كيف تطور إسرائيل نظام "سكوربيون" القلب المستقبلي للدفاع الفرنسي؟

30 مارس 2021
تحضر إسرائيل في معارض الأسلحة الفرنسية (جيرار جوليان/فرانس برس)
+ الخط -

لن يكون للجندي سوى شاشة نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) وبندقيته

اختبرت إسرائيل طائراتها بلا طيار في الأراضي الفلسطينية المحتلة

أطلق ساركوزي "الحوار الاستراتيجي" الفرنسي الإسرائيلي عام 2008

في ظل غموض تام، يتعاون عسكريون ومهندسون فرنسيون وإسرائيليون على حرب المستقبل التي تجمع بين القيادة الرقمية والطائرات بلا طيار والروبوتات، وذلك على الرغم من كون البلدين متنافسين أيضاً في مجال مبيعات الأسلحة، خصوصاً في أفريقيا.
إذا كانت فرنسا ثالث أكبر مصدّر للأسلحة في العالم، فإسرائيل تحتل حالياً المرتبة الثامنة، وهو "إنجاز" لافت نوعاً ما بالنظر إلى حجم هذه الدولة. وإذا كان للبلدين علاقات ودية في العديد من المجالات، فالأمر يبدو أكثر تعقيداً في مجال الدفاع. فمن جهة يجد صناعيو البلدين أنفسهم في بعض الأحيان في وضعية المتنافسين، كما يشتهر الإسرائيليون بـ"كسر" الأسعار من أجل الاستيلاء على أسواق السلاح. ومن جهة أخرى، وعلى الخصوص، لأن الإسرائيليين يوجهون أنظارهم بإصرار نحو محمية تقليدية للجيش وتجار السلاح الفرنسيين: أفريقيا. فمنذ اتفاقيات أوسلو، استثمرت إسرائيل كثيراً في القارة الأفريقية، لا سيما في مجال "حماية" السلطات القائمة.

صحيح أن ضباطاً وعملاء فرنسيين وإسرائيليين يتعاونون بتكتم في بعض الجبهات، مثلاً مع الجيش الكاميروني في شمال الكاميرون في القتال ضد "بوكو حرام". لكن في ياوندي نفسها، عاصمة البلاد، وهي أحد أعمدة الـ"فرنسافريك" (Françafrique)، يقوم مرتزقة إسرائيليون منذ مدة طويلة بتأطير كتيبة التدخل السريع (BIR)، وهي وحدة نخبة موضوعة تحت قيادة الرئيس بول بيا. وتقوم الشركات الإسرائيلية بتجهيز كتيبة التدخل السريع، خصوصاً ببنادق هجومية. وهذا من شأنه إزعاج الصناعيين الفرنسيين الذين تعد الكاميرون زبوناً تقليدياً لديهم.


إسرائيل تبيع فرنسا أنظمة المراقبة الإلكترونية وطائرات بلا طيار وحتى الجنود الآليين

يقول مهندس في القطاع العسكري: "نحن في تنافس كبير في السوق الأفريقية، لكننا في الوقت الحالي متجاوزون. لقد أخذت إسرائيل الأسواق في المناطق الخطرة مثل نيجيريا، البحيرات الأفريقية، زيمبابوي ومالاوي. أما صناعيونا، ولا سيما تاليس وسافران، فهم منقسمون، في حين أن الإسرائيليين متحدون جداً". أخيراً، وربما هذا هو الأهم، يعود ذلك لكون العلاقة قد انعكست: ففي الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، كانت فرنسا تبيع الأسلحة لإسرائيل. أما اليوم فإسرائيل تبيعها أنظمة المراقبة الإلكترونية وطائرات بلا طيار وحتى الجنود الآليين. يعد ذلك مزعجاً بعض الشيء للعزة المفرطة لعسكريي وصناعيي قطاع الدفاع الفرنسي. وإذا كان أعضاء جماعات الضغط في "إلنت" وممثلو التجارة الفرنسية-الإسرائيلية لا يكفون عن الإشادة بجودة "الحوار الاستراتيجي" بين البلدين، والذي يمكن ترجمته من دون لغة خشبية على النحو التالي: "من يبع أية أسلحة ولمن، عليه ألا يمشي على مجالي"، فإن الأصوات تصبح جد خافتة عندما يتعلق الأمر بالحديث عنها بدقة أكبر.

