في القاهرة اليوم الخميس، ضمن ملتقاهم الثاني الذي جاء استمرارا للمشاورات التي جرت في الملتقى الأول بتونس في فبراير/ شباط الماضي.
وبحسب نص البيان الختامي، فقد أكد المجتمعون في القاهرة تمسكهم بـ"إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وفق القوانين المتوافق عليها والصادرة عن مجلس النواب، مع العمل على استمرار توسعة دائرة التوافق" من خلال خريطة طريق يتفق عليها أعضاء المجلسين لتشكيل مسار أساسي لاستكمال باقي الاستحقاقات الضرورية للوصول إلى الانتخابات. وللوصول إلى ذلك، شدد المجتمعون، في بيانهم، على ضرورة تكثيف الجهود لإنهاء وضع الانقسام السياسي والمؤسساتي الحاصل في ليبيا للحد من توسع الفساد والغلاء وتدهور الحالة المعيشية للمواطن، وطالبوا بدعم المجتمع الدولي والبعثة الأممية لاتفاقهم، و"احترام الإرادة السياسية ووحدة التراب الليبي".
وفي ردود الفعل الليبية حيال البيان الختامي للملتقى، أكد رئيس مجلس النواب عقيلة صالح دعمه لما جاء في البيان، ووصفه بـ"الخطوة الإيجابية على الاتجاه الصحيح". وأكد صالح، في تصريح نشره مكتبه الإعلامي "تنفيذ ما جاء في هذا البيان، والبدء في إجراءات تشكيل السلطة التنفيذية الجديدة".
وذكر عضو مجلس النواب عبد السلام نصية أن هدف ملتقى أعضاء المجلسين اليوم هو "تأكيد استمرار مسيرة التوافق بين المجلسين للوصول إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية"، وأن المجتمعين توصلوا إلى أن "توحيد السلطة التنفيذية هو أحد السبل لتحقيق الاستحقاقات الانتخابية". واعتبر نصية، وهو أحد المشاركين في اللقاء، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن توافق المجتمعين في القاهرة "يعبر عن أنه توافق مشترك وليس من جانب واحد، خاصة أنه لم ينعقد إلا بعد جملة من الاتصالات بعدة قوى وطنية من أحزاب سياسية ومنظمات مجتمعية، بالإضافة إلى التواصل مع البعثة الأممية".
وفيما أكد نصية عزم أعضاء المجلسين الاستمرار في اللقاءات، كشف عن أن لقاءهم المقبل سينعقد داخل ليبيا لتعزيز التوافق والإجماع الوطني، معتبرا أن "دعم المجتمع الدولي والبعثة الأممية نتائج هذا اللقاء معيار لصدق دعمهم نجاح العملية السياسية". وأشار إلى إمكانية فتح القوانين الانتخابية للتعديل بهدف زيادة التوافق الوطني، لكنه شدد في الوقت نفسه على رفضه "استثمار إعادة فتحها للمناورات من أجل العرقلة أو حشد المكاسب السياسية لبعض الأطراف".
ويوافق عضو مجلس الدولة بلقاسم قزيط، المشارك في الملتقى، على مضمون حديث نصية، إلا أنه لا يتوقع أن تفتح القوانين الانتخابية للتعديل عليها إلا بضمان عدم تركها مفتوحة أمام التعديلات، مؤكدا أهمية هذه القوانين باعتبارها وثيقة دستورية. وفيما أشار قزيط إلى وجود تباين في وجهات نظر المجتمعين، إلا أنه اعتبر، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن البيان الختامي للملتقى "يمثل توافقا واسعا بين أعضاء المجلسين، خاصة أن البيان يركز على القضايا الأساسية والمهمة للمرحلة الحالية، وهي توحيد الحكومة، وهي القضية المهمة الآن التي يرتكز عليها هدف الذهاب إلى الانتخابات".
