لبنان: إذن "غير كافٍ" لملاحقة الوزراء بانفجار المرفأ وتباين حول اقتراح الحريري

29 يوليو 2021
لا تفاؤل بحدوث تقدّم في ملف التحقيقات (Getty)
+ الخط -

قرَّرَ مجلس نقابة المحامين في بيروت إعطاء الإذن لملاحقة النائبَيْن علي حسن خليل وغازي زعيتر المدعى عليهما بانفجار المرفأ باعتبار أنّ "موضوع الطلب أو الفعل المنسوب إليهما غير ناشئ عن مزاولة مهنة المحاماة، وهما كانا وزيرين (مال وأشغال) وقيدهما معلّق في النقابة".

كذلك، قرَّرَ مجلس نقابة المحامين في طرابلس (شمال لبنان) إعطاء الإذن لملاحقة الوزير السابق يوسف فنيانوس للأسباب نفسها المذكورة أعلاه، "إذ ارتبط الفعل المنسوب إليه بمنصبه كوزير للأشغال وقيده هو الآخر عُلِّق عند توليه الوزارة".

وطلب المحقق العدلي القاضي طارق البيطار من الجهات المختصة أصولاً الإذن بملاحقة شخصيات سياسية وقادة أمنيين، وشملت لائحة استدعاءاته الوزراء السابقين الثلاثة الذين كان المحقق العدلي السابق القاضي فادي صوان ادعى عليهم مع رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب بتهمة الإهمال والتقصير والتسبب بوفاة وجرح مئات الأشخاص.

ويوضح الأستاذ الجامعي المتخصص في القانون الدستوري وسام اللحام، لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس، أنّ "هذه الحصانة ليست الوحيدة بالنسبة إلى المدعى عليهم ولا سيما زعيتر وعلي حسن خليل، فهما نائبان حاليان ووزيران سابقان إضافة إلى كونهما محاميين، وبالتالي فإنّ رفع النقابة الحصانة عنهما وإعطاءها الإذن لملاحقتهما لا يكفي طبعاً بغض النظر عن المسار المرتبط برفع الحصانات النيابية بوصفهما برلمانيَيْن والخلاف الدائر حول الإحالة إلى المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء".

وفي ما خصّ وزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس، يشير اللحام إلى أنّ "إعطاء الإذن بملاحقته خطوة إيجابية فهو ليس نائباً وكان يجب ملاحقته فوراً، ولكن المسؤولين السياسيين في البلاد يخترعون ويتلطّون خلف العريضة التي تقول بملاحقة الوزير أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء ما من شأنه أن يعرقل المسار".

في الرابع من أغسطس/ آب 2020، أودى انفجار مرفأ بيروت بحياة 214 شخصاً وأصيب فيه أكثر من 6500 شخص، ودمّر أحياءً عدة في المدينة. وعزته السلطات إلى انفجار ما بقي من 2750 طناً من مادة نترات الأمونيوم كانت مخزّنة منذ عام 2014 في العنبر رقم 12 في المرفأ.

وتقف الحصانات السياسية اليوم عائقاً أمام استدعاء نواب ووزراء سابقين ورؤساء أجهزة أمنية وعسكرية كانوا يعلمون، وفق تقارير، بمخاطر تخزين كميات هائلة من نترات الأمونيوم في المرفأ، ولم يحرّكوا ساكناً لإخراجها منه.

في السياق، يجول وفدٌ من كتلة "المستقبل" النيابية برئاسة النائبة بهية الحريري على الكتل النيابية لعرض ومناقشة الاقتراح الذي أعلن عنه الرئيس سعد الحريري ويقضي بـ"تعليق كل المواد الدستورية التي تعطي حصانة أو أصولاً خاصة بالمحاكمات لرئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وللقضاة والموظفين والمحامين"، وقد حاز حتى الساعة على تأييد رئيس البرلمان نبيه بري، بينما لن يؤيده تيار النائب جبران باسيل.

والتقى الوفد، اليوم الخميس، بري الذي أعرب عن تأييده "تعليق كل الحصانات تماشياً مع الاقتراح الذي تقدّمت به كتلة المستقبل".

ووضع بري الاتهامات التي تطاول مجلس النواب بالتفافه على قرارات المحقق العدلي في إطار "الغبار السياسي والإعلامي التحريضي غير المبرر على مؤسسة المجلس النيابي والمحاولات المكشوفة للاستثمار الرخيص بدماء الشهداء وأوجاع الجرحى"، على حدّ تعبيره، علماً أنّ بري كان عنواناً أساسياً للتحركات الأخيرة التي قام بها أهالي ضحايا انفجار مرفأ بيروت وشملت مقرّه في منطقة عين التينة حيث تعرّضوا للاعتداء، وذلك على خلفية حماية المرتكبين والمدعى عليهم برفض رفع الحصانات النيابية والتدخل الفاضح في عمل القضاء.

وقال بري إنّ "المجلس النيابي، وضمناً كتلة التنمية والتحرير (التي يرأسها)، على أتم الاستعداد لرفع الحصانات عن الجميع من دون استثناء بما في ذلك عن القضاء الذي وضع يده على قضية النيترات".

وأشار إلى أن "أصابع الاتهام لا تُوجه إلى من تعاون وسيتعاون إلى أقصى الحدود مع القضاء. أصابع الاتهام يجب أن تُوجه الى من يحاول الاستثمار في الدماء لأغراض باتت مكشوفة". علماً أنه لم يسمِّ هذه الجهات في حين يضعها المراقبون في خانة معركته مع رئيس الجمهورية ورئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل.

بعدها، استقبل أمين سرّ تكتل "لبنان القوي"، النائب إبراهيم كنعان، وفد "المستقبل" وقال بعد اللقاء الذي غاب عنه باسيل، "استمعنا بكل اهتمام إلى الاقتراحات وأبدينا ملاحظات حول خلفيات بعض البنود الواردة فيها ومدى تطابقها مع الهدف المنشود الذي يجب أن يؤمن حسن سير العدالة".

وأضاف كنعان، "نأمل في أن نكون جميعاً من دون استثناء أمام جلسة نيابية ترفع الحصانات وتؤكد أحقية صلاحية المحقق العدلي بالمثول أمامه من دون استثناءات". 

وأكد كنعان "أننا مع رفع الحصانات في كل الملفات، وأن لا تبقى أي حصانة على أي شخص ولكن من دون إبطاء، فتعليق الدستور يخضع في النهاية لآليات التعديل التي تستوجب وجود حكومة ودورة عادية للمجلس النيابي بالإضافة إلى مشروع قانون من الحكومة خلال مهلة 4 أشهر من إبلاغ رئيس المجلس الحكومة الاقتراح النيابي، وهذا قد يؤدي إلى وقف المسار".

ويقول المحامي نديم البستاني، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "اقتراح الحريري، وإن كان جيداً بمنطلقاته، لكنه أولاً يستدعي تعديلاً دستورياً، ولا إمكانية لذلك الآن خصوصاً لما يحتاجه من آليات صعبة ومعقدة تحتاج إلى الكثير من الوقت".

وثانياً، يضيف البستاني، "يمكن وضع الاقتراح في خانة اجتزاء الحلول بما يحضّر لمشاكل أخرى في المستقبل، إذ لا يمكن أن يكون مؤقتاً لتعليق الحصانات وحصرياً بجريمة المرفأ، لأنّ تحسين الاليات وأصول المحاكمات يجب أن يكون منهجيّاً فالخلل أوصلنا إلى هنا"، مشدداً بالتالي، على أنّ "العملية كلّها تصبّ في إطار المماحكات".

المساهمون