كشفت مصادر مصرية خاصة لـ"العربي الجديد" أن وفداً أمنياً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة أخيراً لاستكمال مفاوضات التهدئة في قطاع غزة وصفقة تبادل الأسرى مع حركة "حماس". وقالت المصادر إن الوفد الذي ضم ثلاث شخصيات أمنية إسرائيلية زار القاهرة يوم الأربعاء الماضي، على متن طائرة خاصة آتية من تل أبيب، والتقى رئيس جهاز المخابرات العامة ومسؤولي الملف الفلسطيني في الجهاز. وأضافت المصادر أن الجانب المصري أطلع الوفد الإسرائيلي على نتائج المشاورات مع وفد "حماس" الموجود في القاهرة، وبحثوا مجموعة من الشروط التي حددتها الحركة الفلسطينية لتثبيت وقف إطلاق النار كخطوة أولى، والتهدئة، وكذلك إتمام صفقة تبادل الأسرى.
وأوضحت المصادر أن اجتماع الوفد الإسرائيلي في القاهرة استغرق نحو 3 ساعات، قبل أن يتم إنهاء الاجتماع بتأكيد المسؤولين الإسرائيليين ضرورة العودة إلى قيادة الحكومة، ومراكز اتخاذ القرار الإسرائيلي، قبل الرد على شروط الحركة. وكشفت أن وفد "حماس" باق في القاهرة أياماً إضافية، إلى حين وصول الرد الإسرائيلي، موضحة أن من بين الشروط التي رهنت بها "حماس" كافة الاتفاقات هي أوضاع الأسرى داخل السجون الإسرائيلية.
اجتماع الوفد الإسرائيلي في القاهرة استغرق نحو 3 ساعات
وأشارت المصادر إلى أن هناك تقدماً في ملف صفقة تبادل الأسرى في ما يخص التصور المرحلي الذي حددته "حماس"، ويحظى بدعم مصري، موضحة في الوقت ذاته أن الجزئية الخاصة بأعداد أصحاب الأحكام طويلة الأمد الذين تشترط "حماس" إطلاق سراحهم تم التوصل فيها إلى صيغة تفاهم مبدئية، ومن المقرر أن يتم حسمها بعد عودة الوفد الأمني إلى إسرائيل. ولفتت إلى أن الصيغة تضمنت تخفيض أعداد أصحاب الأحكام طويلة الأمد، الذين تصفهم إسرائيل "بالملطخة أيديهم بالدماء" في القائمة المقترحة من الحركة، مقابل زيادة أعداد أخرى من الأسرى غير المتورطين في قضايا خاصة بالدماء.
وبحسب المصادر، فإن الوفد الإسرائيلي طرح خلال لقائه بالمسؤولين في مصر مدى شمول أي اتفاق تهدئة يتم التوصل إليه للأوضاع في الضفة الغربية المحتلة، في ظل النشاط العسكري الذي تقوم به "حماس" في مدن الضفة أخيراً. وطالب الإسرائيليون الجانب المصري بالحصول على ردود واضحة من قيادة الحركة في هذا الشأن، في ظل الخشية لدى الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من تصاعد محاولات خطف إسرائيليين من الضفة للمساومة عليهم بعد ذلك.
كذلك كشفت المصادر عن مساعٍ مصرية لترتيب لقاء بين قيادة حركة "حماس" ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، في القاهرة. وتسعى مصر لكسر حالة الجمود في العلاقة بين "حماس" وعباس، كنجاح يضاف إلى جهودها، في وقت تدرك فيه مدى أهمية هذا الملف بالنسبة للإدارة الأميركية.
وبحسب المصادر فإن إحداث أي اختراق في العلاقة المقطوعة بين "حماس" وعباس سيكون نجاحاً كبيراً للقاهرة، تعول عليه كثيراً، خصوصاً في ظل الوعود المصرية المقدمة للجانب الأميركي بقدرتها على تحقيق أهداف واشنطن بتهدئة هذا الملف.
