كواليس لقاء رئيس "الشاباك" ومدير المخابرات المصرية لبحث "صفقة الأسرى"

15 نوفمبر 2023
شاحنة مساعدات على معبر رفح المصري أمس (سعيد خطيب/فرانس برس)
+ الخط -

في الوقت الذي التقى فيه رئيس جهاز الشاباك الإسرائيلي رونين بار، رئيس المخابرات المصرية اللواء عباس كامل، في القاهرة، أمس الثلاثاء، وهي الزيارة الثانية خلال أيام قليلة، لبحث مسألة إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين الموجودين لدى حماس، والدور المصري في ذلك، كانت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مجمع الشفاء الطبي في غزة بزعم البحث عن الأسرى، وسط تسريبات إسرائيلية وأميركية عن تقدم المفاوضات بشأن صفقة تبادل أسرى مرتقبة بين حركة حماس وإسرائيل.

وقال مصدر مطلع على ملف الوساطة المصرية في ملف الأسرى، رفض الكشف عن هويته، لـ"العربي الجديد"، إنّ "المسؤولين المصريين أكدوا لرئيس الشاباك استحالة تحرير الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس بالقوة، وأن الحل الوحيد هو الانخراط في مفاوضات جادة وعاجلة لإبرام إما صفقة شاملة أو جزئية".

إسرائيل تريد إطلاق عدد كبير من الأسرى

وبحسب المصدر فإن "كبار المسؤولين السياسيين في إسرائيل يؤكدون أن وقف إطلاق النار لن يتم إلا بإطلاق سراح عدد كبير من الأسرى، وذلك تحت ضغط أهالي الأسرى أنفسهم، لأنهم يعتقدون أن وقف النار يصب في مصلحة حماس لكي تعيد تنظيم صفوفها".


أكد مسؤولون مصريون لرئيس الشاباك استحالة تحرير الأسرى الإسرائيليين لدى حماس بالقوة

وكشفت مصادر مصرية مطلعة على جهود القاهرة بشأن وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة عن اتصالات مصرية إسرائيلية وأميركية جرت خلال الساعات القليلة الماضية، بهدف التعامل مع أزمة الأطفال الخدج في مستشفى الشفاء، الذي اقتحمته قوات جيش الاحتلال فجر اليوم الأربعاء.

وقال مصدر مصري إن "القاهرة - عبر اتصالات مع المسؤولين في حكومة الاحتلال والإدارة الأميركية - عرضت إجلاء الأطفال الخدج كافة من المستشفى، والمقدر عددهم حتى الآن بـ36، يحتاجون لرعاية فائقة، عبر تسيير قافلة إسعاف إلى المستشفى يوجد على رأسها الصليب الأحمر، وممثلون للأمم المتحدة".

وبحسب المصدر فإن المقترح المصري "يلقى قبولاً من جانب الإدارة الأميركية، التي تتواصل مع الجانب الإسرائيلي من أجل تسهيل تلك الخطوة، حيث يرى المسؤولون في إدارة (الرئيس الأميركي جو) بايدن أن تنفيذ المقترح المصري سيخفف من الضغط الدولي الذي تتعرض له واشنطن في ظل الصور ومقاطع الفيديو التي تتناول وتعرض معاناة وأزمة هؤلاء الأطفال".

وأوضح المصدر أن تعليمات مصرية رفيعة المستوى صدرت لوزارة الصحة لتجهيز النوعية اللازمة من سيارات الإسعاف القادرة على تنفيذ تلك المهمة، والمجهزة بحاضنات متنقلة، وذلك لحين وصول إفادة من الجانبين الأميركي والإسرائيلي.

اتصال بين مسؤول مصري وقيادة "الجهاد"

من جهة أخرى، كشف مصدر مصري آخر عن "اتصال جرى بين مسؤول رفيع بجهاز المخابرات العامة المصري، وقيادة حركة الجهاد الإسلامي في لبنان، في محاولة لفهم موقف الحركة بشأن صفقة الأسرى الجاري التباحث بشأنها، بعدما أعلن الأمين العام للحركة زياد النخالة عدم انخراطهم في الصفقة في الوقت الراهن، مؤكداً أنهم سينتظرون فرصة تفاوضية أفضل".

وأوضح المصدر أن القاهرة "تحاول تقريب وجهات النظر في محاولة لإنجاز الصفقة بالتعاون مع دولة قطر التي قطعت شوطاً كبيراً"، لافتاً إلى أن "الاتصال جاء بناء على طلب من الجانب الإسرائيلي للقاهرة، لمعرفة موقف الحركة بشأن ما لديها من أسرى، قبل الشروع في الإعلان عن موقف إسرائيلي رسمي بشأنها".

