كوليرا "سورية الأسد"... ماذا تبقّى؟

16 سبتمبر 2022
ملايين السوريين يعيشون في ظروف معيشية سيئة (عز الدين قاسم/الأناضول)
+ الخط -

يعود الكوليرا ليذكّر مجدداً بحجم المأساة السورية المستمرة منذ 2011، مع تحذير منظمة الصحة العالمية أخيراً من مخاطر انتشار هذا المرض وتحوّله إلى وباء في سورية.

يقدّم نظام بشار الأسد نفسه على أنه يمثّل "الشرعية" في الدولة السورية، مضيفاً إليها، بدعائية رديئة ومتناقضة، بعض الشعارات القديمة-الجديدة عن أن انهيار الأوضاع مرده "المؤامرة والحصار على النظام الممانع"، من دون معرفة مَن وماذا يمانع، إذا كان الاحتلال الإسرائيلي يعترف بأن تواصله مع هذا النظام لم ينقطع.

والمتفحص لأمراض "سورية الأسد" سيكتشف عمق التراجيديا الدامية والمبكية في تقديم رواية منفصمة عن سوريتين: متخيَّلة وفعلية.

تبدو سورية المتخيَّلة بأناقة "السيدة الأولى"، و"كاجوال سيد الوطن"، وأبهة عيش الحاشية "الملكية". أما الفعلية، وهي سورية الشعب، فلا تشكو فقط غياب الكهرباء والمياه والخبز وحافة الفقر المدقع، بعيش الأغلبية على دولار واحد في اليوم، بل غياب تام لأقل موجبات الحياة الكريمة. وتعداد قائمة مآسي الواقع سيصيب المتلقي بذهول واشمئزاز من شعارات "الصمود" و"الانتصارات".

الكوليرا ليس فقط المرض المعروف، بل اختزال لذروة البؤس التي وصل إليها الملايين. ففيما الشعب المنهك يبحث عن نافذة هروب جماعي، يصرّ الأسد على دروس فلسفية عن "حب الوطن"، فيما عينه وحاشيته على نهب آخر ما تبقّى فيه.

وفي سياق تاريخي، منذ نحو 40 سنة، ظلت مفردة "الحصار" الهلامية تُقدّم على موائد السوريين كسبب لمآسيهم، وكأن هذا العالم لا همّ له سوى محاصرتهم. وينسى الهاتفون بانتصارات "سورية الأسد"، أن "قانون قيصر" وغيره، لا يمنع استيراد وتصنيع ما تحتاجه سورية من غذاء ودواء، بل يغضّ الطرف عن وصول بواخر نفط إيران إليها، مثلما لم تمنع العقوبات عن السوريين في الثمانينيات الموز والسمنة والزيت وغيرها، من لبنان. أما النظام، فقد حوّل التشبيح إلى مهنة تهريب للتربّح من جيوب الفقراء.

عملياً، ومنذ تحوّل سورية إلى دويلات مليشياوية برعاية إيران، لم يتوقف قصر المهاجرين وحاشيته عن استقبال أفخر ما يُنتج في "الدول الإمبريالية".

بالتأكيد يحب السوريون، كالعراقيين واليمنيين واللبنانيين، وطنهم الحقيقي، الذي يريدونه سيداً حراً، ويحترم حقوقهم ومواطنتهم، وليس تحويلهم إلى "رعية" و"قطيع" في "سورية الأسد" المتخيَّلة. وسواء كانوا في وطنهم أو في الشتات، لم يبقَ لهم ما يخسرونه مع وصول الأوضاع إلى هذا المستوى من تناقض البقاء أحياءً مع بقاء آل الأسد في الحكم.