ليبيا إلى تأزيم جديد

02 مايو 2024
تظاهرة في طرابلس تطالب بإجراء الانتخابات، فبراير 2022 (فرانس برس)
+ الخط -
اظهر الملخص
- معسكر شرق ليبيا بقيادة حفتر وعقيلة صالح يتخذ خطوة استباقية بالموافقة على الموازنة العامة لحكومة مجلس النواب، مما يعزز موقفها ويضع عراقيل أمام العملية السياسية وإجراء الانتخابات.
- التسريبات تشير إلى قرب استئناف الاجتماعات الثلاثية لتشكيل حكومة موحدة وتفعيل لجنة 6+6 للتوافق على القوانين الانتخابية، في محاولة لدفع العملية السياسية قدمًا.
- البعثة الأممية تستعد لقيادة جديدة تحت إدارة ستيفاني خوري، في ظل تحركات دولية من واشنطن وموسكو تعكس تحول الصراع في ليبيا إلى جزء من الصراع الدولي، مع تركيز على توحيد الحكومة والمؤسسة العسكرية.

في وقت تستعد فيه الأمم المتحدة، ومن خلفها عدة دول فاعلة في مشهد الخلافات الليبية لدفع العملية السياسية مجدداً، خطا معسكر شرق ليبيا، بقائده الفعلي خليفة حفتر وظلّه عقيلة صالح، خطوة استباقية بهدف وضع عرقلة جديدة في طريق العملية السياسية، التي من شأنها أن تُفضي إلى إجراء الانتخابات.

لكن يبدو أن لون وشكل هذه العملية السياسية وعراقيلها تختلف عن الظروف الإقليمية والدولية التي أسفرت عن لاعبين جدد في الملف الليبي.
تلك الخطوة هي الموافقة على اعتماد مجلس النواب، أمس الأول الثلاثاء، الموازنة العامة لحكومة مجلس النواب، لأول مرة منذ تكليفها في فبراير/ شباط 2022. فبعد أن كانت الموازنة أهم أسلحة الحكومة في طرابلس وأوراقها لسنوات، أصبحت حكومة مجلس النواب هي من تصرف الأموال وتدفع رواتب الليبيين وتنفق على مشاريع التنمية، التي ستكون بأرقام فلكية، تُسيل لعاب كبرى الشركات الدولية ومن ورائها حكوماتها. ومثل هذه الخطوة تجعل من هذه الحكومة أمراً واقعاً ومفروضاً، لا يمكن تجاوزها في أي دفع جديد للعملية السياسية.

يحدُث هذا بالتزامن مع تسريبات عن قرب استئناف الاجتماعات الثلاثية، التي ضمت جولتها الأولى في القاهرة في مارس/آذار الماضي، عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة، ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، للمضي في مناقشة ما اتفقوا عليه من نقاط، وفي مقدمتها تشكيل حكومة موحدة. وحسب التسريبات، التي باتت متداولة، فإن الاجتماع الثلاثي المقبل سيتمحور حول إعادة تفعيل لجنة 6+6 المشتركة من مجلسي النواب والدولة للتوافق النهائي على القوانين الانتخابية لوضعها موضع التنفيذ، وأول بنود تلك القوانين تشكيل حكومة موحدة.

وحتى على فرض عدم صحة تلك التسريبات، فالبعثة الأممية، التي تقود العملية السياسية، تتجهّز لقيادة جديدة من الراجح أن تتولاها نائبة رئيس البعثة، ستيفاني خوري، وسيكون عليها لزاماً معالجة الخلاف الحكومي، أعمق مشكلات العملية السياسية. ويأتي توقيت خطوة مجلس النواب باتجاه دفع الحكومة المكلفة منه إلى الواجهة في إطار الاحتياط لما قد تحمله حقيبة خوري.

هذه الخطوة الاستباقية وتوقيتها من معسكر شرق ليبيا، بقيادة حفتر وعقيلة، قد تُعلّل وتُفهم بشكل عام أنها قد تؤدي إلى عرقلة جديدة، لكن المختلف هو اللاعبون الذين يتحرّكون في كواليس العملية السياسية، والذين لم يعودوا إقليميين، بل أصبحوا قطبين من أقطاب الصراع الدولي، واشنطن التي تتحرك في طرابلس بنشاط وتدفع باتجاه تنشيط العملية السياسية وما يخدم مصالحها وعلى رأسها توحيد الحكومة لتسهيل توجيه قراراتها، خاصة قرار السلاح والمؤسّسة العسكرية، وموسكو في الشرق الليبي التي تنشط بما يخدم مصالحها أيضاً، وفي المقدمة استمرار الانقسام الحكومي وتعزيزه، فالتشظّي يمكنها من إتمام مراحل توغلها العسكري وتحويل البلاد إلى ممرّ لمجاهل أفريقيا.

المساهمون