لا نتائج متوقعة من التحقيق باستهداف البعثات الدبلوماسية في بغداد: اللجنة مخترقة

09 أكتوبر 2020
يسعى العراق إلى ثني واشنطن عن قرار غلق سفارتها (أحمد الرباعي/فرانس برس)
+ الخط -

تؤكد قوى سياسية عراقية مختلفة عدم إمكانية وصول لجنة التحقيق باستهداف البعثات الدبلوماسية إلى نتائج بشأن المتورطين بعمليات القصف الصاروخي، لوقوف جهات متنفذة خلفها.

وأعلنت السلطات الأمنية العراقية، الأسبوع الماضي، عن قرب إصدار لجنة التحقيق في استهداف البعثات الدبلوماسية، التي شكلتها الحكومة أخيراً ومنحتها صلاحيات واسعة، قراراً في ضوء نتائج التحقيقات الجارية بالملف.

وشكّل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لجنة تحقيق ضمّت قادة ورؤساء أجهزة أمنية، للتحقيق في الخروقات التي تستهدف البعثات الدبلوماسية، على خلفية قرار واشنطن إغلاق سفارتها في بغداد، بسبب ما تتعرض له من هجمات.

ويسعى العراق إلى ثني واشنطن عن قرار غلق سفارتها، من خلال تعهدات قطعها لها بمنع الهجمات التي تتعرض لها مصالحها في العراق، واتخذت الحكومة وفقاً لذلك إجراءات مختلفة لمنع الهجمات، منها أمنية، وأخرى سياسية، تتمثل بالحوار مع عدد من القيادات المرتبطة بالفصائل، وأخرى قضائية، وهناك وساطات دولية ومساعٍ من قبل بعثة الأمم المتحدة في إطار الملف.

ويؤكد مسؤول في قيادة العمليات المشتركة العراقية، لـ"العربي الجديد"، أن لجنة التحقيق باستهداف البعثات الدبلوماسية، "مخترقة من قبل شخصيات لها ارتباط مع الفصائل المسلحة المتورطة بعمليات القصف الصاروخي، وهذا الأمر عامل مهم ورئيسي بعدم تمكنها من الوصول الى أي نتائج، خصوصاً أن كل التقارير السرية والخاصة باللجنة، ستسرّب إلى تلك الفصائل، وبل ربما إلى وسائل الاعلام من أجل إفشال عمل اللجنة".

وبيّن أن "لجانا كهذه يجب أن تشكَّل من قبل شخصيات عسكرية حصراً، من دون وجود أي شخصية لها انتماء سياسي أو تواصل مع الفصائل، فهذه اللجنة مخترقة من الجهات السياسية، وكذلك جهات لها ارتباط ودعم للفصائل، وعدد من أعضائها أبلغوا القائد العام للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي، بخطورة هذا الأمر". وأضاف المسؤول العراقي أنه "ربما خلال الأيام المقبلة، سوف يعمل الكاظمي على تغيير أعضاء هذه اللجنة، خصوصاً بعد عدم تمكنها من الوصول إلى أي نتائج، وربما أيضاً يكون هناك تعاون مع التحالف الدولي، لدعم عمل هذه اللجنة، فهذا الأمر مطروح، لكن أعضاء اللجنة من الجماعات السياسية والفصائل رفضوا هذا الأمر".

وأشار إلى أن "جهاز المخابرات العراقي وجهاز مكافحة الإرهاب لديهما معلومات مهمة حول الجماعات التي تقوم بعمليات القصف الصاروخي والجهات التي تقف خلفها، لكنها لا تريد كشفها في اجتماعات لجنة التحقيق خشية من تسريبها أو إيصالها إلى تلك الجماعات لتقوم بتهريب الشخصيات المتورطة بهذه الأعمال، كما يمكن لعمل اللجنة أن يكون بلا نتائج تذكر للرأي لعام، بسبب وقوف جهات ذات نفوذ سياسي وخارجي خلف تلك الأعمال".