يقول أحد النواب: "لا، لن أعطيكم أرقاماً، أولاً لأنني لا أعرفها في الأساس". وتضيف منتخبة أخرى: "تعلمون، كل هذا يجري من تلقاء نفسه ولا نعرف الكثير". ويشرح آري بن سمحون، مدير "إلنت-فرنسا" (Elnet France): "هناك تبادل معلومات". ويضيف: "على المستوى العسكري والاستراتيجي ومكافحة الإرهاب، التعاون جيد بين البلدين".
من جهته، يلاحظ باتريس بوفيريه، من مرصد التسلح، أن "الغياب الجلي للشفافية الذي يميز المجال العسكري - تحت غطاء سرية الدفاع المتزاوج بالسرية التجارية- إشكالي بصفة خاصة".

"إلبيط" تطور الوصلة الرقمية لبرنامج "سكوربيون"
هكذا لا يعرف المنتخبون والجمهور العريض على السواء مشاركة إسرائيل في البرنامج الخفي المسمى "تآزر الاتصال المعزز بتعدد الاستخدامات وتثمين المعلومات" (سكوربيون/العقرب)، وهو في قلب استراتيجية القوات البرية الفرنسية للعشريات المقبلة.
يتمثل الجانب المرئي منه في تجديد المركبات المدرعة، مع إطلاق المركبة المدرعة "غريفون" (Griffon) التي سيتم نشرها في الساحل في خريف عام 2021. لكن محرك برنامج سكوربيون يتمثل في تطوير قيادة رقمية واحدة تعتمد على وصلة مشتركة تسمح للجنود المنتشرين في الميدان، وكذلك للأدوات العسكرية الجديدة مثل الطائرات بلا طيار والروبوتات، بأن تكون متصلة في وقت واحد لتستبق بالتالي ردود فعل العدو.

تشرح متخصصة: "سنجد في قلب حرب المستقبل جندياً بحمولة أخف. هو يحمل اليوم ما يصل إلى 38 كيلوغراماً مقابل 40 كيلوغراماً خلال حرب 1914-1918. لا يزال هامش التحسين ضخماً. في نهاية المطاف، لن يكون للجندي سوى شاشة نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) وبندقيته وقنينة الماء الخاصة به. وسيتم توجيهه بواسطة البوصلة الرقمية وتساعده طائرات بلا طيار للحصول على رؤية واسعة و"بغال-روبوت" لنقل الأحمال الثقيلة وإجلاء الجرحى عند الحاجة".


الفكرة المركزية في برنامج سكوربيون هي الحرب من دون ضوضاء

ستكون إذاً المعلومات المتاحة للجندي على جهاز تحديد المواقع (GPS) الخاص به عبر سكوربيون حاسمة، وتطوير البوصلة الرقمية هو في صميم التعاون الفرنسي الإسرائيلي السري.
وتتابع المتخصصة: "الفكرة المركزية في برنامج سكوربيون هي الحرب من دون ضوضاء، وإن أمكن ذلك تفادي حرب الدم، أي أن يكون هناك أقل عدد ممكن من القتلى الجنود. ينظم سكوربيون التشغيل المتوافق بين دبابة وسفينة ودراجة نارية وطائرة بلا طيار وروبوت وجندي على الأرض. إنه برنامج مهم للغاية، يشارك فيه كبار مصنّعي الأسلحة الفرنسيين، ولكن أيضاً شركة إلبيط الإسرائيلية التي اكتسبت خبرة كبيرة في مجال الأنظمة المستقلة".

"يدمجون تقنيات الطائرات بلا طيار في الطبيعة"

اكتسبت إسرائيل هذه الخبرة التي تسهل التحليل التفصيلي لميدان معيّن بفضل طائراتها بلا طيار المنتشرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة. تقول المهندسة: "إسرائيل تتقدّم في ثلاث نقاط رئيسية. أولاً، محو ضجيج المحرك الصوتي للطائرات بلا طيار. إنه تقدّم كبير، نحن بصدد تحقيق إخفاء الضجيج، وهو موضوع نعمل عليه كثيراً أيضاً في فرنسا".
ثم هناك تصغير حجم الطائرات بلا طيار. الطائرات-الحشرات بلا طيار التي تثير مرحنا في أفلام جيمس بوند هي بالفعل في الخدمة وتم اختبارها من قبل الجيش الإسرائيلي في غزة. تؤكد المتخصصة أنهم "يدمجون مجال تقنيات الطائرات بلا طيار في الطبيعة". وأخيراً هناك محو الآثار الرقمية وتحديد إشارات "العدو" الاستراتيجية، لأن القيادة الرقمية هي في قلب برنامج سكوربيون/العقرب.

