لبنان: قصف متواصل وتراجع مؤشرات الحرب الشاملة بعد "رد" حزب الله

28 اغسطس 2024
آليات جيش الاحتلال الإسرائيلي قرب الحدود مع لبنان، 30 أكتوبر 2023 (فرانس برس)
+ الخط -

عادت المواجهات على الحدود اللبنانية الجنوبية مع فلسطين المحتلة إلى معادلتها السّابقة بعد إعلان حزب الله ردّه على اغتيال القيادي فؤاد شكر، يوم الأحد، باستهداف مواقع عسكريّة حسّاسة لدى الاحتلال الإسرائيلي في محيط تل أبيب، إذ يشهد الميدان عمليات عسكرية متبادلة بوتيرات مختلفة، بين التراجع والتصعيد، فيما تضاءلت مؤشرات الحرب الشاملة، أقلّه في المرحلة الحالية.

وعلى الرغم من تراجع حدّة العمليات في اليومين الماضيين، لكن الطيران الإسرائيلي يواصل استهداف القرى والبلدات الحدودية جنوبي لبنان، مستأنفاً ليل الثلاثاء – الأربعاء ضرباته على البقاع، مستكملاً كذلك سياسة الاغتيالات التي توسّعت فلسطينياً، بعدما تركزت في الفترات الماضية على المقاتلين والقياديين اللبنانيين، بالدرجة الأولى المنتمين إلى حزب الله.

من جهته، نفذ حزب الله، يومي الاثنين والثلاثاء، 7 عمليات عسكرية ضد مواقع وانتشار جيش الاحتلال عند الحدود اللبنانية الفلسطينية، وذلك بعد إعلانه استئناف ضرباته الموجّهة إسناداً لغزة ورداً على اعتداءات جيش الاحتلال على الاغتيالات وعلى القرى اللبنانية والمدنيين.

وفتحت هذه التطورات باب التساؤلات عن مصير جبهة لبنان وعنوان المرحلة المقبلة، خصوصاً مع تراجع سيناريو الحرب الشاملة في الفترة الراهنة، استناداً بشكل أساسي إلى دعوة الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، المواطنين إلى العودة إلى منازلهم بعدما غادروها بفعل التهديدات الإسرائيلية الأخيرة، وإشارته إلى أن البلد يمكن أن يرتاح حالياً، وأن الردّ على اغتيال شكر انتهى، غامزاً من قناة أن أي ردّ ثانٍ تبعاً للنتائج إن حصل سيكون بعيد التوقيت.

في الإطار، يقول مصدرٌ نيابي في حزب الله لـ"العربي الجديد"، إنّ "العمليات العسكرية دائماً مرتبطة بالميدان، الذي تبقى الكلمة له، وبالتالي لا علاقة للردّ على اغتيال شكر بوتيرتها، فنحن عدنا إلى المعادلة نفسها، بأن كلّ تصعيدٍ إسرائيلي سيواجَه بتصعيدٍ".

ويشير المصدر إلى أنّ "عمليات المقاومة مستمرّة والجبهة ستبقى مفتوحة طالما أنّ العدوان الإسرائيلي على غزة مستمرّ، ولا كلام آخر غير ذلك، وإذا أراد العالم الذي ينقل موفدين إلى بيروت برسائل مختلفة لمنع التصعيد، ووقف جبهة لبنان عليه أولاً أن يوقف جرائم العدو بحق الشعب الفلسطيني".

بدوره، يقول وزير الداخلية اللبناني السابق مروان شربل لـ"العربي الجديد"، إنّ "تراجع العمليات العسكرية على الحدود ليس علامة يمكن التوقف عندها، فهذه قابلة للتبدّل، كما الحال الذي كانت عليه منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وقد تشتعل الجبهة من جديد بأي وقتٍ، لكن العلامة الأساس تكمن في عدم نشوب حرب شاملة، وأن الوضع سيبقى كما كان خلال هذه الأشهر كلها، ولا سيما في المرحلة الأولى".

