لقاءات أميركية عسكرية مع قادة ليبيين في شرق البلاد وغربها.. ما الجديد؟

22 يوليو 2024
الوفد الأميركي يلتقي خالد حفتر (موقع السفارة الأميركية في ليبيا/تويتر)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **زيارة الوفد العسكري الأمريكي لليبيا**: أجرى وفد عسكري أمريكي رفيع المستوى سلسلة لقاءات مع القادة العسكريين الليبيين في غرب وشرق البلاد، لبحث التعاون في مجالات التدريب وتوحيد المؤسسة العسكرية.

- **لقاءات مع القادة العسكريين الليبيين**: التقى الوفد الأمريكي برئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، ورئيس الأركان العامة محمد الحداد في الغرب، وبصدام وخالد حفتر في الشرق، لمناقشة توحيد المؤسسة العسكرية والتعاون في التدريب ومكافحة الإرهاب.

- **الأهداف الاستراتيجية الأمريكية**: تهدف اللقاءات إلى تشكيل قوة عسكرية ليبية مشتركة لمواجهة التوغل الروسي، وتحقيق الاستقرار الأمني، مع عدم وضوح خطط واشنطن حتى تتضح نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

أنهى وفد عسكري أميركي رفيع سلسلة من اللقاءات في ليبيا امتدت بين الثلاثاء والأحد الماضيين، وجرت خلالها مباحثات مكثفة مع عدد من القادة العسكريين الليبيين في غرب البلاد وشرقها، من دون أن تتحدد أهداف هذه اللقاءات، فلم يعلن الجانبان، الأميركي والليبي، عن تفاصيلها باستثناء العناوين الرئيسية المتصلة بـ"تعزيز التعاون والشراكة بين البلدين في مجالات التدريب وتأكيد ضرورة توحيد المؤسسة العسكرية".

وأجرى الوفد الأميركي الذي ضم نائب قائد القيادة العسكرية الأميركية بأفريقيا (أفريكوم) الفريق جون برننان، وقائد قيادة العمليات الخاصة الأميركية في أفريقيا (سوكاف) الأدميرال رونالد فوي، والقائم بأعمال السفارة الأميركية لدى ليبيا جيريمي برنت، لقاءات مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، بصفته وزيراً للدفاع في حكومته، قبل لقائهم رئيس الأركان العامة التابعة للحكومة في طرابلس الفريق محمد الحداد، بالإضافة للقاء قادة وضباط القوى العسكرية في المنطقة الوسطى، وتحديداً آمر المنطقة العسكرية الوسطى الفريق محمد موسى، وقائد قوة مكافحة الإرهاب اللواء محمد زين، وآمر الكلية الجوية في مصراتة اللواء محمد رجب القصيبات، وآمر اللواء 53 اللواء أحمد هاشمفي.

وفي الشرق الليبي، التقى الوفد الأميركي صدام حفتر بصفته رئيساً لأركان القوات البرية، وشقيقه خالد بصفته رئيساً لأركان الوحدات الأمنية التابعة لمليشيات قيادة اللواء المتقاعد خليفة حفتر. وتعكس الإيجازات الصحافية التي نشرتها منصات السفارة الأميركية الإلكترونية حول هذه اللقاءات، قضايا ومسائل مشتركة تمت مناقشتها والتركيز عليها في هذه اللقاءات، وهي "تأكيد توحيد المؤسسة العسكرية، وحرص واشنطن على التعاون مع الضباط العسكريين المحترفين في جميع أنحاء البلاد، وتوسيع التعاون في التدريب والتعليم، وأهمية تأمين الحدود ومكافحة الإرهاب".

مخاوف أميركية من التوغل العسكري الروسي في ليبيا

وفيما أجرى الجانب الأميركي لقاءات عديدة ذات طبيعة عسكرية مع الأطراف العسكرية الرئيسية خلال السنوات الماضية، إلا أن الأكاديمي والمهتم بالشأن السياسي أحمد العاقل يعتبر أن اللقاءات الأميركية هذه المرة مختلفة في طبيعة الشخصيات العسكرية الليبية ومراكزها، وتوقيتها أيضاً. ويعزو العاقل، في حديثه لـ"العربي الجديد"، هذا الاختلاف إلى ضرورة زيادة الحضور الأميركي في المستوى العسكري مقابل تزايد قلق الولايات المتحدة من زيادة حجم التوغل العسكري الروسي في ليبيا، معتبراً أن اللقاءات الأخيرة تعكس توجهاً أميركياً جديداً في التعامل بعمق واقتراب أكثر من الحالة الأمنية والعسكرية الليبية بالسعي لتفكيكها وإعادة تركيبها مجدداً.

