قوى المعارضة في لبنان تطرح رؤيتها بشأن الحرب

07 أكتوبر 2024
آثار الدمار في الضاحية الجنوبية جراء الغارات الإسرائيلية، 7 أكتوبر 2024 (حسين بيضون)
+ الخط -

خرج نواب "قوى المعارضة" في لبنان بطرحٍ يفنّد رؤيتهم المشتركة لإنقاذ البلاد من أتون الحرب وتبعاتها وإعادة بناء مؤسسات الدولة، وذلك عشية الذكرى السنوية الأولى لفتح حزب الله في 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 جبهة الإسناد "لدعم الشعب الفلسطيني ومقاومته الشريفة، وتحرير ما تبقى من الأراضي اللبنانية المحتلة".

ووجّه 12 نائباً في البرلمان اللبناني يمثلون حزبي الكتائب اللبنانية (يرأسه النائب سامي الجميل)، والقوات اللبنانية (يرأسه سمير جعجع)، وقوى مستقلة وتغييرية، اليوم الاثنين، نداءً تلاه النائب ميشال الدويهي، دعوا فيه الحكومة إلى اتخاذ القرار بفصل لبنان عن أي مسارات إقليمية أخرى، ورفض كافة أشكال الإملاءات والوصاية التي تمارس على لبنان، والالتزام بوقف إطلاق نار فوري، وتطبيق القرار 1701 بكامل مندرجاته وتفاصيله. كما دعوها إلى تطبيق اتفاق الطائف وباقي القرارات الدولية، لا سيما القرارين 1680 و1559، بما يؤدي إلى تثبيت اتفاقية الهدنة، واسترداد الدولة قرار السلم والحرب، وحصر السلاح بيدها فقط، وتأمين عودة كافة النازحين إلى قراهم، كي يتمكن اللبنانيون أخيراً، وبكافة مكوناتهم، وفي كلّ مناطقهم، من العيش في كنف دولة واحدة قوية سيدة عادلة، وتحت حمايتها، مواطنين متساوين في الحقوق والواجبات.

كذلك، دعا النواب إلى تحديد موعد فوري ثابت ونهائي لجلسة انتخاب رئيس للجمهورية، من قبل رئيس المجلس النيابي، بدورات متتالية وفق المواد 49 و73 و74 من الدستور، من دون شروط، وخلق أعراف دستورية أو سياسية، لانتخاب رئيس إصلاحي سيادي إنقاذي يصون الدستور وسيادة لبنان، إلى جانب تشكيل حكومة متجانسة تكون أولوياتها تطبيق الدستور، والقرارات الدولية، وإطلاق عملية التعافي والإصلاح، وإعادة الإعمار.

وتضمّن نداء النواب الدعوة أيضاً إلى نشر الجيش اللبناني على كافة الأراضي اللبنانية، وضبط جميع المعابر الحدودية، وبمعاونة قوات معززة من قوة الأمم المتحدة المؤقتة (يونيفيل) على كافة الحدود اللبنانية جنوباً، شرقاً وشمالاً، براً وبحراً وجواً، بالإضافة إلى دعم الجيش وتمكينه من أجل القيام بمهامه كاملة وحمايته من الانجرار إلى أي حرب لم تتخذ الدولة اللبنانية قرارا بخوضها. وأكد النواب التمسّك بعلاقات لبنان الخارجية مع المجتمع العربي خصوصاً، والدولي عموماً، وإعادة تصويبها، والتزامه بالشرعية العربية والدولية وفق وثيقة الوفاق الوطني في الطائف.

قوى المعارضة: لنحوّل مأساتنا إلى فرصة تاريخية

واعتبرت قوى المعارضة أنّ "الوقت حان كي نحوّل مأساتنا إلى فرصة تاريخية، ونخرج نهائياً من دوامة تكرار الماضي وأخطائه، وأن نعود جميعاً إلى كلمة سواء لنبني معاً وطن الحرية، والشراكة، وكرامة الإنسان، ودولة السيادة والعدالة والقانون، حتى يستعيد شعبنا حقه في الحياة، والأمان والازدهار والأمل".

وتنقسم الساحة السياسية في لبنان إلى فريقين، الأول معارض لحزب الله ولاتخاذه قرار الحرب منفرداً، خصوصاً لتطبيقه أجندات إقليمية، إيرانية بالمرتبة الأولى، والثاني، يندرج في خانة المؤيد لمحور المقاومة، وخطوتها الدفاع عن غزة والقضية الفلسطينية، وتمسّكها بربط الجبهتين، وتالياً وقف العدوان على غزة طريقاً أساسيّاً لوقف إطلاق النار في لبنان، علماً أن الموقف الأخير هو الذي تبنته الحكومة اللبنانية رسمياً.