ويشير شربل إلى أن "المرحلة الأولى هي قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية، حيث الصراع في أوجِه بين الديمقراطيين والجمهوريين، وعلى أصوات الناخبين العرب والإسرائيليين، من هنا نرى أن الرئيس الأميركي جو بايدن يعمل وفق مقولة ضربة على الحافر وضربة على المسمار، فهو لا يريد خسارة أي من الناخبين العرب أو الإسرائيليين، لذلك يظهر بشكل الحريص على وقف الحرب، وينشط بعقد الاجتماعات والمفاوضات لوقف إطلاق النار في غزة، ويسعى لإيصال رسائل إلى الفلسطينيين والعرب بأنه يحاول، لكنه لم ينجح حتى الساعة، علماً أننا نعلم أنه لو أراد فعلاً ذلك وكانت هذه نياته، لتمكّن من وقف إطلاق النار في غزة".

ويضيف: "المشكلة التي لا يمكن رؤيتها الآن، تتصل بمرحلة ما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية ونتائجها والسياسة التي ستسير بها أميركا لناحية ما إذا كانت ستنفذ ما تريده إسرائيل وتؤيدها مائة في المائة أو لا. هذا الذي سنعيشه في المرحلة الثانية"، لافتاً إلى أنه "على صعيد لبنان، ستبقى الأمور على حالها خلال هذه الفترة، بغضّ النظر عن وتيرة العمليات". من ناحية ثانية، يعتبر شربل أنّ حزب الله ردّ على اغتيال شكر، وهناك ترقب للنتائج، لكن الرد الثاني برأيه سيكون من إيران، وهناك ترقب لتوقيته ونتائجه أيضاً.

من جهته، يرى الكاتب والمحلل السياسي فيصل عبد الساتر أنّ "الجبهة الجنوبية ستبقى مشتعلة في إطار جبهة الإسناد التي أعلنها حزب الله، ولن يتراجع عنها حتى وقف العدوان على غزة، وذلك بغضّ النظر عن التبدّل في الوتيرة، الذي سبق أن شهدته المواجهات مرات عدة منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول".

ويعتبر عبد الساتر أنّ "المسألة تكون مرتبطة في بعض الأحيان بالمجريات الميدانية، وليس بالضرورة أن يكون هناك قرار من هنا أو هناك، عدا عن أن هناك حسابات لدى كل فريق، لكن الجبهة بطبيعة الحال ستبقى مشتعلة والعمليات العسكرية لن تتوقف".

ويشير عبد الساتر إلى أنّ "علينا أن نلتفت إلى ما قاله نصر الله بأن ملف اغتيال شكر بالنسبة إلى حزب الله أقفل، إلا إذا تبين أن هناك شيئاً ما، ربطاً بالنتائج، وقد يكون هذا الكلام في إطار الحرب النفسية، لكن بالمبدأ الملف أُقفل بكونه ردّاً على العملية، وبحسب القراءة الموضوعية والمتأنية التي فيها متابعة لمجريات الميدان والسياسية، فإنه يمكن القول إنه بعد ما حصل يوم الأحد فإن فتيل الحرب الشاملة نزع بشكل كبير جداً وإمكانية الحرب الشاملة تراجعت بنسبة كبيرة".

ويردف الكاتب السياسي: "طبعاً لا يمكن الجزم نهائياً، لأن لا قدرة على تبنؤ ذلك أو معرفة حقيقة الأمور، لكن الواضح أن كل الأطراف لا تزال عند هذه الرغبة بعدم الذهاب نحو حرب شاملة باستثناء رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الذي كان يسعى لها إذا ما دخل معه الأميركي شريكاً أساسياً، وأن تكون الحرب مع إيران مباشرة، عدا ذلك إلى الآن ليس من مصلحة لأحد بالحرب الشاملة".

المساهمون