"أنا أومن بحل الدولتين، فلا مصلحة ولا رغبة لي بالسيطرة عليهم، لكن هذا ليس بالأمر الذي يمكن حدوثه في ظل الحكومة الحالية في تشكيلتها الراهنة. عندما أصبح رئيساً للحكومة من المحتمل أن يتغيّر الوضع، هناك حوارات معهم والعلاقات مركبة". هذا الكلام صدر أول من أمس الخميس، عن وزير خارجية حكومة الاحتلال، يئير لبيد، المرشح لتولي رئاسة الحكومة بالتناوب في العام 2023. لكن وعلى الرغم من صراحة ما جاء فيه عن استحالة الوصول أو بدء مفاوضات على أساس حل الدولتين، تحت رئاسة شريكه في الحكومة نفتالي بينت، إلا أنّ الهرولة العربية لتبييض صفحة الأخير، على الرغم من تطرفه الأشد من تطرف سلفه بنيامين نتنياهو، مستمرة من دون توقف.
ليس هذا فحسب، فمنذ تصريحات العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، أثناء زياته واشنطن أخيراً، بأنه لمس خلال لقائه السري بنفتالي بينت، الشهر الماضي، تغيراً إيجابياً في إسرائيل، خلافاً لما يحدث على أرض الواقع في فلسطين، لم تتوقف الأردن ولا مصر التي وجهت بشكل مفاجئ هذا الأسبوع دعوة لبينت لزيارة القاهرة ولقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي، وانضمت إليها المغرب من خلال رسالة الملك المغربي محمد السادس للرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ، لم تتوقف عن منح حكومة الاحتلال الحالية عطايا سياسية ثمينة تبيّض وجه هذه الحكومة دولياً وأميركياً.
حدث كل هذا في أسبوع واحد، إذا أخذنا بالحسبان توقيع وزير الزراعة الأردني مع نظيره الإسرائيلي هذا الأسبوع على اتفاق لتوريد الأردن منتجات زراعية لإسرائيل في العام المقبل. وبذلك، يصبح هذا الأسبوع ككل، أسبوع المحاباة العربية لدولة الاحتلال تحت رئاسة أحد أشد ساستها تطرفاً؛ قومياً ودينياً، وكأن هذه الدول باستخباراتها الخارجية ومراكز أبحاثها الجامعية والاستراتيجية، لا تقرأ ما يقال في إسرائيل، ولا تتابع ما يحدث على الأراضي الفلسطينية. أو ربما الحقيقة هي أنّ هذه الدول لا تريد أن تقرأ ولا أن تتابع ما يحدث في فلسطين، وكل همها في المرحلة الحالية، هو إرضاء بينت، على الرغم من معرفتها بضعف حكومته من جهة، ومعارضته لحل الدولتين، من جهة أخرى. فكل ما يهمها هو الوصول، عبر شهادات الزور عن بدء تغييرات في دولة الاحتلال، إلى البيت الأبيض، وتعزيز علاقاتها بساكنه الجديد وضمان بقاء عروشها وحكمها، وليس مصالح بلادها حتى الضيقة.