تواصل الخبيرة: "يجب عدم كشفك وفي الوقت نفسه عليك اكتشاف الآخر. يعرف الإسرائيليون كيف يختبئون، وتحديد الأماكن، والتفسير والتحليل والتشويش. الفكرة، هنا أيضاً، هي أن تكون غير مرئي وشديد الصمت. ما يؤسس شراكتنا مع إسرائيل هي تلك الاختراعات، البسيطة، المنجزة من قِبل أفضل المهندسين الذين اكتسبوا خبرتهم في المراقبة والقمع في الأراضي الفلسطينية وغزة".
يُعتبر سكوربيون مهماً جداً لصناعة الدفاع الفرنسية لأن البرنامج يهدف، فضلاً عن أن الجيش زبونه خلال الإطلاق، إلى التصدير. وليس من المستغرب أن نعرف أن أول مشترٍ لسكوربيون هي أبوظبي. لطالما كانت الإمارات زبونة جيدة جداً للأسلحة الفرنسية، وأخيراً صديقة لإسرائيل أيضاً.

خارج الإحصائيات الرسمية
خارج برنامج سكوربيون/العقرب، الذي لا تُعرف فيه التكلفة المالية للمهندسين الإسرائيليين لشركة "إلبيط"، يراقب البرلمان حجم تبادلات الأسلحة. خلال الفترة 2010-2019، حسب التقرير الذي قدّمته وزارة الدفاع الفرنسية إلى البرلمان، بلغت قيمة الأسلحة التي سلّمتها فرنسا لإسرائيل 208 ملايين يورو. وهو مبلغ جد ضئيل مقارنة بالمبيعات إلى السعودية (8,7 مليارات)، والإمارات (4,7 مليارات) وقطر (4,1 مليارات) أو إلى مصر (6,6 مليارات).
في المقابل، لا يُعرف مبلغ مبيعات إسرائيل لفرنسا من الأسلحة والأنظمة الأمنية للجيش والشرطة. العتمة العالمية التي تميز سوق الأمن السيبراني، والذي تلعب فيه إسرائيل دوراً رئيسياً، تجعل من الصعب تكوين أي فكرة عن حجم المبيعات. يقول هنري كوكيرمان، رئيس غرفة التجارة والصناعة الفرنسية الإسرائيلية: "الشراكات العسكرية والأمنية لا تدرج في الإحصاءات الرسمية".

نقطة تحوّل سنوات 2000
قبل أن تصبح فرنسا وإسرائيل مهووستين بالرقمية، أعيد إطلاق التعاون العسكري بين البلدين في بداية سنوات 2000 في قطاع الطائرات بلا طيار. يوضح خبير عسكري: "لم تكن فرنسا متقدمة جداً في هذا المجال في ذلك الوقت. وكان عليها أن تحرز تقدماً في مجال حروب المدن، وهي مسألة حساسة بشكل خاص في أفريقيا، إذ يُعتبر استعمال طائرات هليكوبتر حلاً مكلفاً وصاخباً للغاية. وكانت إسرائيل آنذاك سيدة في ميدان الطائرات بلا طيار. فحتى لو كانت الميكانيكا ألمانية غالباً والمكونات صينية أو فرنسية، فهم يعرفون كيف يصممون ويجمعون آلات عالية الأداء".
أمام مأزق واضح لصناعتها، كانت فرنسا بحاجة ماسة إلى تجهيز نفسها بطائرات بلا طيار مستوردة. خلافاً للاعتقاد السائد، ليس الرئيس نيكولا ساركوزي، المعروف بمشاعره المؤيدة لإسرائيل، هو من تسبّب في هذا التحوّل الأساسي في العلاقة السياسية العسكرية من خلال السماح للجيش بتجهيز نفسه بطائرات بلا طيار إسرائيلية.


التغيير الحقيقي في العلاقة العسكرية حصل في ظل حكم جاك شيراك ودومينيك دوفيلبان

يشرح فريديريك إنسيل، الذي عمل "مستشاراً" لدى "هيئات معتمدة" في وزارة الدفاع، أن التغيير الحقيقي "حصل في ظل حكم جاك شيراك ودومينيك دوفيلبان في 2005-2006. كان شيراك معجباً بأرييل شارون الذي وفى بوعده بإخلاء المستوطنات الإسرائيلية في غزة صيف 2005. أقنع دوفيلبان الرئيس شيراك بأن الدول العربية لا يمكن الاعتماد عليها، وأن فرنسا متخلفة في مجال الطائرات بلا طيار. ببراغماتية شيراك، تم توقيع الاتفاقيات التجارية بتكتم".