ويلفت العاقل إلى أن اللقاءات الأميركية لم تعد تركز على القياديين الرئيسيين، فلم تضم اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر على سبيل المثال، بل تعاملت مع أبنائه الموجودين فعلياً على الأرض. وفي غرب البلاد، لم تقتصر على لقاء الدبيبة، بل التقت الحداد رئيس الأركان التابع للدبيبة، بالإضافة لقوى نظامية في المنطقة الوسطى التي كان الحداد يترأسها قبل أن يصبح رئيساً للأركان، مضيفاً: "هذه التوليفة من اللقاءات تعكس ذهاب واشنطن للعمل بعيداً عن القيادات المركزية التي كانت تتصل بها كما أنها التفت كلياً على لجنة 5+5 العسكرية التي تمثل قياديي المعسكرين في شرق البلاد وغربها، وربما للاستفادة من التناقضات داخل القيادات المركزية في المعسكرين".

ويذكّر العاقل بأن المسؤولين الأميركيين التقوا في السابق ضباط اللواء 444 التابع للحكومة في طرابلس وقيادات مجموعات أخرى تعمل بصفة نظامية واحترافية. وأضاف "هذا ما قصده مسؤولو الوفد الأميركي برغبتهم في التعامل مع ضباط محترفين من شرق البلاد وغربها، والهدف تشكيل قوة عسكرية نظامية مشتركة لتمثل المؤسسة العسكرية الموحدة التي يمكن التعامل معها لأهداف استراتيجية وحيوية كضبط الحدود وحراسة المواقع النفطية وملف القوات الأجنبية والمرتزقة".

وفيما يؤكد العاقل أن الهدف الاستراتيجي الأميركي لتشكيل قوة ليبية مشتركة هو "تضييق الخناق على المشروع الروسي في ليبيا ومحاصرته"، إلا أنه يرجّح أن يكون "لتشكيل هذه التوليفة من القوى النظامية العسكرية تحت قيادة واحدة بعيداً عن مركزيات القيادات الرئيسية في الشرق والغرب، أهداف أخرى، فمن خلالها يمكن أيضاً تحييد القيادات الرافضة للتغيير السياسي بإجراء الانتخابات، فإذا أصبحت هذه القوة المشتركة واقعاً وارتبطت بمصالح قادة يمكن إحداث تغيير سياسي بعد التغيير على الأرض".

من جانبه، لا يرى أستاذ العلاقات الدولية، رمضان النفاتي، أي جديد في اللقاءات العسكرية الأميركية، فحثّ أميركا الأطراف الليبية على توحيد المؤسسة العسكرية "ليس جديداً، وكل اللقاءات السابقة كانت تدعو إلى هذا، لكن الهدف ليس عسكرياً بل أمنيّ عند التأمل العميق". ووفقاً لتحليل النفاتي، فإنّ التعاطي الأميركي مع الملف الليبي لا يختلف جذرياً مع التعاطي الروسي، موضحاً، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الأخير "هدفه ومجاله أفريقيا في عمقها الذي يتجاوز ليبيا، فالواضح أن ليبيا نقطة تمركز مؤقتة للانطلاق جنوباً في الفضاءات الأفريقية التي يدور فيها التنافس الدولي الكبير، وهو ما يعرفه خليفة حفتر جيداً ويتعامل معه وفق مصالحه ومنفتح أيضاً على واشنطن".

ووفق رأي النفاتي، فإن الأميركيين "يركزون على معالجة الوضع الأمني، وفي هذا الإطار تندرج اللقاءات الأخيرة والتي سبقتها، ولنلاحظ أن كل التصريحات المصاحبة للحث الأميركي على توحيد المؤسسة العسكرية تتحدث عن تأمين الحدود ومحاربة الإرهاب، بينما لا يتجاوز الموقف من الوجود الروسي حد التعبير عن القلق والاستنكار والمخاوف، لإدراك واشنطن أن المشروع الروسي في أفريقيا لا يزال يتلمس الطريق بمحاولة ربط تحالفات مع القوة العسكرية النافذة في عدة دول أفريقية"، متسائلاً "كيف يمكن القبول بأن واشنطن تشكل قوة عسكرية ليبية لمواجهة المد الروسي، وأبناء حفتر، وهم حلفاء روسيا، من بين مكوناتها؟".

ويذكّر النفاتي بأن واشنطن هذه الفترة منغمسة تماماً في انتخاباتها الرئاسية التي تؤثر نتائجها على توجهات سياساتها الخارجية، وبالتالي فوضوح خططها في ليبيا والمنطقة بأكملها "غير ممكن حتى نقول إنها قررت مواجهة روسيا في ليبيا وتشكيل قوة مشتركة، بل لها خطة لتفكيك القيادات العسكرية المركزية وبدأت العمل عليها (..) أفق السياسة الأميركية الخارجية غائب الآن في انتظار نتائج الانتخابات الرئاسية، خاصة فيما يتعلق بالموقف الأميركي من روسيا".