لقاء تبون مع قادة الأحزاب... هل يبحث عن إجماع لسياساته الاقتصادية والخارجية؟

14 مايو 2022
تبون أعلن أن سنة 2022 ستكون سنة الإصلاحات الاقتصادية (Getty)
+ الخط -

تعزز تصريحات قادة الأحزاب السياسية الثلاثة الذين التقوا الرئيس عبد المجيد تبون، أول أمس الخميس، وجود رغبة من الرئيس الجزائري للتركيز على سياسة اقتصادية والحصول على إسناد من الطبقة السياسية بشأن مواقف ومتغيرات بارزة في السياسة الخارجية للبلاد، في ظل توترات حساسة إقليمياً ودولياً ذات تأثير مباشر عليها.

ويبدو أنّ هناك توجهاً نحو إحداث تغيير حكومي وشيك، اختار تبون إحداثه عبر ممر تشاوري مع قادة الأحزاب الفاعلة في البلاد، لضمان أكبر دعم ممكن للحكومة المقبلة، استجابة أيضاً لمطالبات سياسية من الأحزاب المشاركة في الحكومة نفسها، والتي كانت انتقدت عطالة عدد من الوزراء وركود بعض القطاعات الوزارية. 

وأكد رئيس حركة "مجتمع السلم" عبد الرزاق مقري أنه جرى، خلال اللقاء مع رئيس الجمهورية "التركيز على الجانب الاقتصادي، وضرورة التعاون من أجل توفير الظروف المناسبة لتحقيق الإقلاع المنشود"، مشيراً إلى التطلع "للتوصل كجرائريين لبلورة رؤية مشتركة، حتى تتضح الرؤية المستقبلية للجميع ويطمئن الجزائريون إلى أنّ مستقبلهم في بلدهم وأنّ التنافس المفتوح بينهم في إطار عدالة الفرص سواء في الجانب السياسي أو الاقتصادي متوفرة". 

وأضاف أنه قدّم "أفكار الحركة في ما يتعلق بالملفات الاقتصادية لا سيما ما يتعلق ببيئة الأعمال والعدالة في الفرص والإصلاحات البنكية والضريبية والجمركية، واستقلالية القضاء لنشوء شبكة المؤسسات التي تضمن التنمية الوطنية والتشغيل والرفاه، والتوجه إلى الحل الجذري لمعضلة التحويلات الاجتماعية". 

ووصف الأمين العام لـ"التجمع الوطني الديمقراطي" الطيب زيتوني، لقاءه مع الرئيس تبون بأنّه "كان صريحاً وشفافاً"، مضيفاً أنّ "الرئيس فتح ورشات في الإصلاح السياسي والمؤسساتي، ونحن الآن بحاجة إلى بناء جبهة داخلية قوية يشارك فيها الفاعلون السياسيون والمجتمع المدني، تمكننا من خلق مناخ وجو ومحيط ملائم لانطلاقة اقتصادية، ورفـع الخوف عن المستثمرين الحقيقيين والنزهاء وتقوية الجبهة الداخلية"، مضيفاً: "لا نستطيع أن نتحدث عن استقرار وطني والمحافظة على استقلال القرار السياسي إلا إذا كان الاقتصاد قوياً والمؤسسات قوية". 

وأكد الأمين العام لحزب "جبهة التحرير الوطني" أبو الفضل بعجي، عقب لقاء الرئيس تبون، أنّ الأخير "حرص على الاستماع لمواقفنا ومقترحاتنا حول مختلف الأصعدة والقضايا الكبرى التي تهم الجزائر، اللقاء مع الرئيس كان فيه حوار صريح وبناء، واستفدنا من المعطيات والحقائق التي قدمها الرئيس تبون".

وكان الرئيس الجزائري قد أعلن، نهاية إبريل/نيسان الماضي، أنّ سنة 2022 ستكون سنة الإصلاحات الاقتصادية بالأساس، وسيتم التركيز فيها على الإقلاع الاقتصادي، وإقرار قانون الاستثمار، وإنعاش المؤسسات والصناعة والزراعة.

ويرجح الكثير من المراقبين أن تكون المشاورات التي أطلقها الرئيس تبون مع قادة الأحزاب السياسية، في المقام الأول بهدف الحصول على إسناد سياسي لخيارات اقتصادية سيقدم عليه ضمن إصلاحات عميقة يقوم بها منذ اعتلائه سدة الحكم، لا سيما أنّ هذه الإصلاحات تنطوي على تأثيرات اجتماعية من قبيل إعادة النظر في الدعم الاجتماعي الذي تقدمه الدولة، وفي المقام الثاني كمقدمة لتغيير حكومي قد يشمل عدداً من الوزارات بعد مرور عام على تعيين حكومة أيمن بن عبد الرحمن، وهو ما كان أشار إليه الرئيس تبون قبل فترة قصيرة عندما أكد أنّ مرور عام على تعيين الحكومة "فرصة لإجراء تقييم لعمل كل القطاعات الوزارية". 

وقالت المحللة السياسية بسمة لبوخ، في تصريح لـ" العربي الجديد"، إنّ "مؤسسة الرئاسة لم تعلن عن مضمون وفحوى والغايات من المشاورات السياسية التي باشرها رئيس الجمهورية مع قادة الأحزاب والشخصيات السياسية، الأمر الذي دفع باتجاه تأويلات عديدة ربط معظمها المشاورات بمبادرة لم الشمل التي كشفت عنها وكالة الأنباء الجزائرية".

وأضافت: "تصريحات الشخصيات التي التقاها الرئيس ركزت حتى الآن في معظمها على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، كما تبدو أكثر ارتباطاً بالتغيير الحكومي المرتقب أكثر منه مشاورات حول صياغة مبادرة لم الشمل لمعالجة ملف الحريات السياسية والإعلامية".

ورأت أنّ "مبادرة لم الشمل والنقاشات التي فتحها الرئيس حرّكت المياه الراكدة سياسياً، ورفعت حالة الجمود التي شهدتها الساحة السياسية عقب الانتخابات الأخيرة".

المساهمون