كانت هي أيضاً اللحظة التي باشر فيها شيراك، بعد الحرب في العراق، تقارباً مع إسرائيل لتسهيل الحوار مع الولايات المتحدة. منذ ذلك الحين، اشترت فرنسا وسوّقت طائرات إسرائيلية بلا طيار تحت نظام الترخيص. سمحت هذه الاتفاقيات مع "داسو" و"إيرباص" و"ساجيم" (التي أصبحت فيما بعد شركة سافران) أيضاً بشراء طائرات بلا طيار إسرائيلية "إيغل" (Eagle) في 2007 و"هيرون" (Heron) في 2009 و2010. اغتنم دوفيلبان وشيراك هذا التجديد للتعاون العسكري للترخيص لـ"يوروكوبتر" (وهو فرع تابع لشركة إيرباص) ببيع ست طائرات هليكوبتر من طراز "بانثر" للبحرية الإسرائيلية، والتي أعادت تسميتها "أتالف" (خفاش). كل من هذه الطائرات باهظة الثمن، بما في ذلك الصواريخ، يكلف عشرات الملايين اليوروات. ستبيع الشركة الأوروبية الرائدة في مجال الصواريخ "إم بي دي إيه" (MBDA)، والتي تمتلك "إيرباص" فيها حصة متساوية مع "بي إيه إي" (BEA) البريطانية (37،5 في المائة من رأس المال لكل منهما)، إلى إسرائيل ذخائر موجهة عن بعد وصاروخ "سبايك" (Spike) المضاد للدبابات.

ساركوزي يدفع بالتعاون البوليسي
يوضح سفير سابق أن ساركوزي وقبل خلافه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وعند وصوله إلى قصر الإليزيه في عام 2007، لم يرَ نفسه "ملزماً بثقل حركة وزارة الخارجية ومخاوف كبار الضباط". وأطلق ساركوزي "الحوار الاستراتيجي" الفرنسي الإسرائيلي عام 2008، وهو لقاء سنوي يركز على تبادل المعلومات بين عسكريي وجواسيس البلدين. وكان وزير الداخلية، أو الشرطي الأول في فرنسا، الذي أنشأ منصب الملحق الأمني في السفارة الفرنسية بتل أبيب عام 2006، يريد قبل كل شيء تطوير التعاون البوليسي بين البلدين. ووقّع خلال زيارته الرسمية في يونيو/حزيران 2008 اتفاقية تتعلق بمكافحة الجريمة والإرهاب. أثارت هذه الاتفاقية ذات المعالم الغامضة العديد من التحفظات في البرلمان ولم تتم المصادقة عليها. ومع ذلك، سيتم إقامة تعاون بوليسي بين البلدين في تكتم شديد، من خلال اجتماعات دورية وتبادل معلومات.

من جانب الصناعة العسكرية، تتكثف الأعمال لإنتاج طائرات بلا طيار. ويوضح مهندس في الأسلحة أن "لكل طائرة بلا طيار خصائصها واستعمالاتها لمراقبة الأراضي أو لعمليات أكثر هجومية". والنموذجان الإسرائيليان الأكثر نجومية في السوق هما في الأول "هرمز 900" لشركة "إلبيط" المسوق منذ 2012 وتم بيعه للمكسيك وكولومبيا والبرازيل وتشيلي، وأيضاً في سويسرا وأذربيجان، وهو مخصص للمراقبة وقمع "أعمال الشغب".

والنموذج الآخر هو "هيرون" الذي تنتجه شركة صناعات الفضاء الإسرائيلية، وهو يباع في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك المغرب وتركيا. تتمثل ميزته الرئيسية في وقت الطيران الذي يصل إلى 48 ساعة من دون توقف. شكّلت هذه الطائرات بلا طيار أساس التعاون بين "تاليس" و"إلبيط" بخصوص نماذج "واتشكيبر" (Watchkeeper) و"هرمز" (Hermes) وبين مجموعة "إيرباص" وشركة صناعات الفضاء الإسرائيلية بخصوص نموذج "هارفانغ" (Harfang) و"هيرون 1" و"هيرون-تي بي". وتدين الطائرة بلا طيار "باترولر" المصنعة من شركة "سافران"، بالكثير للاتفاقيات المبرمة بين شركة "ساجيم" (اسم سافران سابقاً) المبرمة في عام 2010 مع شركة "إلبيط".

وتستمر الأعمال على المستويين الفرنسي والأوروبي. في الآونة الأخيرة، قامت وكالة السلامة البحرية الأوروبية بتقديم طلبية إلى كونسورتيوم مشكّل من "إيرباص" من جهة وصناعة الطيران الإسرائيلية و"إلبيط" من جهة أخرى لتزويدها بطائرات بلا طيار "هيرون" و"هرمز" لتحديد موقع القوارب التي تنقل المهاجرين في البحر الأبيض المتوسط. وفقاً لصحيفة "الغارديان" البريطانية، تقدر قيمة العقدين بـ50 مليون يورو لكل منهما.

