- المقترح يشمل وقف العمليات العسكرية، انسحاب قوات حزب الله، نشر الجيش اللبناني على الحدود، وتعزيز التعاون مع قوات الأمم المتحدة لضمان الأمن والاستقرار، محاولًا تحقيق توازن بين مطالب الأطراف المختلفة.
- ردود فعل لبنانية متباينة تجاه المقترح، مع تقدير للجهود الفرنسية ولكن بتأكيد على ضرورة أن يكون الاتفاق في مصلحة لبنان وأن يحافظ على سيادته وأمنه، وسط نقاشات دولية وإقليمية تؤكد على أهمية الحل الدبلوماسي.
تنشط الساحة اللبنانية في دراسة المقترح الفرنسي "المعدّل" للتوصّل إلى تهدئة للعمليات العسكرية بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي على الحدود اللبنانية الجنوبية مع فلسطين المحتلة، ومنع تصعيد المواجهات إلى حرب شاملة، بانتظار الإعلان عن الموقف الرسمي منها، بعدما سبق أن أبدى لبنان تحفظات على النسخة الأولى التي تسلّمها في فبراير/ شباط الماضي، علماً أنّ موقف حزب الله لا يزال ثابتاً بربط وقف إطلاق النار بإنهاء العدوان على غزة.
وفي الإطار، يؤكد مصدر دبلوماسي في السفارة الفرنسية في بيروت لـ"العربي الجديد"، أنّ "لبنان تسلّم رسمياً النسخة المكتوبة المعدّلة من الاقتراحات التي حملها وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه الأحد الماضي إلى المسؤولين اللبنانيين، لتفادي حرب شاملة على الأراضي اللبنانية، وننتظر الردّ القريب عليها، ونأمل في أن يكون إيجابياً".
من جهته، يقول مصدرٌ مقرّبٌ من رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري لـ"العربي الجديد"، إنّ "لبنان يدرس المقترح الفرنسي وسيكون له موقف منه وردّ على بنوده، التي منها ما يحتمل النقاش ومنها ما ليس مقبولاً، وسنعلن عنها، إذ لن نقبل ما يضرّ بمصلحة لبنان أو فريق لبناني"، مشيراً إلى "أننا نشكر فرنسا على جهودها، ونقدّر تحرّكها، ولكن لبنان لن يوافق إلاّ على ما يصبّ في مصلحته، في المقابل، هناك بنود يجب أن تكون موجودة وملزمة لإسرائيل، فهي أكثر من يعتدي على لبنان ويتجاوز القرارات الدولية".
ويرتكز المقترح الفرنسي على:
- وقف العمليات العسكرية من جانبي حزب الله وإسرائيل
- انسحاب قوات النخبة التابعة لحزب الله إلى مسافة تبعد 10 كيلومترات عن الحدود
- هدم الجماعات المسلحة كلّ المنشآت والمباني والخيم القريبة من الحدود
- نشر ما يصل إلى 15 ألف جندي من الجيش اللبناني في المنطقة الحدودية جنوبي لبنان
- دعم الجيش اللبناني وتعزيز وجوده وانتشاره على الحدود
- تعاون الجيش اللبناني مع قوات الأمم المتحدة المؤقتة (اليونيفيل)، وضمان حرية حركتها
- وقف الخروقات الإسرائيلية للأجواء اللبنانية
كما يتضمن المقترح غيرها من البنود، على أن يُبحث في مرحلة لاحقة ملف الحدود البرية.
وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي قد اعتبر أن "المبادرة الفرنسية تشكل إطاراً عملياً لتطبيق القرار الدولي الرقم 1701 الذي يتمسّك لبنان بتطبيقه كاملاً، مع المطالبة بالتزام إسرائيل بتنفيذه، ووقف عدوانها المدمّر على جنوب لبنان، بالإضافة إلى دعم الجيش لتمكينه من القيام بمهامه وتحقيق السلام الدائم على الحدود".
بدوره، قال رئيس البرلمان نبيه بري، في تصريح، إنّ "لبنان بانتظار نجاح المساعي الدولية لوقف العدوان على قطاع غزة، والذي حتماً سينعكس على لبنان والمنطقة، وسيكون عندها جاهزاً لمتابعة المباحثات حول تطبيق القرار الأممي رقم 1701، الذي كان لبنان ولا يزال ملتزماً ومتمسكاً به".
