كواليس زيارة وفد إسرائيلي لمصر: أوضاع المناطق الحدودية وغزة

29 ابريل 2022
تدريبات للمقاومة الفلسطينية، في ديسمبر 2021 (مؤمن فايز/Getty)
+ الخط -

كشفت مصادر مصرية مطلعة على الوساطة التي يقودها جهاز المخابرات العامة بين الفصائل الفلسطينية، وحكومة الاحتلال الإسرائيلي، تفاصيل محادثات أمنية جرت أخيراً بين مسؤولين عسكريين وقيادات استخبارية من مصر وحكومة الاحتلال.

وقالت المصادر لـ"العربي الجديد"، إن وفداً إسرائيلياً ذا طابع عسكري زار مصر أخيراً، والتقى بمسؤولين من المؤسسة العسكرية المصرية وآخرين من جهاز المخابرات العامة، مضيفة أن المشاورات تطرقت إلى عدد من الملفات الحساسة المشتركة بين الطرفين.

وأوضحت المصادر أن الجانب الأبرز في الزيارة دار حول ضرورة تشديد الرقابة المصرية على الحدود، والمناطق الساحلية، لمنع وصول أي أسلحة مهربة إلى الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، إذ ادّعى الوفد الإسرائيلي أنه تم رصد تحرك شحنات أسلحة نحو القطاع خلال الفترة الماضية.

وأضافت المصادر أن مباحثات الوفد الإسرائيلي الذي قاده رئيس شعبة العمليات العسكرية في جيش الاحتلال، هارون حاليفا، تركزت على التعاون الاستخباري والعسكري بشأن الأوضاع الأمنية في المناطق الحدودية، وشبه جزيرة سيناء، كاشفة أنه تم التباحث حول برنامج تقني متعلق بالرصد المبكر للطائرات المسيّرة.

تجنّب هجمات مسيّرات إيرانية

ولفتت المصادر ذاتها إلى أن هناك تعاوناً مصرياً جرى أخيراً في هذا الصدد وساعد جيش الاحتلال على تجنّب هجمات من مسيّرة إيرانية، إذ تم إسقاط إحدى المسيّرات، الشهر الماضي، بتنسيق استخباري مصري إسرائيلي بعدما حاولت اختراق المجال الجوي فوق فلسطين المحتلة.

وتمثّل الطائرات من دون طيار الإيرانية مصدر قلق بالغ لكبار المسؤولين في حكومة الاحتلال، خصوصاً مع استخدام إيران لتقنية وتكنولوجيا مستقلة أو محلية وحديثة، في وقت تتمتع فيه المسيّرات الإيرانية بترددات مختلفة وأنظمة رقمية أخرى، حسب خبراء عسكريين.


تعاونت مصر وإسرائيل على تجنّب هجمات لمسيّرات إيرانية

كما أوضحت المصادر، أن المباحثات بين الطرفين المصري والإسرائيلي، تطرقت أيضا للأوضاع داخل الأراضي الفلسطينية، ومدينة القدس المحتلة.

وأشارت إلى أن أبرز ما يثير مخاوف جيش الاحتلال والذي تم التركيز عليه خلال زيارة الوفد لمصر، هو استغلال إيران للأوضاع المتوترة في الأراضي المحتلة، والانخراط عبر حلفاء لها في تهديد الأمن الإسرائيلي، وجر تل أبيب إلى صراع مفتوح عبر وكلاء لها، داعين الجانب المصري، إلى ضرورة التحدث للفصائل الفلسطينية، ومحاولة فرض ضغوط عليها من أجل تفويت تلك الفرصة، مع التأكيد على أن إسرائيل لا ترغب في أي تصعيد خلال الفترة الحالية.

كما كشفت المصادر أن الوفد الإسرائيلي بحث مع المسؤولين المصريين في جهاز المخابرات العامة، إمكانية تحريك مفاوضات تبادل الأسرى مع حركة "حماس" خلال الفترة المقبلة.

ووفقاً لرؤية أحد المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن الحديث الإسرائيلي بشأن تحريك محادثات صفقة الأسرى المعطلة، ربما تكون مناورة إسرائيلية، تهدف بالأساس إلى امتصاص حماسة الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة وعلى رأسها "حماس"، ومنع انخراطها في أعمال عسكرية جديدة ضد الاحتلال في الوقت الراهن، وكذلك لتهدئة الأوضاع المتوترة داخل السجون الإسرائيلية.

وقال المصدر، إنه "خلال الفترة السابقة التي أعقبت تولي حكومة نفتالي بينت زمام الأمور في إسرائيل، بات واضحاً أن صفقة الأسرى عبارة عن ورقة في أيدي الحكومة تتلاعب بها، صعوداً وهبوطاً، بحسب حجم الضغوط المفروضة عليها داخلياً وخارجياً، ولذلك يصعب تحديد ما إذا كانت هناك نيّة إسرائيلية حقيقية لإحياء مفاوضات الصفقة بعد توقفها أخيراً أو لا".

ووفقاً لمصدر مصري آخر، فإن ممثلي المؤسسة العسكرية الإسرائيلية الذين زاروا مصر أخيراً، كانوا معنيين في وقت سابق، بإدارة المباحثات مع المسؤولين العسكريين المصريين بشأن التعديل الذي جرى نهاية العام الماضي على أحد بنود اتفاقية كامب ديفيد.

