كيف توغّل "داعش" في السعودية عبر "تويتر"؟

21 يوليو 2015
يستخدم التنظيم الصور المرعبة للترويج لنفسه (GETTY)
+ الخط -
على الرغم من أنّ الجهات الأمنية السعودية نجحت في القبض على نحو 144 مغرداً مرتبطاً بالترويج لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) إلا أن مختصّين في وسائل التواصل الاجتماعي يؤكدون أن هذا الرقم يعني البداية فقط، وأنه مجرد رأس جبل الجليد لا أكثر.

المصدر الأول

وكشفت دراسة نشرها مرصد "بروكينغز" الأميركي تحت عنوان "تعداد داعش على تويتر" أنّ ما لا يقل عن 46 ألف حساب على موقع التواصل الاجتماعي تويتر تعمل لصالح تنظيم "داعش". وأشارت إلى أنّ "هناك أكثر من 866 حساباً داعشياً نشطاً في مجال الترويج والتجنيد في السعودية وآلاف الحسابات المؤيدة والداعية، التي تقوم بنشر قرابة ثلاثة ملايين تغريدة سنوياً". وبحسب هذا الدراسة، فإنّ السعودية هي المصدر الأول للتغريدات، بينما حلّت سورية في المرتبة الثانية مع 507 حسابات، والعراق مع 453 حساباً. وفي المرتبة الرابعة كانت الولايات المتحدة الأميركية بـ 404 حسابات، ثم مصر بـ 326 حساباً، وبعدها الكويت بـ300 حسابٍ، وتركيا في المرتبة السابعة بـ 203 حسابات، وفلسطين بـ 162 حساباً، ثم لبنان بـ141 حساباً، ثم بريطانيا بـ139 حساباً، وأخيراً تونس بـ125 حساباً.

الإحصائية نُشرت في مارس/آذار الماضي، ورصد الحسابات تمّ في سبتمبر/أيلول من العالم 2014 الماضي، وحتى ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه. وقال المرصد إنّ بعض مصادر التغريدات لا تعود بالضرورة إلى هذه البلدان، بل قد تكون استراتيجيّة اعتمدها التنظيم لزرع الخوف في نفوس مواطني هذه البلدان.

وكشفت الدراسة أيضاً عن وجود أكثر 3 ملايين تغريدة تروج وتؤيد "داعش" على تويتر في السعودية، وأكثر من 1.7 مليون مقطع فيديو إرهابي. وتعترف إدارة "تويتر" بأنه في ظل وجود أكثر من 288 مليون حساب، فإنّها لا تملك القدرة على مراقبة كل حساب ومتابعة من أين ظهر وماذا يقول. هذا علماً أنّ الموقع حذف أكثر من 10 آلاف حساب مؤيد للتنظيم.


استغلال الشباب

يتوقّع المختص في وسائل التواصل الاجتماعي حبشي الشمري، أن يكون الرقم هذا العام ضعف ما كان العام الماضي إن لم يكن أكثر. ويؤكد الشمري أنّ تركيز "داعش" على "تويتر" في السعودية يعود لانتشار هذه الوسيلة بين الشباب صغار السن، الذين يمكن أن ينخدعوا بسهولة. ويقول لـ "العربي الجديد": "يروّج هؤلاء لأفكارهم في عقول الشباب السعوديين، مستغلين ضعف الرقابة الأسرية، وسهولة التواصل والإقناع، خاصةً أنهم وجدوا أرضيّة خصبة في عقول بعض المتشددين الذين تربوا على مفهوم الجهاد والشهادة، دون أن يفهموا كيف يمكن أن يكونوا شهداء، فتوقعوا أن قتل مسلمين مثلهم أو حتى أقرباء لهم سيدخلهم الجنة".

اقرأ أيضاً: 10 علامات تُعرّفك إلى المغرّد الداعشي

نشاط داعش على "تويتر" دفع البعض للمطالبة بحجب الموقع بالكامل "حتى يتم القضاء على "داعش"، خاصةً بعد موجة التجنيد التي يشنها التنظيم ضد الشباب السعودي عبر استغلاله موقع التواصل الاجتماعي، وهي أصوات بدأت تتعالى بعد إعلان وزارة الداخلية منذ يومين. ويقول الكاتب السعودي مشاري الذايدي إنّ السعودية ليست بحاجة لـ "تويتر"، ويُطالب بـ "إغلاق الماسورة التي يتسرب منها داعش للعقول". ويضيف: "المنع هو الحل، مثلما تمنع المجنون أو الطفل من العبث برشاش كلاشينكوف مذخر". وبدأت هذا الأصوات تجد من يسمع لها، غير أن المتحدث الأمني في وزارة الداخلية اللواء منصور التركي أكد أن السلطات السعودية لن تلجأ لهذا الخيار.