وكشف عن أن الحكومة أصبحت لديها دلائل على تورط ثلاث مليشيات رئيسة بتلك الهجمات، من بينها كتائب "حزب الله" و"النجباء"، وتم استخدام سيارات وهويات ورخص مرور صادرة عن "الحشد الشعبي"، لكن الإعلان عنها سيدخل العراق في أزمة أمنية وسياسية أيضاً، والكاظمي بحاجة إلى دعم سياسي ما زال يفتقده حتى الآن.

وقال القيادي في ائتلاف "النصر" عقيل الرديني، بزعامة رئيس الوزراء العراقي الأسبق حيدر العبادي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "الحكومة العراقية تعرف الجهات التي تقف خلف عمليات القصف الصاروخي، خصوصاً أن الكاظمي كان على رأس جهاز المخابرات، وهو اليوم على رأس السلطة التنفيذية وعلى رأس القيادة العامة للقوات المسلحة، فإذا قلنا إن الكاظمي لا يعلم، فهذا ليس برئيس وزراء وليس بمسؤول، لكن في الحقيقة هو يعلم تلك الجهات".

وبيّن الرديني أن "الوضع حالياً أصبح محرجاًَ جداً للكاظمي، فهناك دخول على خط هذه الأزمة (القصف الصاروخي) للأمم المتحدة والولايات المتحدة الأميركية، وأطراف كثيرة، ولهذا اللجنة الأمنية العليا التي شكلها الكاظمي أخيراً، يجب أن تعلن نتائج التحقيقات وفق الاتفاق خلال 30 يوماً". وأكد أن "نتائج تحقيق تلك اللجنة لن تظهر كما هي، خصوصاً أن الحكومة العراقية تعلم نتائج تلك التحقيقات مسبقاً، من دون أي لجنة تحقيق، وتعرف الجهات التي تقف خلف تلك العمليات، لكن لا تستطيع أن تكشف عنها لوجود الكثير من الأسباب، خصوصاً أن هناك جهات كبيرة متنفذة داخلية، وهناك سفارات أجنبية متورطة بهذه الأعمال، ولهذا الحكومة العراقية في حرج كبير".

وأكد القيادي في ائتلاف "النصر" أن "لجنة التحقيق الأمنية العليا، سوف تعلن جزءاً من النتائج خلال الأيام الثلاثين القادمة، ولهذا فإنّ النتائج ستكون غير حقيقية، وعمل اللجنة بلا نتائج، من أجل عدم مواجهة تلك الأطراف، والتي قد تكون لها تبعات كثيرة وكبيرة على مختلف الأصعدة".

بدوره، قال النائب العراقي المستقل باسم خشان، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "الحكومات في العراق عندما تريد تسويف أي قضية، تشكل لها لجنة تحقيق، ولهذا، فإنّ حكومة الكاظمي تريد تسويف ملف استهداف البعثات الدبلوماسية والقصف الصاروخي، من خلال تشكيل لجنة خاصة بها".

وبيّن أن "حكومة مصطفى الكاظمي أعلنت تشكيل هكذا لجنة من أجل إيصال رسائل إلى المجتمع الدولي، بأنها غير راضية عن أعمال القصف وسوف تحقق بهذا الأمر وتحاسب المتورطين، لكن الحقيقة غير ذلك". وأضاف خشان أن "الكاظمي وأجهزة حكومته المختصة، يعرفون جيداً من يقف خلف عمليات القصف الصاروخي من الأطراف الداخلية أو حتى الخارجية، لكنهم لا يستطيعون التقرب منها، كونها جهات لها نفوذ سياسي وشعبي، وحتى لها نفوذ داخل حكومة الكاظمي والدولة العراقية بصورة عامة".

وأكد النائب العراقي أن "الجهات التي تقوم بعمليات القصف الصاروخي معروفة لدى الحكومة، وأن الكشف عنها ومحاسبتها لا يحتاج إلى أي لجان تحقيق"، قائلاً إن هذه اللجان ستكون بلا نتائج، وسيكون هدفها الرئيسي تسويف الملف، وعدم كشف الحقيقة، حتى لا تحرج الحكومة، وحتى لا يصل الأمر إلى سحب الثقة منها، إذا ما كشفت من هي الجهات السياسية والخارجية المتورطة بهذه الأعمال".

المساهمون