ولم يتضمن البيان الختامي للملتقى أي إشارة عن إمكانية انعقاد اللقاء الذي كان مرتقبا أن يجمع في القاهرة، منتصف الشهر الجاري، رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس مجلس الدولة محمد تكالة ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، لاستئناف لقاءاتهم التي بدأت في القاهرة في مارس/آذار الماضي برعاية الجامعة العربية، وهو اللقاء الذي أبلغ تكالة جامعة الدول العربية عن عدم مشاركته فيه وتعليق تواصله مع مجلس النواب بسبب إقدام الأخير على إقرار موازنة الدولة، الأسبوع الماضي، بشكل أحادي من دون إشراك مجلس الدولة في الخطوة.
ولم يصدر أي بيان من جانب رئاستي مجلسي النواب والدولة في ليبيا عن ملتقى أعضاء المجلسين في القاهرة حتى الآن. وكان أعضاء من المجلسين قد عقدوا ملتقاهم الأول بتونس في فبراير الماضي، لمناقشة الانسداد الحاصل في العملية السياسية، وأصدروا إثره بيانا أعلنوا فيه عن اتفاقهم على عدد من النتائج لدعم القوانين الانتخابية التي أصدرتها لجنة (6+6) المشكلة من المجلسين. كما اتفق المجتمعون في تونس على تشكيل حكومة موحدة للإشراف على إجراء الانتخابات، وتشكيل لجنة مشتركة لمتابعة اللقاءات بين المجلسين بهدف استمرارها. وفي اليوم التالي للقاء تونس، نشر مجلس النواب نتائج اللقاء على موقعه الإلكتروني الرسمي في إشارة إلى دعمها، مشيرا إلى أن عدد المجتمعين بلغ 120 عضواً من المجلسين، فيما لزم مجلس الدولة الصمت حيال الاجتماع ونتائجه.
ومن نتائج اجتماع تونس التي أعلنها مجلس النواب، الالتزام بنصوص القوانين الانتخابية في "تشكيل حكومة وطنية جديدة تعمل على إنجاز الاستحقاق الانتخابي"، و"اختيار رئيس الحكومة الجديدة من خلال آلية شفافة ونزيهة"، وكذلك "وضع ضوابط وتشريعات ملزمة للحكومة القادمة بما يضمن محاربة المركزية ودعم الوحدات المحلية ووصول المخصصات مباشرة إلى البلديات والمحافظات".
وبعد اتفاق مجلسي النواب والدولة في ليبيا على تشكيل لجنة مشتركة بواقع ستة أعضاء عن كل منهما لصياغة قوانين انتخابية توافقية، عاد الخلاف بين المجلسين إثر إصدار مجلس النواب مخرجات اللجنة المشتركة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، باعتراض مجلس الدولة على إدخال تعديلات على صيغ القوانين الانتخابية بخلاف التي صدرت عن اللجنة في اجتماعاتها في بوزنيقة المغربية في يونيو/حزيران الماضي. وإثر عودة الخلافات، دفع المبعوث الأممي المستقيل عبد الله باتيلي، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بمبادرة تتضمن عقد طاولة حوار خماسية تضم رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس مجلس الدولة محمد تكالة، ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، بالإضافة إلى قائد مليشيات شرق البلاد خليفة حفتر، إلا أن الخلافات بينهم أفشلت المبادرة.
وفي آخر محاولات إحداث اختراق في الانسداد السياسي الحاصل، مبادرة عربية اقترحتها الجامعة العربية لعقد حوار ثلاثي بين صالح وتكالة والمنفي، حيث احتضنت القاهرة الاجتماع الأول بين القادة الثلاثة في مارس الماضي، وانتهت إلى الاتفاق على تشكيل لجنة فنية للنظر في النقاط الخلافية في القوانين الانتخابية، وضرورة تشكيل حكومة موحدة تشرف على إجراء الانتخابات، على أن يُعقد لقاء ثان بينهم، إلا أنه لم يُعقد حتى الآن بسبب استمرار الخلافات بين رئاستي مجلسي النواب والدولة.