وجد تقرير الأمم المتحدة الذي يعرض بالتفصيل الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبتها الصين في منطقة شينجيانغ، جرائم محتملة ضدّ الإنسانية ولكن ليس إبادة جماعية، وهي جريمة فظيعة يصعب إثباتها في القانون الدولي.
مع استمرار تداعيات التقرير، السبت، تدرس بعض الدول كيف يمكنها المضي قدماً بالاعتماد إلى النتائج.
لا ترتكز جريمة الإبادة الجماعية على أعمال تستهدف اقتلاع مجموعة معيّنة فحسب، بل تشمل أيضاً عنصراً ثانياً يتمثّل في النية المثبّتة.
قالت نيكيتا وايت من منظمة العفو الدولية في أستراليا، لوكالة فرانس برس، إنّ استنتاجات تقرير الأمم المتحدة "قوية وخطيرة حقاً".
ولكنّها أضافت "كي تقدّم اتهامات حول إبادة جماعية، يجب على الأمم المتحدة أن تبرهن النية... من الصعب حقاً إثبات ذلك عندما يكون الوصول إلى شيجنيانغ مقيّداً".
ويشير إلى أنّ اتهامات التعذيب "ذات مصداقية"، مؤكداً أنّ "حجم الاعتقال التعسّفي والتمييزي بحق أفراد الإيغور وغيرهم من الجماعات ذات الغالبية المسلمة... قد يشكّل جرائم دولية، خصوصاً جرائم ضد الإنسانية".
ولكن الوثيقة لا تذكر أبداً كلمة إبادة، وهي نقطة لم تفوّت السلطات الصينية فرصة الإشارة إليها.
في المقابل، تتهم الولايات المتحدة والعديد من المشرّعين، مثل الجمعية الوطنية الفرنسية، الصين بارتكاب إبادة جماعية في شينجيانغ.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، الخميس "هذا التقرير يعزّز ويعيد تأكيد مخاوفنا الكبيرة بشأن الإبادة الجماعية الجارية" في شينجيانغ.
إلّا أنّ رافينا شامداساني المتحدثة باسم المفوضية السامية، قالت، لـ"فرانس برس"، "نحن لا نحكم بأنفسنا على هذه القضية بالتحديد"، مشيرة إلى أنّ "المعلومات المتوفّرة التي جرى تقييمها وفقاً لمعاييرنا الخاصة لا تسمح لنا بالقيام بذلك في الوقت الحالي".
وحدّدت "الأعمال المرتكبة بنية القضاء كلياً أو جزئياً على جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية".
وقد يشمل ذلك قتل أفراد في جماعة مستهدفة، وأيضاً فرض تدابير تهدف إلى منع الولادات أو النقل القسري للأطفال إلى مجموعة أخرى، أو حتى "إلحاق ضرر جسدي أو عقلي خطير بأفراد، أو فرض متعمّد لظروف حياة محسوبة لإحداث تدمير مادي كلي أو جزئي على مجموعة معيّنة".
ولكن تعريف الإبادة الجماعية يشمل أيضاً النية التي تعدّ "العنصر الأصعب تحديده"، وفقاً لورقة معلومات صادرة عن الأمم المتحدة بشأن هذه الاتفاقية.
وبحسب هذه الورقة "هذه النية بالذات... هي التي تجعل جريمة الإبادة الجماعية فريدة من نوعها".
رغم أنّ التقرير لا يشير إلى الإبادة الجماعية، فإنه يستند إلى إحصاءات رسمية صينية لتوثيق التغييرات السكانية في المنطقة.
أصبح عدد الهان الصينيين الآن متساوياً مع عدد الإيغور الذين كان عددهم يفوق العشرة مقابل واحد في عام 1953. ويرجع ذلك إلى حدّ كبير إلى الهجرة لغرب الصين، نتيجة للإغراءات الحكومية بشكل خاص.
قدّم التقرير تفاصيل التغييرات الأخيرة في سياسة تحديد النسل التي سمحت للهان في شينجيانغ بحقوق إنجابية أكبر من ذي قبل، ووثّق الانخفاض "غير المعتاد والصارخ" في معدّل المواليد في المنطقة، لا سيما بين الإيغور.
كذلك، أشار التقرير إلى "الارتفاع الحاد غير المعتاد" في معدّل التعقيم في المنطقة، وهو أكثر بسبع مرّات من المتوسط في جميع أنحاء الصين.
وخلُص إلى أنّ "هناك مؤشرات موثوقة على انتهاك الحقوق الإنجابية من خلال التطبيق القسري لسياسات تنظيم الأسرة منذ العام 2017".
يقيّم مكتب الأمم المتحدة لمنع الإبادة، ومقرّه نيويورك، إذا ما كان هناك خطر إبادة جماعية ويبحث عن السبل لمحاولة منعها.
ويأمل مشروع "الإيغور لحقوق الإنسان" وهو منظمة غير حكومية، في أن يقوم المكتب بإجراء تقييم فوري للمخاطر.
وفي السياق، قال بيتر إيروين من المنظمة عن التقرير "رغم أنه لا يتحدث عن إبادة جماعية، أعتقد أنّ جماعات الإيغور أو العلماء سيطلقون عليها إبادة جماعية".
(فرانس برس)