ويراهن النظام المصري على حزمة من التسهيلات الاقتصادية والمعيشية لإرضاء الفلسطينيين بإنجاز الاتفاقات التي تتوسط فيها القاهرة، سواء مع الاحتلال أو على صعيد المصالحة الداخلية. وهو الأمر الذي بدا واضحاً في النتائج التي توصلت إليها مشاورات وفدين فلسطينيين أحدهما حكومي، والآخر اقتصادي في القاهرة أخيراً، إذ قال رئيس اللجنة الحكومية لإعمار غزة، مسؤول وزارة الأشغال العامة والإسكان في غزة، ناجي سرحان، إن الوفد الذي يمثل وزارات من غزة الموجود في القاهرة منذ يوم الأحد الماضي اتفق مع المسؤولين المصريين على جملة من القضايا المهمة والخاصة بعملية إعادة الإعمار. وأبرز تلك القضايا البدء بالتحضير لإنشاء المدينة السكنية الأولى ضمن المنحة المصرية في غرب حي العطاطرة في بيت لاهيا، شمالي القطاع، وذلك بعد انتهاء المخططات والتصاميم اللازمة لها والتي تشمل أيضاً تطوير الشارع الواصل من مفترق العطاطرة شرقاً وحتى شارع الرشيد غرباً، بالإضافة إلى إعادة إعمار شارع الرشيد الذي بدأ العمل فيه منذ أسبوعين تقريباً، وكذلك البدء في التحضير لإنشاء جسر فوق مفترق الشجاعية.
طرح الوفد الإسرائيلي شمول الضفة في المفاوضات
وأفاد سرحان، في بيان صحافي، بأن الوفد عقد سلسلة لقاءات مع المسؤولين المصريين، تم الاتفاق خلالها على تشغيل أكبر قدر من شركات المقاولات المحلية، وإدخال كافة المواد اللازمة للإعمار من معبر رفح البري، وذلك لضمان تشغيل المصانع المحلية من الباطون والإسفلت وخلافه وتقديم تسهيلات لتنقل المقاولين ورجال الأعمال عبر معبر رفح. وتوقع سرحان أن يتم طرح مناقصات العطاءات لتطوير شارع الرشيد في الشهر الحالي، على أن يتم الانتهاء من إعادة إعمار الشارع في أقل من ستة أشهر.
من جانبه، تحدث المفوض بالحديث نيابة عن الوفد الاقتصادي، الذي ضمّ 15 رجل أعمال من قطاع غزة، أسامة كحيل، بأن الوفد حصل على موافقة شفهية على تصدير كافة أنواع المنتجات، زراعية أو صناعية، من غزة إلى الخارج، ولكن يجب أن تكون الجهة المستلمة لهذه البضائع معروفة. كذلك أشار كحيل، في تصريحات، إلى تطرق الوفد مع الجانب المصري لقضية المدرجين على قوائم المنع من التجار ورجال الأعمال والمقاولين، خصوصاً أن الكثير منهم تربطهم مصالح تجارية مع مصر. وأضاف أنهم تلقوا ردوداً إيجابية شفهية على طلب تخفيض أجور النقل وعدم ربطها بأسعار السلع الموجودة على متن الشاحنات المتجهة إلى قطاع غزة، بالإضافة إلى إدخال المواد الممنوعة، وكذلك التصدير من غزة للخارج.
وأمس السبت، اختتمت "حماس" اجتماعات مكتبها السياسي بقيادة إسماعيل هنية وحضور أعضاء المكتب السياسي من الداخل والخارج في القاهرة، مشيرةً إلى أن الاجتماعات التي استمرت لعدة أيام بحثت الملفات والتطورات كافة في المجالات المختلفة، وخاصة مجريات الأوضاع في مدينة القدس، والأقصى، وقضية الأسرى، وحصار غزة. وأكدت الحركة حرصها على إتمام صفقة جديدة تضمن استجابة العدو لمتطلبات تحرير الأسرى، في ضوء مناقشتها ما يتعرض له الأسرى من ممارسات "بشعة" في سجون الاحتلال الإسرائيلي.