لا أمل كبيراً بإخراج مقرات المليشيات والجيش من الموصل

08 ابريل 2024
جندي عراقي في الموصل، ديسمبر 2023 (إسماعيل عدنان يعقوب/الأناضول)
+ الخط -
اظهر الملخص
- إدارة محافظة نينوى تسعى لنقل مقرات الفصائل المسلحة والجيش العراقي خارج الموصل لتعزيز الواقع المدني والاستثمار السياحي والاقتصادي، استجابة لشكاوى السكان من عسكرة المدينة.
- الطلب يحظى بدعم من أعضاء مجلس المحافظة وأكاديميين وناشطين، معتبرين نقل المقرات خطوة نحو تعزيز الاستقرار الأمني وفتح المجال للاستثمارات السياحية.
- تواجه الخطة تحديات، خصوصاً مع وجود فصائل مسلحة قوية داخل المدينة، مما يجعل إخراجها صعباً ويضع مستقبل نقل هذه المقرات في حالة من عدم اليقين.

تدفع إدارة محافظة نينوى، وعاصمتها المحلية الموصل شمالي العراق، باتجاه نقل مقرات الفصائل المسلحة والجيش العراقي إلى خارج مدينة الموصل، وذلك بعد تصاعد شكاوى السكان من عسكرة المدينة، على الرغم من مرور أكثر من 6 سنوات على استعادتها من تنظيم داعش. وأعلن محافظ نينوى عبد القادر الدخيل، في ندوة حوارية أُقيمت في مدينة الموصل الاثنين الماضي، إن "إدارة المحافظة خاطبت رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بطلب لنقل مقرات الحشد الشعبي خارج المدينة".

وبحسب الدخيل فإن "الطلب تضمّن نقل مقر قيادة عمليات نينوى (الجيش العراقي) في منطقة القصور الرئاسية وسط الموصل، إلى منطقة السلامية في ناحية النمرود جنوب شرق الموصل، إضافة إلى نقل تشكيلات عسكرية أخرى إلى خارج المدينة". وأضاف أن الطلب المقدّم بهذا الشأن يأتي في محاولة من الحكومة المحلية لتعزيز الواقع المدني في الموصل، ومنحها الصورة التي تميزها تجارياً وسياحياً واقتصادياً، وإعادة استثمار المواقع السياحية في منطقة الغابات التي باتت مناطق عسكرية مغلقة بسبب تواجد مقرات "الحشد الشعبي" والجيش العراقي فيها، ما يمثّل عائقاً أمام استثمارها كمناطق سياحية متميزة. كما أشار عضو مجلس النواب عن نينوى مزاحم الخياط، في كلمة له بالندوة نفسها، إلى أن انتشار المظاهر المسلحة داخل المدينة يمثّل أحد التحديات التي ما تزال تواجه الموصل بعد 7 سنوات على استعادة السيطرة عليها من تنظيم داعش.

محافظ نينوى: خاطبنا رئيس الوزراء بطلب لنقل مقرات الحشد الشعبي خارج المدينة

وبحسب مصادر في محافظة نينوى، فإن أبرز الفصائل المسلحة التي تمتلك مقرات لها في مدينة الموصل هي عصائب أهل الحق وكتائب سيد الشهداء وكتائب حزب الله والنجباء وبدر ولواء 30 المعروف أيضاً باسم حشد الشبك، واللواء 50 المعروف باسم كتائب بابليون. ومنذ الإعلان عن استعادة مدينة الموصل شمالي العراق من قبضة "داعش"، في يوليو/تموز عام 2017، تهيمن الفصائل المسلحة المنضوية في "الحشد الشعبي" على المشهد العام في المدينة، أمنياً وسياسياً واجتماعياً وأخيراً اقتصادياً، عبر ما بات يعرف بـ"المكاتب الاقتصادية".

تحرك محافظ نينوى يلاقي تأييداً واسعاً من قبل أعضاء في مجلس المحافظة وأكاديميين وناشطين في الموصل، أكدوا ضرورة إنهاء المظاهر المسلحة وعسكرة المجتمع في المدينة التي يعرف عنها الطابع المدني. وقال عضو مجلس محافظة نينوى أحمد العبد ربه، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "الطلب الذي تقدّم به محافظ نينوى إلى رئاسة الوزراء بشأن نقل المقرات العسكرية إلى خارج الموصل خطوة في الاتجاه الصحيح"، داعياً القائد العام للقوات المسلحة للتفاعل مع هذا الطلب من أجل إنهاء مظاهر عسكرة المجتمع.

