تربط الكيانات السياسية والأحزاب المعترضة على الانتخابات التشريعية في العراق، التي أجريت في 10 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، نتائج الانتخابات بالملف الأمني وانهيار السلم الأهلي، في حين لا يجد مراقبون أي علاقة بين الأمرين سوى أن بعض القوى والفصائل المسلحة تريد أن تحصل على مناصب ومكاسب سياسية في الحكومة العراقية الجديدة، رغم خسارتها في الانتخابات.
وعقب انتخاب رئيس تحالف "تقدم"، محمد الحلبوسي، رئيساً للبرلمان العراقي لدورة ثانية، في الجلسة الأولى لمجلس النواب الأسبوع الماضي، رغم رفض قوى "الإطار التنسيقي،" الذي يضم قوى سبق أن اعترضت على نتائج الانتخابات، حذّر المسؤول الأمني لجماعة "كتائب حزب الله" العراقية، أبو علي العسكري، مما وصفها بـ"أيام عصيبة ستمر على العراق"، وذلك بعد مصادرة حق الأغلبية والسير وراء الإرادة الخارجية، بحسب وصفه.
وكتب العسكري، في تدوينة له على موقع "تلغرام": "بُحّت أصواتنا وهي تنادي بإرجاع الحقوق لأهلها، وحذرنا مراراً وتكراراً من خطورة مصادرة حق الأغلبية، والسير وراء الإرادة الخارجية". وأضاف، بحسب المعطيات الميدانية والتقديرات الأمنية فإن "أياماً عصيبة ستمر على العراق، يكون الجميع فيها خاسرا".
وهذه المرة الثانية التي يصدر فيها العسكري مثل هذه التغريدة، وقال عقب إعلان نتائج الانتخابات العراقية، إن أطرافا خارجية وداخلية عملت على تغيير النتائج، وإن رئيس الحكومة، مصطفى الكاظمي، هو "عرّاب التزوير"، كما أشار إلى أن النتائج الأخيرة قد تؤدي في النهاية إلى تهديد السلم الأهلي.
لكن زعيم "التيار الصدري" مقتدى الصدر، أكد تمسّكه بتشكيل حكومة "أغلبية وطنية" في العراق، محذراً من "محاولات" تهديد شركائه والسلم الأهلي.
وعلى موقع "تويتر" غرّد الصدر "نحن ماضون بتشكيل حكومة أغلبية وطنية، وبابنا مفتوح لبعض من ما زلنا نحسن الظن بهم"، محذراً في الوقت نفسه بقوله "لن نسمح لأحد، كائناً من كان، أن يهدد شركاءنا أو يهدد السلم الأهلي".
وتابع قائلاً إنّ "الحكومة القادمة حكومة قانون، ولا مجال فيها للمخالفة أياً كانت وممن كان"، مشيراً إلى أنه "لا عودة للاقتتال الطائفي أو للعنف، فإنّ القانون سيكون هو الحاكم".
إلى ذلك، أشار عباس العرداوي، وهو عضو حركة "حقوق" التابعة لـ "كتائب حزب الله" العراقية، إلى أن "ما حصل في الانتخابات، وما يحصل حالياً من حالة استخفاف بقوى سياسية مهمة تمتلك جماهير كبيرة، تتم عبر إرادة دولية واضحة، وهذا ما تمَّ إثباته لدينا، وقد أرفقنا كل الأدلة لمفوضية الانتخابات والمحكمة الاتحادية في وقت سابق، بالتالي فإن استمرار إهمال هذه القوى قد يؤدي إلى اضطراب الوضع السياسي والأمني"، مؤكداً لـ"العربي الجديد"، أن "في العراق جهات لا تقبل بالاحتلال، سواء كان عسكرياً من خلال تواجد القوات الأميركية أو الاحتلال بالاستيلاء على إرادة العراقيين في تحديد مصيرهم".
لكن عضو الكتلة الشعبية المستقلة، النائب باسم خشان، لفت إلى أن "كل ما يصدر عن بعض الجهات المسلحة والسياسية الخاسرة بشأن اضطراب السلم الأهلي، هي تهديدات واضحة للفائزين بالانتخابات بأنها تريد حصصا من المناصب والمكاسب والمغانم والصفقات"، مستكملاً حديثه مع "العربي الجديد"، أن "التهديدات التي تطلقها هذه الجهات تمثل حالة خطيرة من الخطاب السياسي، وهي تمثل حالة رعب بالنسبة للفائزين المستقلين الذين لا يملكون أي ظهير يدافع عنهم وعن برامجهم الإصلاحية الحقيقية، كما أن حدة الصراع قد تتطور مع ظهور أطراف سياسية أخرى تمتلك فصائل مسلحة، بالتالي يتحول الخطاب من سياسي إلى أمني مسلح، وهو إخفاق يضاف إلى سلسلة الإخفاقات التي تتحمل مسؤوليتها حكومة مصطفى الكاظمي".
بدوره، رأى الباحث والخبير الأمني، أحمد الشريفي، عدم وجود أي رابط أو علاقة ما بين المشاكل السياسية والوضع الأمني في البلاد، بالقول لـ"العربي الجديد"، إن "الملف الأمني لديه قادته وآليات عمله، بما في ذلك الفرق الاستخباراتية والجيش والشرطة وحتى قوات الحشد الشعبي، بالتالي فإنه من المفترض ألا يكون هناك أي تداخل بين العمل الأمني والصراعات السياسية"، معتبراً أن "حديث بعض الجهات العراقية عن كون نتائج الانتخابات وطريقة تشكيل الحكومة تؤدي إلى انهيارات أمنية يأتي ضمن خانة تهديد القوى السياسية الفائزة، وتحدّ صارخ لجهود الحكومة العراقية لتأمين حياة العراقيين، ولا بد من أن تمنع مثل هذه الأصوات والركون إلى الحوارات السياسية الهادفة".