أكد وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة أن ترتيبات حثيثة تحضّر لزيارة يقوم بها الرئيس عبد المجيد تبون إلى موسكو، قبل نهاية العام الحالي، توقّع خلالها وثيقة "التعاون الاستراتيجي" بين البلدين.
وقال لعمامرة، على هامش مشاركته في منتدى باريس للسلام: "نتمنى أن تتم الزيارة قبل نهاية العام، والآن يجري الإعداد لهذه الزيارة، وهي مهمة لبلدينا، ونحن نشارك بنشاط وإيجابية في التحضير لها".
وأضاف لعمامرة، بحسب وكالة "سبوتنيك" الروسية: "نجري حواراً سياسياً رفيع المستوى، ونأمل أن تكون زيارة الرئيس عبد المجيد تبون إلى روسيا بداية مرحلة جديدة في علاقاتنا".
واعتبر وزير الخارجية الجزائري أن لدى كل من الجزائر وموسكو "برنامج تعاون واسع النطاق، وطويل الأمد"، وأن "الجزائر وروسيا شريكان مهمان لبعضهما البعض"، خاصة في المجالات السياسية والاستراتجية والعسكرية، إذ ترتبط الجزائر بعلاقات تعاون وثيقة في مجال التدريب العسكري مع روسيا.
ويرجح أن تكون زيارة مدير المصلحة الفيدرالية للتعاون العسكري والتقني الروسي شوغاييف ديميتري إفغينيفيتش، أمس الخميس، إلى الجزائر، والتي التقى خلالها قائد أركان الجيش الجزائري الفريق أول السعيد شنقريحة، ضمن التحضير لملف التعاون العسكري، أحد أبرز الملفات ضمن أجندة الزيارة.
من شأن الزيارة المرتقبة للرئيس الجزائري إلى روسيا أن تثير حفيظة الجانب الأميركي
وكان السفير الروسي لدى الجزائر فاليريان شوفايف قد كشف، 8 سبتمبر/أيلول الماضي، عن زيارة مرتقبة للرئيس تبون إلى موسكو، بهدف التوقيع على وثيقة للتعاون الاستراتيجي.
وسبق ذلك إعلان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، خلال زيارته إلى الجزائر شهر مايو/أيار الماضي، عن ترتيبات لزيارة تبون إلى موسكو، بناء على دعوة وجهها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إليه، خلال محادثة هاتفية سابقة، وذلك بالتزامن مع تطور لافت للعلاقات بين البلدين في الفترة الأخيرة.
وثيقة "التعاون الاستراتيجي" ستمثل، بعد توقيعها خلال الزيارة المرتقبة، مرجعاً يؤطر العلاقات الجزائرية الروسية في المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية، تتويجاً لعلاقات نوعية بين البلدين، خاصة في المجال العسكري، فالجزائر تستورد جزءاً مهماً من عتادها العسكري وترسانتها الحربية من روسيا، خاصة المنظومات الصاروخية.
مواقف الجزائر من الأزمة في أوكرانيا، وإبداؤها ما وصفه وزير الخارجية رمطان لعمامرة بتفهّم الجزائر لـ"الانشغالات الأمنية لروسيا في منطقتها"، شجّعت موسكو على تطوير علاقتها مع الجزائر، في ظل تزايد الأهمية الإقليمية للجزائر في المرحلة الأخيرة، ودورها في أزمات المنطقة، خاصة ليبيا ومالي ودول الساحل، إضافة إلى موقف الجزائر من مسألة إمدادات الغاز إلى أوروبا، بعد أن تجنبت الجزائر الخضوع للضغوط الغربية لزيادة الإمدادات، تعويضاً عن الغاز الروسي.
ومن شأن الزيارة المرتقبة للرئيس الجزائري إلى روسيا أن تثير حفيظة الجانب الأميركي، والذي ينظر بعين الريبة الى تطور التعاون العسكري، وصفقات الأسلحة الروسية لصالح الجزائر، وتعتبره ضخاً لمزيد من الموارد المالية لروسيا تمويلاً لحربها في أوكرانيا، وهو ما عبّرت عنه رسالتان أميركيتان، الأولى وجهها نائب رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأميركي ماركو روبيو إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن يطالبه فيها بتسليط عقوبات ضد الجزائر، بسبب صفقات الأسلحة مع روسيا. والثانية، وجهتها مجموعة تضم 27 من أعضاء الكونغرس، تتزعمهم ليزا ماكلين، إلى بلينكن، لمطالبته بفرض عقوبات على الجزائر، وعبّروا فيها عن "القلق بشأن التقارير الأخيرة عن العلاقات المتنامية باستمرار بين الاتحاد الروسي والجمهورية الجزائرية".