ودخل الملف الرئاسي أيضاً دائرة الصراع وتسويات الحرب، إذ أطلّ برأسه من جديد باعتباره أحد مرتكزات الاستقرار وأولويات البنود ضمن الحلول المطروحة دولياً ربطاً بوقف إطلاق النار، الأمر الذي أعاد إحياء الملف، بالتزامن مع تجدّد حراك اللجنة الخماسية الممثلة بالسعودية وقطر وفرنسا ومصر والولايات المتحدة الأميركية، وأعاد إلى الواجهة أيضاً احتمالية المرشح الثالث التوافقي، مع ارتفاع حظوظ قائد الجيش العماد جوزاف عون في هذه المرحلة التي تتلاقى فيها الدول المعنية بالاستحقاق الرئاسي في لبنان على أهمية دور المؤسسة العسكرية، وضرورة تعزيز دعمها.

وتتقدّم حظوظ عون أيضاً في وقتٍ لم تقدّم فيه المعارضة مرشحاً جدياً لها، بعيداً من دعمها ظاهرياً الوزير السابق جهاد أزعور، ولا تمانع اختيار اسم آخر توافقي، وهي تجد اليوم الفرصة مؤاتية لإطاحة مرشح حزب الله وحركة أمل (برئاسة نبيه بري) رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، في ظلّ ما تعتبره خسائر يتكبدها حزب الله في الميدان، كان أكبرها اغتيال أمينه العام حسن نصر الله، علماً أنّ الثنائي لا يزال حتى الساعة يتمسّك بفرنجية، وقد وجّه بري رسالة لكل من يعتقد أن موازين القوى تبدّلت بأنه "واهمٌ".

وفيما تجد المعارضة في لبنان الفرصة أيضاً متاحة لنزع سلاح حزب الله، بدعم دولي خارجي، وهو ما تطمح لتحقيقه مع انتخاب رئيسٍ من خارج دائرة محور المقاومة، يتمسّك الثنائي أكثر بـ"الشرط" الذي كان وضعه نصر الله على الطاولة قبل اغتياله، ألا وهو اختيار رئيس لا يطعن ظهر المقاومة. ويتكثّف الحراك حالياً لمحاولة كسر الشغور الرئاسي المستمرّ منذ 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، دخل على خطّه أيضاً البطريرك الماروني بشارة الراعي، فيما عُقد لقاء ثلاثي بين رئيس مجلس النواب نبيه بري، والرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي، ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، أكدوا فيه التزام لبنان بالنداء الذي صدر في الاجتماعات التي جرت إبان انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، والدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار، والشروع في الخطوات التي أعلنت الحكومة التزامها بها لتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 1701، منها إرسال الجيش اللبناني إلى منطقة جنوب الليطاني، ولانتخاب رئيس وفاقي للجمهورية يطمئن الجميع، ويبدد هواجسهم المختلفة.

فرنجية: بري يدعم ترشيحي حتى اليوم والكلمة للميدان

من جهته، قال فرنجية بعد لقائه بري اليوم الاثنين: "لننتظر وقف إطلاق النار، وعلى أي أساس سيحصل، ونرى كيف يمكن التفاهم والإتيان برئيس مسيحي ماروني فعلي شرعي، وطني عربي، يعبّئ مركزه، مؤمن بعروبة البلد روحاً وقالباً، يقف مع لبنان ووطنه، ويوحّد اللبنانيين حول رؤية موحدة من العدو ومن الصديق، ويحمي ظهر المقاومة ولا يتآمر عليها، ومن ثم يمكن الحديث عن السلاح وحصرية السلاح ضمن حوار وطني حقيقي، حتى إنّ مراهنة البعض مع إسرائيل ضد شريكه اللبناني فهذا يحتاج أيضاً إلى حوار عميق حول سبب كره بعض الأفرقاء بعضهم بعضاً، وتفضيل قسم منهم الإسرائيلي على الشريك في الوطن".

وأكد فرنجية أن "أولويتنا اليوم هي لوقف العدوان والخروج موحّدين من بعده، فلبنان سيكون المنتصر، والبعض يعتقد أنه إذا انكسر فريقٌ هم سيربحون، للأسف، لكن الحقيقة أنه إذا انكسر فريق، فكل لبنان سيخسر، خصوصاً من يراهن على هذا الانكسار، مشيراً إلى أن الكلام للميدان، وقد حصلت محاولات لكسر المعنويات والإرادة، لكن الأيام القريبة التي مرّت وستمرّ ستؤكد أن الأمور لن تكون حسب رغبات العدو، بل لمصلحة لبنان.

وقال فرنجية: "الرئيس بري حتى اليوم يدعم ترشيحي، ونحن، كوننا فريقاً، نجلس ونتشاور لنرى كيف يمكن الخروج من هذا الجو، لننتظر المعركة ونتائجها، وهناك وقت للتشاور والإتيان برئيس وطني، الخيار بظروف هادئة يأتي بأمور أفضل، ومن يستطيع أن يؤمن نصاب 86 صوتاً من النواب (المطلوب لفوز المرشح)، فلن نقف في طريقه، وضمنهم قائد الجيش الذي أعتبره من أفضل الأسماء".

المساهمون