وقال التركي: "تويتر خدمة خاصة، لا يمكن لأحد أن يفرض كيف يمكن لشخص أن يستفيد منها، وأن هذا تحكمه الشركة وليس بهذا الأسلوب تكافح السعودية الإرهاب، إذ لم تستخدم المملكة أسلوب المنع حتى في أوج نشاط تنظيم القاعدة في السعودية، وأن الأسلوب الذي ستتبعه المملكة هو مهنية الرصد والتكامل بين الأمن والمجتمع وليس المنع". وشدد اللواء التركي على أن "داعش" يستغل "تويتر" للتجنيد كخيار أساسي لديها. وأضاف: "يعتمد "داعش" على التجنيد عبر شبكات الاتصال الاجتماعي، ومن الصعب كشفها لأنها كالسم القاتل والجميع يتواصل بها وقد يتعرض لدعاية داعش".

حملات مضادّة

وللحد من خطورة هذا التجنيد، نشطت في الأسابيع الماضية حملة شعبية لإغلاق الحسابات الداعشية، من خلال القيام بحملات إبلاغ (سبام) للحسابات التي تؤيد التنظيم. ونجحت الحملة، بحسب القائمين عليها في إغلاق نحو 260 حساباً. ولكن في المقابل شن مناصرو "داعش" حملة مضادة.

اقرأ أيضاً: (فيديو) تحرش جماعي بفتاتين في السعودية: حجة الاحتشام أيضاً!

ويؤكد الأستاذ في التكنولوجيا والمختص في وسائل التواصل الاجتماعي الدكتور ماجد الحمود، أنّ "الحرب على "داعش" في مواقع التواصل الاجتماعي تأخرت كثيراً". ويقول لـ "العربي الجديد": "منذ أكثر من عام ونحن نطالب بمتابعة الحسابات الداعشية، ونقول إن الداعشيين ناشطون على "تويتر" بالتحديد، ولكن كان هناك عدم اهتمام به. والآن بعد أن تحول الأمر لمشكلة كبيرة بدأت الجهات المختصة تتحرك". ويضيف: "في تصوري الوقت بات متأخراً جداً، فهناك آلاف الحسابات التي يديرها مختصون، باتوا على خبرة كبيرة في إدارة الحسابات، والـ144 مطلوبا الذين تم القبض عليهم بالتأكيد دربوا المئات غيرهم، وسنكون وكأننا نطفئ حريق غابة بطفاية حريق خاصة بالسيارات.. أي أنّ ما يحترق سيكون أكثر مما يتم إطفاؤه".

كانت الأرقام التي أعلنتها وزارة الداخلية السعودية صادمة بالنسبة للبعض. وبعد الإعلان، أطلق مغردون وسوماً عدّة دونوا عليها أكثر من 940 ألف تغريدة ضدّ التنظيم وتهدف إلى محاربته في ساعات قليلة.
وكان من بين هذه الوسوم: "#السعودية_تحبط_مخططات_داعش"، "#خلايا_داعش"، "#تنظيم_داعش_الإرهابي"، "#مواجهه_ارهاب_داعش_الكترونيا"، و"#حملة_توعية_الشباب_من_الفكر_الداعشي"، و"#مع_السعوديه_ضد_الارهاب". هذا بالإضافة إلى "#شكرا_رجال_امننا_فخورين_بانجازاتكم"، "#احباط_جريمة_تفجير_المساجد"، و"#شكرا_رجال_الامن".

وقبل إعلان وزارة الداخليّة بيانها حول محاربة "داعش"، أطلق المغردون حملةً لـ "طرد الدواعش من "تويتر"، مستخدمين وسم "#حملة_جيش_سبام_الدواعش"، نشر عليه أكثر من 370 ألف تغريدة حينها. وقال الإعلامي خلف البقمي: "تنظيم داعش المتطرف يركز على برامج التواصل الاجتماعي وخاصةً "تويتر" بالتغرير بالشباب، الرقابة يجب أن تفعّل أكثر". وأضاف عبد العزيز السويد: "الأدوات الصغيرة للتنظيمات الإرهابية #داعش وملحقاتها لا تعلم عن الأهداف الكبيرة لمن يحركها".