تحفظات لبنانية على المقترح الفرنسي
وبالتزامن مع الحراك الدولي في المنطقة، وضمنها العاصمة اللبنانية بيروت، سجّل في الأيام الماضية، انحسارٌ في العمليات العسكرية المتبادلة على الحدود. وفي الإطار، يقول عضو كتلة التنمية والتحرير البرلمانية (يرأسها بري)، النائب قبلان قبلان، لـ"العربي الجديد"، إنّ "انحسار المواجهات على الجبهة قد يكون مرتبطاً بحركة الموفدين في المنطقة وضمنها لبنان، من غربيين وأوروبيين وفرنسيين، ربما طيفهم خفّف وهج المعارك بعض الشيء، علماً أنّ العمليات العسكرية لا تزال مستمرة".
ويتحدث قبلان عن أنّ "هناك إغراءات عدّة تُقدّم إلى لبنان من جانب الأوروبيين في محاولة وقف إطلاق النار في الجنوب، منها دخال مسألة النازحين السوريين، وتقديم الخدمات والوعود في حال القبول بالاقتراحات، ولكن لبنان لن يقبل إلا ما هو في مصلحته"، لافتاً إلى أنّ "لبنان يدرس المقترح الفرنسي ويفترض أن يرد عليه في الساعات أو الأيام القليلة المقبلة".
ويلفت إلى أنّ من بنود المقترح الفرنسي ما يحكى عن انسحاب قوات النخبة التابعة لحزب الله إلى مسافة تبعد 10 كيلومترات عن الحدود، وهدم الجماعات المسلحة جميع المنشآت والمباني والخيم القريبة من الحدود، وهذه طروحات لا يمكن السير بها بهذه الأجواء، قائلاً إنه "في لبنان، لا يمكن إخراج الناس ودفعهم إلى ترك بيوتهم، وعن أي خيم يتحدثون، هل الخيم تخيفهم؟ ليس لدينا قواعد عسكرية ولا قبة حديدية، وهناك أمور غير منطقية تحدث، ومحاولات للتعاطي مع لبنان كأنه الجهة الخاسرة لفرض الشروط عليه، والإسرائيلي بموقع الرابح، علماً أنّه يجب فرض الشروط على الإسرائيلي وليس على لبنان".
ويشدد النائب عن "التنمية والتحرير"، على أنه "على المجتمع الدولي والأوروبي أن يدعو العدو الإسرائيلي لوقف تعدياته وانتهاكاته وتهديداته للسيادة اللبنانية، فالخط الأزرق كلّه قواعد وأبراج للتنصّت والمراقبة التابعة له، يعمد من خلالها إلى تصوير ما يرد في الجنوب"، سائلاً: "لماذا التركيز فقط على الجهة اللبنانية؟". ويردف "اليوم نحن في حالة حرب، يجب وقف إطلاق النار ومنع تجدّده، كما منع الطلعات الجوية الإسرائيلية وخروقات العدو البرية والبحرية والجوية"، مشدداً على أن المقترحات يجب أن ترتكز على ما يستتبع وقف الحرب من وقف كل الأعمال العسكرية التي تؤدي إلى حرب، إذ إنه منذ عام 2006 ولغاية اليوم، لا وقف لإطلاق النار في الجنوب، والخروقات الإسرائيلية يومية، منا هنا ضرورة التركيز على هذه النقطة، وهي غير موجودة في القرار 1701 وتُعدّ ثغرة كبيرة فيه".
وحطّ ملف الجنوب اللبناني على طاولة المباحثات الموسّعة التي عقدت أمس الخميس بين الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس، ورئيسة المفوضية الأوروبية أوسولا فون ديرلاين، ورئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي، إلى جانب أزمة اللاجئين السوريين التي تصدرت جدول النقاشات، والتي أعلن بعدها عن تقديم حزمة مالية للبنان بقيمة مليار يورو ستكون متاحة اعتباراً من السنة الجارية وحتى عام 2027، بذريعة دعم الاستقرار، أثارت ردود فعل غاضبة في أوساط سياسية وشعبية، اعتبرتها بمثابة "رشوة مالية للسلطات اللبنانية لإبقاء النازحين".
ودعت رئيسة المفوضية الأوروبية إلى التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1701، معتبرة أنه "يجب أن يشكل جزءاً من تسوية دبلوماسية متفاوض عليها، وهنا أيضاً، الجيش اللبناني أساسي، والاتحاد الأوروبي مستعدّ للعمل على كيفية تعزيز قدراته"، مشيرة أيضاً إلى أننا "نشعر بقلق بالغ إزاء الوضع المتقلّب في جنوب لبنان، فما هو على المحك هو أمن كلّ من لبنان وإسرائيل، ولا يمكن فصل الاثنين عن بعضهما".