وكانت مصر والحكومة الإسرائيلية قد أعلنتا، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عن إجراء بعض التعديلات المحدودة في بنود اتفاقية كامب ديفيد الموقعة بين الجانبين في سبتمبر/أيلول 1978، بالشكل الذي سمح بزيادة أعداد وإمكانات قوات حرس الحدود في منطقة رفح الحدودية، مما يعزز الأمن طبقاً للمستجدات والمتغيرات بحسب الإعلان الرسمي عن هذه التعديلات.


استخدمت "كتائب عز الدين القسام" صواريخ "ستريلا-2" الشهر الماضي

وأشارت المصادر إلى أن ملف التهدئة في قطاع غزة كان قد شهد خلال الفترة الماضية، مباحثات مشتركة بين المسؤولين في كل من القاهرة وتل أبيب، لكونه مرتبطاً بشكل أساسي بتسهيلات اقتصادية ومعيشية لقطاع غزة، بعد الاتفاق على أن مكوناتها ستكون داخل الأراضي المصرية في محافظة شمال سيناء، ما يستوجب ترتيبات أمنية وعسكرية تتقاطع مع بعض البنود الحالية لاتفاقية كامب ديفيد، وهو ما يعني أنه ستكون هناك تعديلات جديدة يتم إدخالها على بنود الاتفاقية المسجلة لدى الأمم المتحدة.

ويوم السبت الماضي، ذكرت الرئاسة المصرية أن الرئيس عبد الفتاح السيسي بحث "في لقاء أخوي ودي" بقصر الاتحادية، مع كل من ملك الأردن عبد الله الثاني، وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد "آخر مستجدات الأوضاع في المنطقة، خصوصاً تطورات عملية السلام في الشرق الأوسط، والتنسيق القائم بين الدول الثلاث في هذا الإطار، وذلك في ظل التطورات التي تشهدها مدينة القدس".

وحسب بيان الرئاسة المصرية، فقد شدد الجميع خلال اللقاء على "أهمية استدامة الجهود لاستعادة الهدوء في القدس، وضرورة احترام الوضع القانوني والتاريخي القائم في الحرم القدسي".

أسلحة نوعية للمقاومة الفلسطينية

من جهة أخرى، قالت المصادر إن ظهور أسلحة نوعية في أيدي فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، خلال الفترة القريبة الماضية، واتّباع أساليب جديدة، كان أحد الملفات الني كانت في جعبة الوفد الإسرائيلي، إذ ادّعى الوفد خلال المباحثات مع المسؤولين المصريين أن ظهور أسلحة مضادة للطائرات في أيدي عناصر المقاومة يمثل إخلالاً لمقومات الأمن في المنطقة بشكل عام، خصوصاً في ظل إمكانية انتقال مثل تلك الأسلحة لأيدي المجموعات المتطرفة في سيناء.

وأخيراً، استخدمت "كتائب عز الدين القسام"، الذراع العسكرية لحركة "حماس"، صواريخ "ستريلا-2" روسية الصنع المضادة للطائرات، في مواجهة المقاتلات الإسرائيلية التي شنت هجمات على القطاع الأسبوع الماضي.

والتقى في مارس/آذار الماضي، السيسي وبن زايد وبينت في مدينة شرم الشيخ المصرية، للتباحث حول أزمات الطاقة، واستقرار الأسواق، والأمن الغذائي، وتبادل الرؤى المشتركة حول العلاقات بين الدول الثلاث، وسبل تقويتها على جميع المستويات.

وكان مصدر مصري قد كشف في وقت سابق لـ"العربي الجديد"، أن مخرجات اللقاء تلخصت في التوصل إلى تفاهمات أمنية وأخرى اقتصادية بشأن شبه جزيرة سيناء، والتي تمثل المشروعات فيها "جزءاً من تصور لتهدئة طويلة المدى مع الفلسطينيين في قطاع غزة، عبر ربط أي اتفاق بينهم وبين الإسرائيليين بمكاسب اقتصادية، من شأنها ضمان استمرارية الاتفاق، وعدم انهياره في أي وقت".

وأفاد المصدر بأن "آلية التحكم في هذه المشروعات ستكون عبر مصر وإسرائيل، وبطبيعة الحال الممول الخليجي المتمثل في الإمارات، وليست في يد الفلسطينيين أنفسهم"، مستطرداً بأن "هناك تفاهمات مبدئية بشأن خطة مشروعات اقتصادية في محافظة شمال سيناء، بالقرب من الحدود مع قطاع غزة، تشمل إقامة مدينة صناعية، تتولى أبوظبي الجانب الأكبر من تمويل مشاريعها".

ووفق ما يُعرف بـ"صفقة القرن" (خطة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب لتصفية القضية الفلسطينية)، فسوف تحصل مصر على 9.167 مليارات دولار من قيمة المبالغ المالية في إطار إنفاذ الصفقة، محتلة المركز الثاني بعد الأراضي الفلسطينية التي ستحصل على 27.8 مليار دولار، وقبل الأردن الذي سيحصل على 7.365 مليارات دولار، ولبنان الذي سيحصل على 6.325 مليارات دولار.