واعتبر العبد ربه أن "نقل مقرات الحشد الشعبي والجيش العراقي إلى أطراف مدينة الموصل سيؤدي إلى استغلال المواقع التي يتم شغلها حالياً أو إحالتها للاستثمار، خصوصاً أن تلك المقرات تقع في منطقة الغابات وعلى مقربة من نهر دجلة، وتلك المنطقة تمثل مقصداً للأهالي لأغراض السياحة". وأشار إلى أن بقاء المقرات العسكرية في كل مكان دليل على أن الوضع الأمني غير مستقر، بينما مدينة الموصل تشهد اليوم استقراراً أمنياً لا تنعم به حتى المناطق والمدن التي لم تشهد سيطرة لتنظيم داعش. ولفت العبد ربه إلى ضرورة نقل مقرات الفصائل المسلحة التي تتواجد في الموصل وتنتشر بشكل منفصل عن المقر الرئيسي لهيئة "الحشد الشعبي"، مبيناً أن نقل مقر هيئة وأمن "الحشد" إلى خارج الموصل يؤكد ضرورة إنهاء وغلق المقرات العسكرية الأخرى التابعة للفصائل ونقلها إلى خارج المدينة.

من جهته، أكد الناشط السياسي والحقوقي البارز في مدينة الموصل أحمد المشهداني، في حديث لـ"العربي الجديد"، وجود "العشرات من مقرات الفصائل المسلحة داخل أحياء مدينة الموصل"، مبيناً أن تلك الفصائل تنتشر أيضاً في القرى والنواحي المحيطة بالموصل ومنها بادوش وسهل نينوى والقيارة وتلعفر وسنجار وغيرها. كما لفت إلى أن الفصائل تمتلك العديد من المكاتب والمقرات التي تتخذ منها مكاتب اقتصادية لممارسة أنشطتها المالية داخل المدينة. وأشار المشهداني إلى أن المقرات العسكرية والمكاتب الاقتصادية لم تغلق لغاية اليوم على الرغم من الوعود الحكومية المتكررة بغلقها. وأوضح أن الكثير من الأهالي يخشون تعرّض المواقع التابعة للفصائل لضربات جوية على غرار ما حدث في بغداد وبابل والأنبار خلال الأسابيع الماضية. كما لفت إلى أن انتشار الفصائل ومقراتها في الموصل يثير استفزاز الأهالي على اعتبار أن تلك الجهات لا تمثل المؤسسة العسكرية العراقية التي يعرفها سكان المدينة من جهة، وأن تحركاتها تهدف إلى تحقيق مكاسب اقتصادية من جهة أخرى.

من جهته، نوّه مدير مركز رصد للدراسات محمد غضوب، إلى أن عملية نقل المقرات العسكرية، في حال استجابة بغداد لهذا الطلب، ستشمل المقرات العسكرية الرسمية فقط بدون مقرات الفصائل المتواجدة في المدينة. وقال غضوب، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "محافظة نينوى تسعى منذ نحو عامين لتسليم الشرطة المحلية الملف الأمني في المدينة، وذلك يتطلب سحب كافة القطعات العسكرية من الحشود والجيش العراقي إلى خارج مركز الموصل، وتسليم إدارة الأمن بكل تفاصيله إلى الشرطة المحلية".

غضوب: عملية نقل المقرات العسكرية ستشمل تلك الرسمية فقط بدون مقرات الفصائل المتواجدة في المدينة

ورأى غضوب أن "إنهاء تواجد المقرات العسكرية داخل المدينة يعد أمراً جيداً وسينعكس إيجابياً على الواقع الاقتصادي والاستثماري وسير الحياة اليومية، على أن تشمل عمليات النقل مقرات الفصائل المسلحة التي لا ترتبط بالقيادات العسكرية الرسمية". وتوقع أن يستغرق أمر نقل مقرات قيادة الجيش و"الحشد" إلى خارج الموصل أشهراً عديدة، لكنه رجح عدم إمكانية غلق ونقل مقرات الفصائل إلى خارج المدينة وذلك لعدم قدرة الحكومة المحلية في نينوى ولا الحكومة المركزية على إغلاق تلك المقرات، حسب قوله.

واتفق مع ذلك الباحث السياسي مصطفى العبيدي، الذي أكد لـ"العربي الجديد" أنّ العديد من الفصائل المسلحة تعمل في مدينة الموصل خارج المنظومة الرسمية لـ"الحشد الشعبي". وأوضح أن "تلك الفصائل شنّت أخيراً هجمات صاروخية من محافظة نينوى باتجاه القوات الأميركية في سورية، وذلك دليل على أنها متواجدة في عموم مدن نينوى ومنها الموصل، وأنها تستخدمها منطلقاً لأعمالها وأنشطتها العسكرية. ورأى العبيدي أنه من الصعوبة إخراج تلك الفصائل من الموصل، ولكن من الممكن أن يتم نقل مقر هيئة "الحشد" وأمن الهيئة إلى مناطق أخرى، لافتاً إلى أنه المرجح أن تلك الفصائل جاءت إلى الموصل لتبقى. وتساءل عن سبب وجود هذه الفصائل إن لم تشترك في عمليات استعادة الموصل، لو لم تكن غايتها البقاء لأغراض سياسية واقتصادية وعسكرية.

المساهمون