في غضون ذلك، كشف المصدر أن لقاء بار وعباس كامل "تطرق إلى بعض الملفات ذات الصلة بالعدوان على غزة". ولفت إلى أنه "في المقدمة ملف إمدادات الغاز، والذي كانت إسرائيل قد أوقفت تزويد القاهرة به بدعوى الاضطرابات الأمنية، ما أدى لأزمة طاقة اضطرت على أثرها القاهرة لوقف التصدير إلى أوروبا، وكذلك ترشيد الاستهلاك المحلي عبر زيادة مدد انقطاعات الكهرباء، ما تسبب في حالة من الغضب الشعبي".

اتفاق على إعادة تشغيل خط غاز تمار

وأوضح المصدر أنه "جرى الاتفاق على إعادة تشغيل خط الغاز القادم من حقل تمار، وذلك ضمن مجموعة تفاهمات مع الجانب الإسرائيلي بشأن عملية نقل المصابين من المستشفيات الفلسطينية في غزة لخارج القطاع، والوساطة المصرية بشأن صفقة الأسرى".

وأوضح المصدر أنه "بناء على التفاهمات الجديدة، ستبدأ القاهرة في ضخ الغاز مجدداً إلى أوروبا بعد تسييله في محطتي دمياط ورشيد خلال أيام، مع إنجاز صفقة الأسرى".

في سياق ذلك، قال المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، السفير عبد الله الأشعل، لـ"العربي الجديد"، إن "إسرائيل تعتبر الأسرى لدى حماس مخطوفين، لأن الخطف يعتبر جريمة في القانون الدولي، وفقاً لاتفاقية نيويورك 1979، بينما هم في حالة حرب، وبالتالي فإن أي فرد يسقط في يد أحد أطراف النزاع يعتبر أسيراً، والأسير له وضع قانوني مستقر في اتفاقية جنيف الثالثة، الخاصة بوضع أسرى الحرب".

حماس تريد تبادل أسرى لتنتصر سياسياً

وأضاف الأشعل: "بالتالي حماس تريد تبادل أسرى، لكي تنتصر سياسياً إلى جانب الانتصار العسكري، وإسرائيل تصر على إطلاق سراح أسراها فقط لدى حماس، ليصبح (رئيس الحكومة بنيامين) نتنياهو منتصراً، والحقيقة أن مطلب حماس مشروع جداً وهو إطلاق سراح الأسرى في السجون الإسرائيلية الذين يعذبون عذاباً شديداً".


مصدر مصري: جرى الاتفاق على إعادة تشغيل خط الغاز القادم من حقل تمار

بدوره قال نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، مختار الغباشي، لـ"العربي الجديد"، إن "حجم الضغوط التي تبذلها مصر لإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين كبير جداً، وذلك يتم مع إسرائيل وأميركا وحماس، ومع قطر - الطرف العربي الفاعل في هذه القضية - وبالتأكيد إسرائيل تسوّف بشكل أو بآخر".

وأضاف: "كلما وصلنا إلى مرحلة تحديد حجم التبادل من قبل المقاومة الفلسطينية، وإسرائيل، تبدأ إسرائيل في التسويف، لكن مصر تضغط، ونتمنى أن تنجح في إنهاء هذا الملف، خصوصاً أن لها خبرة كبيرة في كل الصراعات التي وقعت ما بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال الإسرائيلي، في 2008، و2012، و2014، و2021، وغيرها من جولات الصراع".

بدوره قال نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، الدكتور عمرو هاشم ربيع، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك دولاً مطبعة أو تركض وراء التطبيع مع إسرائيل، وتسعى لجعل التطبيع شعبياً، تقف في وجه الدور المصري في غزة، وقد تكون تمارس ضغطاً أو تتماهى مع مشاريع تهجير الفلسطينيين إلى خارج أراضيهم".

من جهته، قال الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية عمار فايد، لـ"العربي الجديد"، إن "مصر تلعب دوراً رئيسياً في قضية الأسرى، مع قطر، ولكنها ليست أكثر حضوراً من قطر في التفاوض الحالي، بل العكس".

وأضاف: "مصر تلعب دور الوسيط فقط، باعتبار أن الأطراف الأخرى عليها ضغط من أطراف معينة، فإسرائيل عليها ضغط من قبل عائلات الأسرى والضغط الداخلي والخارجي المتعلق بالوضع الإنساني وما إلى ذلك، وحماس عليها ضغط الحرب نفسها".

وأضاف: "ربما مصر لا تزال في يدها ورقة المعبر، والمفترض بعد قرارات القمة العربية الإسلامية أن يكون هناك دعم لأن تتخذ مصر إجراءات أحادية خاصة بفتح معبر رفح وإدخال المساعدات من دون التنسيق مع إسرائيل، وخصوصاً بعد اقتحام قوات الاحتلال للمستشفيات، حيث أصبحت حياة المرضى مهددة، ولكن إلى أي مدى تستطيع مصر فعل ذلك، لا نعلم. ولكنه قد يكون ورقة في يد مصر لتضغط بها على الطرفين".

المساهمون