كيف ينظر الشارع الأفغاني لقرار خفض القوات الأميركية في البلاد؟

18 نوفمبر 2020
تزعم الحكومة بأن خفض القوات لن يؤثر سلباً على أمن البلاد (أليفييه دوليري/ فرانس برس)
+ الخط -

في ظل التصعيد المتزايد في أفغانستان بالتزامن مع تعثر عملية المفاوضات بين الحكومة الأفغانية و"طالبان"، عمّ القلق الأوساط الأفغانية عموماً، وبين من يراقب الوضع الأمني عن كثب على وجه الخصوص، إزاء إعلان الإدارة الأميركية خفض قواتها في البلاد إلى 2500 جندي بحلول العام المقبل، في وقت تزعم الحكومة الأفغانية بأن خفض القوات الأميركية لن يؤثر سلباً على أمن البلاد، لأن الجيش الأفغاني بمفرده يقوم حالياً بالعمليات ضد "طالبان" والجماعات المسلحة، مع اعتقادها أنه بموجب الاتفاقية بينها وبين أميركا، ستقوم واشنطن بدعم القوات الأفغانية إذا دعت الحاجة إلى ذلك.

وفي هذا الخصوص، يقول المحلّل الأمني أحمد زبير عصمت لـ"العربي الجديد" إن "المعضلة الأساسية في بلادنا هي نزيف الدم المستمرّ بين الأطياف الأفغانية، سواء كان ذلك في وجود القوات الأميركية أو في عدمه، ولكن لدى خروج القوات الأميركية أو خفض عددها قبل وصول الأطراف الداخلية إلى حلّ، يزيد التوقعات بتلاشي النظام الحالي ودخول بلادنا في أتون حرب أهلية".

ويضيف أن "ذاكرة الأفغان تحتفظ بذكريات مريرة تعود لتسعينيات القرن الماضي، بعد سقوط النظام بيد المجاهدين، الذين اقتتلوا في ما بينهم لاحقاً، ما جعل كابول أثراً بعد عين، ويخشى الأفغان تكرار ذلك السيناريو مرة أخرى"، خاتماً بأن "استعجال الحكومة الأميركية لا يصب في مصلحة بلادنا، نحن نريد خروج القوات الأجنبية ولكن بعد الوصول إلى حل بين الأطراف الأفغانية".

كذلك، يقول الزعيم القبلي في إقليم ننجرهار عبد الوهاب خان لـ"العربي الجديد" "إننا نأمل في نجاح عملية المفاوضات الجارية بين الحكومة الأفغانية و"طالبان" في الدوحة قبل خفض عدد القوات الأميركية، لأني أخشى من سيطرة طالبان على كابول بقوة، ما قد يدفعنا صوب حرب أهلية جديدة لا تحمد عقباها".

وبخلاف الرأي العام، يرى القائم بأعمال وزير الدفاع الأفغاني أسد الله خالد أن خفض عدد القوات الأميركية أو خروجها بالكامل لن يؤثر سلباً على أمن البلاد، لأن 96 في المائة من العمليات ضد المسلحين يقوم بها الجيش الأفغاني بمفرده.

وقال خالد أثناء تقديم إيجاز للبرلمان حول الوضع الأمني في البلاد والمستجدات الأخيرة أمس الثلاثاء، إن "بين بلاده وأميركا، وبين الأولى وحلف شمال الأطلسي "الناتو"، اتفاقيات استراتيجية طويلة المدى، تقوم هي بموجبها بدعم القوات الأفغانية القادرة على الدفاع عن أراضيها وسيادة الدولة".

كذلك شدّد خالد على نقطتين هما أن "الشراكة الاستراتيجية بين كابول وحلفائها، تحديداً الولايات المتحدة الأميركية، هي طويلة المدى، وأن القوات الأفغانية قادرة على الدفاع عن أراضيها وسيادة بلادها"، لافتاً إلى أن "عدد القوات الأميركية، كما يمكن خفضه، كذلك يمكن زيادته في الفترة المقبلة، نظراً للوضع العام في البلاد".

 

بدوره، قال الناطق باسم الرئاسة الأفغانية صديق صديقي في مؤتمر صحافي له في كابول، إن "الولايات المتحدة الأميركية والناتو لهما اتفاقيات استراتيجية مع أفغانستان، وهي لن تتخلّى عنها ولن تترك أفغانستان لتصبح أوكاراً للإرهابيين".

كذلك كرّر صديقي ما قاله وزير الدفاع، بالقول إن "القوات الأفغانية قادرة على ردع المسلحين والدفاع عن الأراضي وسيادة الدولة مع الحفاظ على الإنجازات التي أحرزتها أفغانستان في شتى المجالات خلال عقدين ماضيين"، مشدداً على أن "بلاده ما زالت تواجه خطر الإرهاب من قبل "طالبان" و"القاعدة" والعديد من الجماعات الإرهابية الأخرى".

على الضفة الأخرى، لا شك في أن أي خطوة بشأن انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان مرحب بها من قبل "طالبان"، إلا أنها لم تعلّق على الإعلان الأميركي الأخير، لكنها رحبت في مرات سابقة بالانسحاب، معتبرة ذلك نجاحاً لها.

وكان وزير الدفاع الأميركي بالوكالة كريستوفر ميلر قد أعلن في مؤتمر صحافي أمس الثلاثاء قرار بلاده خفض قواتها في أفغانستان بحلول العام المقبل إلى 2500 جندي وسحب باقي الجنود.

يذكر أن توافق الدوحة بين "طالبان" وواشنطن ينصّ على سحب جميع القوات الأميركية من أفغانستان في منتصف العام المقبل، شرط نجاح عملية المفاوضات بين الحكومة الأفغانية و"طالبان".

ومع مضي حوالي شهرين على المفاوضات بين الأطياف الأفغانية، لم تتمكن لجنة التواصل المشتركة بين الطرفين من وضع "مدونة السلوك" للحوار على المواضيع الأساسية، ما خيب آمال الأفغان إلى حدّ ما حيال العملية.

المساهمون