أكد كبير المفاوضين الإيرانيين، علي باقري كني، اليوم الأحد، أن بلاده بموازاة متابعة موضوع رفع العقوبات من خلال مفاوضات فيينا النووية، تعمل على إفشال مفاعيل تلك العقوبات، في ظل تمسّك طهران بمواقفها إزاء الجهود الدولية المتعثرة لإنقاذ الاتفاق النووي الإيراني المتهاوي منذ الانسحاب الأميركي منه عام 2018.
وأضاف باقري كني، خلال تفقّده "المعرض الدولي للنفط والغاز والبتروكيماويات"، أن الخارجية الإيرانية "توظف كل قدراتها على ساحة الدبلوماسية لرفع الحد الأقصى من العقوبات" في مفاوضات فيينا، غير أنه أكد أيضاً أن طهران ستستفيد من جميع الفرص الدولية لرفع قدرات البلاد بهدف إفشال العقوبات.
وشدد كبير المفاوضين الإيرانيين، على أن "الجمهورية الإسلامية بنفس القدر الذي تبدي جدية في المفاوضات وتنفيذ التعهدات الدولية منها الاتفاق (المحتمل) لرفع العقوبات، فإنها أيضاً بالقدر نفسه عازمة على عدم الثقة في العدو وعدم الاتكال على الأجانب".
وتابع أن "السياسة الاستراتيجية لإفشال العقوبات إلى جانب الابتكار الذكي لرفع هذه العقوبات، أحبطا مؤامرة العدو لوقف قطار التنمية الشاملة في إيران".
يُشار إلى أن موضوع رفع "الحرس الثوري" الإيراني من قائمة الإرهاب الأميركية يعتبر أهم قضية عالقة أمام مفاوضات فيينا للتوصل إلى اتفاق. وظلت طهران تكرر أن ذلك من خطوطها الحمراء، ولن تتنازل عنه، مع حديثها عن وجود قضايا عالقة أخرى. وفي الجانب الآخر، ظلت الولايات المتحدة الأميركية ترفض التجاوب مع هذا الطلب الإيراني، مؤكدة أنها ستبقي العقوبات على "الحرس الثوري" ومؤسساته.
وتأتي التصريحات الجديدة لكبير المفاوضين الإيرانيين، بعد استئناف التحركات الدبلوماسية الإقليمية والدولية، خلال الأيام الأخيرة، لإخراج مفاوضات فيينا المتعثرة منذ أكثر من شهرين من حالة الجمود. من هذه التحركات، زيارة نائب مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، أنريكي مورا، إلى طهران، الثلاثاء الماضي، وإجراؤه مباحثات مكثفة مع باقري كني.
كما أن بحث مفاوضات فيينا والوساطة بين طهران وواشنطن لحلحلة القضايا المتبقية، كان حاضرا على جدول أعمال زيارة أمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الخميس الماضي، إلى طهران.
وبعد يوم من الزيارة، أجرى نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، اتصالاً هاتفياً بالمبعوث الأميركي الخاص لإيران، روبرت مالي. كما أجرى وزير الخارجية القطري، الجمعة، اتصالاً هاتفياً آخر بمسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، جرت خلاله مناقشة العلاقات بين دولة قطر والاتحاد الأوروبي، إلى جانب مستجدات محادثات الاتفاق النووي وعدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، وفق وكالة الأنباء القطرية.
بعد هذه التطورات، تحدث بوريل، الجمعة، بـ"إيجابية" عن زيارة مورا لطهران، قائلا إنها حققت "تقدما كافيا" لاستئناف مفاوضات فيينا من دون الإعلان عن موعد محدد، فضلا عن حديثه عن أن الزيارة أنهت حالة الانسداد الذي كانت المفاوضات النووية تواجهه.
كما تحدث وزير الخارجية الإيراني، حسين عبداللهيان، بالنبرة التفاؤلية نفسها، قائلا في تغريدة تعقيبا على زيارة مورا، إن ثمة "فرصة جديدة" أمام المفاوضات، لكنه في الوقت ذاته، ربط التوصل إلى الاتفاق في المفاوضات بـ"ضرورة أن تتخذ أميركا قرارها السياسي والتزامها بتعهداتها"، وهو الموقف الذي دأبت طهران على الحديث عنه منذ أشهر.
غير أن أمين مجلس الأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، تحدث بلغة يشوبها التشاؤم، حيث قال الجمعة نفسه، في تغريدة، إن المفاوضات "وصلت إلى مرحلة تفتح عقدتها فقط من خلال التزام الطرف المخطئ بالحلول المنطقية والأساسية لإيران".
وأضاف شمخاني أنّ "أميركا بنكثها العهد وأوروبا بتقاعسها، قد دمرتا فرصة الاستفادة من حسن نوايا إيران المجربة"، مشدداً على أنه "إذا كانت لديهم إرادة للعودة (للاتفاق النووي) فنحن مستعدون والاتفاق في متناول اليد".
وعلى الضفة الأميركية، رمى البيت الأبيض، من جانبه، الكرة في الملعب الإيراني، حيث اتهمت المتحدثة باسمه جين ساكي، الجمعة، في آخر مؤتمر صحافي، إيران بأنها "أكبر عقبة أمام تقدم المفاوضات".
وكانت روسيا تلعب خلال جولات مفاوضات فيينا التي انطلقت في إبريل/نيسان 2021 دور الوساطة بين طهران وواشنطن، لكنها تخلت عن هذا الدور بعد الحرب في أوكرانيا وتصاعد الأزمة بينها وبين الغرب.