أجرى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، اليوم الثلاثاء، مباحثات مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف في العاصمة الإيرانية طهران، بعد وصوله إليها مساء أمس الاثنين، في زيارة مخطط لها من قبل، تأتي في توقيت حسّاس، في ضوء استمرار المباحثات النووية في فيينا بين أطراف الاتفاق النووي، بما فيها روسيا، مع كلّ من إيران والولايات المتحدة على حدّ سواء، وكذلك بعد يومين من تعرض منشأة "نطنز" النووية الإيرانية لهجوم.
ويتصدر أجندة زيارة لافروف، بحث سبل تعزيز العلاقات الثنائية وتوسيع التعاون بين البلدين، وتطورات الاتفاق النووي والقضايا الإقليمية، في مقدمتها الأزمة السورية، وأمن الخليج وتوقيع تمديد معاهدة "أساس العلاقات المتبادلة ومبادئ التعاون بين إيران وروسيا" لخمس سنوات أخرى في ذكراها الـ20.
وبعيد إجرائهما مباحثات ثنائية، عقد ظريف ولافروف مؤتمراً صحافياً، تابعه "العربي الجديد"، ركزا فيه على أهمية العلاقات الثنائية، ومباحثات فيينا، وهجوم "نطنز" الأخير.
وأكد وزير الخارجية الإيراني أن "العلاقات الاستراتيجية بين إيران وروسيا أقوى من أي وقت مضى"، مشيراً إلى أنه أجرى "حوارات جادة وحميمية" حول الاتفاق النووي، والمزيد من التعاون لرفع العقوبات الأميركية المفروضة على إيران.
وجدّد ظريف، خلال المؤتمر الصحافي، تأكيد مواقف بلاده في ما يخص أزمة تنفيذ الاتفاق النووي، قائلاً إن بلاده مستعدة للعودة إلى التزاماتها النووية التي أوقفتها بعد رفع جميع العقوبات الأميركية والتحقق من إلغائها عملياً.
كذلك شكر روسيا على "موقفها القوي تنديداً بالعمل التخريبي في نطنز"، مؤكداً أن العملية "ستعزز" موقف طهران في مباحثات فيينا، غير أنه اعتبر أيضاً أنها "ستعقّد الوضع بالنسبة إلى الولايات المتحدة" في هذه المباحثات.
وهدّد ظريف بأن ردّ إيران سيكون "حازماً" على هجوم نطنز، مؤكداً أنها ستخصّب اليورانيوم في المنشأة "بمعدلات أكثر سرعة ومن خلال أجهزة أكثر تطوراً"، مع توجيه أصابع الاتهام إلى إسرائيل بتنفيذ الهجوم، مشيراً إلى أن فرصة مباحثات فيينا ليست مفتوحة، بل محدودة، داعياً الولايات المتحدة الأميركية والأطراف الأوروبية إلى العودة سريعاً إلى التزاماتهما بالاتفاق النووي، وضرورة الرفع الفوري للعقوبات عن إيران.
وشدد الوزير الإيراني على أن بلاده "لا تريد حرباً مع أحد"، مخاطباً الولايات المتحدة بالقول إن العقوبات و"العمل التخريبي" في نطنز "لا يشكلان أدوات ضغط تفاوضية" لها، ومؤكداً أن "الإرهاب النووي لن يجدي نفعاً".
وفي المقابل، قال وزير الخارجية الروسي، إنه بحث في مباحثاته مع ظريف الاتفاق النووي، وأهمية تنفيذ جميع الأطراف تعهداتها للحفاظ على هذا الاتفاق، فضلاً عن مناقشة الأمن والاستقرار في الخليج.
وأشار لافروف إلى العملية التي استهدفت منشأة "نطنز"، ملمحاً إلى أنها تستهدف إفشال مباحثات فيينا حول الاتفاق النووي، إذ أدان "أي محاولة لتقويض هذه المباحثات أو لعرقلتها".
وندّد وزير الخارجية الروسي بالعقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي ضد ثمانية أشخاص، بينهم قائد "الحرس الثوري" الإيراني حسين سلامي، وثلاثة سجون إيرانية، بدواعي انتهاكات حقوق الإنسان، قائلاً إنه إذا كان القرار بشأن هذه العقوبات "قد اتخذ متعمداً، بينما تجري مباحثات فيينا، فهو خطأ أسوأ من جريمة".