"بغال-روبوت" إسرائيلية في منطقة الساحل
أخيراً، قدّم الجيش الفرنسي طلبية إلى شركة "روبوتيم "(Roboteam) الإسرائيلية لتزويده بروبوتات عسكرية معروفة باسم "Probot mules" أي "بغال-روبوت"، المخصصة لنقل المعدات وإجلاء الجرحى. ويكون قد تم نشر هذه الروبوتات في منطقة الساحل في صيف عام 2020 في إطار عملية "برخان". تؤكد مجلة "شالانج" (Challenges) التي كشفت عن وجود هذا العقد، بأنه كان محل معركة نفوذ ضارية في الكواليس بين مؤيدي "روبوتيم" وأولئك الذين كانوا يفضّلون نموذجاً أنتجته المجموعة الفرنسية للمنشآت البحرية والصناعية المتوسطية (CNIM)، بشراكة مع المجموعة الإستونية "ميلريم" (Milrem) التي تنتج روبوت "تيميس" (Themis) وهو نموذج ناجح يباع في العديد من البلدان بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.


تشعر الأوساط الدفاعية الفرنسية بقلق إزاء وجود تحالفات جديدة بين بعض الدول الأفريقية والصين وإسرائيل في مجال الأمن وبيع الأسلحة

يبدو بحسب مجلة "شالانج" أن "روبوتيم"، المرتبطة بشراكة مع ما يسمى باللغة الفرنسية بـ"أنف زائف" فرنسي (أي هوية مزيفة)، لجأت إلى كسر أسعارها لكسب الصفقة، وهي ممارسة معتادة لدى صناعيي قطاع الدفاع الإسرائيلي للفوز بالعقود. ولكنها شنت أيضاً، وفقاً لمصدر مطلع، حملة ضغط مكثفة. يعود أيضاً غضب الصناعيين وبعض العسكريين الفرنسيين لسبب آخر، فشركة "روبوتيم"، التي باعت روبوتاتها أولاً للجيش الإسرائيلي، قامت أخيراً بجمع أموال من الصين وسنغافورة. وتشعر الأوساط الدفاعية الفرنسية بقلق إزاء وجود تحالفات جديدة بين بعض الدول الأفريقية والصين وإسرائيل في مجال الأمن وبيع الأسلحة.

سلاح البحريتين في المناورة
يحدث كل هذا في الكواليس، وكل شيء على ما يرام رسمياً في مجال التعاون العسكري بين البلدين. فرنسا التي تعد من كبار تجار الأسلحة تهوى تنظيم معارض تجارية: يوروساتوري، يورونافال، معرض باريس الجوي-لو بورجيه، وأيضاً صالون ميليبول المخصص للحفاظ على النظام. وإسرائيل تهوى أن تكون هناك للمشاركة. وفقاً لبيانات جمعتها باتريس بوفيريه، كانت 51 شركة إسرائيلية حاضرة في يوروساتوري في عام 2016، مقابل 17 شركة في عام 1998. نفس التقدم اللافت يلاحظ في صالون ميليبول: 16 شركة ممثلة في 1997 و57 في 2015.
تقول مهندسة الأسلحة التي سألناها، إن الزملاء الإسرائيليين الذين تلقاهم خلال هذه الصالونات "رجال لطفاء، وغالباً ما هم مسالمون بصفة كبيرة، يتحدثون عن أطفالهم، وهم غير واعين حقا بما يشاركون فيه".

يهوى العسكريون الفرنسيون أيضاً المناورات. ففي يوليو/تموز 2018، أجريت عمليات مشتركة بين قوات البحرية الفرنسية والإسرائيلية قبالة تولون وكورسيكا بحضور قادة أركانهما، الأدميرالين إيلي شارفيت وكريستوف برازوك. وكانت بمثابة سابقة للبحريتين منذ عام 1963، وإن كان سبق وأجريت مناورات جوية مشتركة في كورسيكا في نوفمبر/تشرين الثاني 2016.
على الرغم من الخلافات (خصوصاً في الميدان الأفريقي)، فإن إسرائيل فعلاً صديقة الجيش الفرنسي. ولا يمكن للوبي إلا أن يبتهج لذلك. لأن فلسطين في هذا الصدد "ليست موضوعاً"... وقد سبق أن قيل لي ذلك بالفعل.

يتبع

يُنشر بالتزامع مع موقع https://orientxxi.info/ar

المساهمون