ودعا لافروف الولايات المتحدة إلى رفع جميع العقوبات عن إيران، مشيراً إلى أن هذا الموضوع "محل نقاش" في فيينا.
خسائر هجوم "نطنز"
من جهته، أكد المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، علي ربيعي، خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي الافتراضي، اليوم الثلاثاء، أن "الهجوم والعمل التخريبي في نطنز خلّف خسائر"، من دون أن يكشف عن حجمها، معتبراً أنه "دليل على فشل الأعداء وتطور الصناعة النووية الإيرانية".
وعزا الهدف من العملية إلى "منع توسيع قدرات إيران، من جهة، وإفشال المفاوضات الناجحة لرفع العقوبات الظالمة"، داعياً المجتمع الدولي والوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى مواجهة "هذا الإرهاب النووي".
وأعلن ربيعي أن بلاده "تحتفظ بحقها في الردّ على المخططين والآمرين والمنفذين لهذا الهجوم"، مشيراً إلى أنها "بهدف إحباط أهداف الآمرين بهذا العمل الإرهابي، ستواصل بجدية تعزيز التقنية النووية والجهود لرفع العقوبات الظالمة". وأضاف أن الهجوم "على الرغم من أنه خلّف أضراراً محدودة لنشاط التخصيب، لكن منظمة الطاقة الذرية (الإيرانية) طمأنت إلى أنها خلال وقت قصير ستعوض عن الجزء الكبير من الأضرار، وستستخدم التقنيات الأحدث لأجل إعادة بناء ما تضرّر وفقاً للقرارات المتخذة".
وطالب المتحدث الإيراني، الولايات المتحدة وجميع أطراف الاتفاق النووي بالتنديد بهجوم "نطنز"، مؤكداً أن "الغاية من الهجوم منع استمرار المسار الدبلوماسي البنّاء، لكننا لن نسمح للأعداء بتحقيق أهدافهم السياسية".
ويأتي هذا الموقف لحكومة الرئيس الإيراني حسن روحاني، الذي ستنتهي ولايته بعد أربعة أشهر تقريباً، وسط تكثيف جهوده لرفع العقوبات قبل تسليم الحكومة، بينما طالبت جهات محافظة خلال الأيام التي أعقبت هجوم "نطنز" بالانسحاب من مفاوضات فيينا، رداً على الهجوم.
وشنّت صحف ووسائل إعلام محافظة خلال هذه الأيام هجوماً على الحكومة وتركيزها على اتهام إسرائيل بالوقوف وراء الهجوم من دون اتهام الولايات المتحدة، مؤكدة أن الأخيرة "ضالعة في العملية أيضاً".
وأشار المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، خلال مؤتمره الصحافي، إلى زيارة وزير الخارجية الروسي لطهران، قائلاً إن الزيارة تهدف إلى توسيع علاقات التعاون بين البلدين وتمديد معاهدة التعاون لخمس سنوات أخرى، فضلاً عن تبادل وجهات النظر بشأن مباحثات فيينا ورفع العقوبات.
وبين إيران وروسيا، معاهدة "أساس العلاقات المتبادلة ومبادئ التعاون"، انتهت صلاحيتها في 12 من الشهر الماضي مع حلول الذكرى الـ20 لها، مددتها طهران وموسكو لمدة خمس سنوات أخرى، وسط تأكيد الطرفين أهمية العلاقات الثنائية والمضي قدماً لتطويرها في مختلف المجالات في بيانات منفصلة أصدرتها خارجية إيران وروسيا بهذه المناسبة، خلال الشهر الماضي، واليوم الثلاثاء خلال زيارة لافروف، تم التوقيع على تمديد المعاهدة.
ووقّع الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يوم 12 مارس/ آذار 2001 على معاهدة "أساس العلاقات المتبادلة ومبادئ التعاون" بين البلدين، التي تتكون من 21 مادة ترسم آفاق التعاون بينهما في مختلف المجالات.