قوات الأمن الهدف المفضل للاعتداءات في فرنسا

22 ابريل 2017
تعمّد منفذ اعتداء الخميس إسقاط ضحايا من الأمن(جيف ميتشيل/Getty)
+ الخط -


سلّط اعتداء باريس، أول من أمس، الضوء مرة أخرى على استهداف الهجمات الإرهابية بشكل خاص لقوات الأمن الفرنسية بأفرعها المختلفة، شرطة ودركاً وجنوداً. فقد تعمّد منفذ الاعتداء بشكل واضح إسقاط ضحايا من رجال الأمن عندما أوقف سيارته بمحاذاة حافلة للشرطة وأفرغ رصاصات بندقيّته الآلية في اتجاه رجال الأمن، من دون استهداف المدنيين الذين كانت تعج بهم جادة شانزيليزيه في تلك الساعة من الليل.
وتحوّلت القوات الأمنية الفرنسية منذ سنوات عدة إلى هدف مفضّل للإرهابيين، وتبيّن للمحققين الفرنسيين أن غالبية مرتكبي الاعتداءات الإرهابية والمشتبه بتورطهم فيها يكنّون عداء خاصاً لقوات الأمن. ومع تطور الاعتداءات الإرهابية، برز معطى سوسيولوجي جديد تمثّل في اتجاه شريحة معينة من شبان الضواحي من أصول إسلامية نحو التطرف الديني بعد مرحلة من الانحراف وارتكاب جرائم حق عام. وهؤلاء يتكوّن لديهم بحكم سوابقهم الإجرامية واحتكاكهم بالمؤسسة الأمنية والسجون، حقد شديد على رجال الأمن بشكل خاص.
كذلك تضاعفت الاعتداءات على عناصر الشرطة بسبب تعليمات مباشرة من قِبل تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) الذي يصنّف الشرطة في الدول الغربية على قائمة أهدافه. وكان المتحدث باسم التنظيم أبو محمد العدناني، قد دعا في رسالة صوتية طويلة في سبتمبر/ أيلول 2014، بثها موقع "الفرقان"، أحد الوسائل الإعلامية الرئيسية للتنظيم، لمهاجمة عناصر القوى الأمنية، قائلاً: "هبوا يا أهل التوحيد، للدفاع عن دولتكم من مكان سكنكم أو حيثما كنتم (…) هاجموا جنود الطغاة والشرطة وقوات الأمن، والمخابرات والمتعاونين معهم".
ومنذ عام 2012 سقط تسعة عناصر من قوات الشرطة والجيش الفرنسيين في اعتداءات إرهابية وأصيب العشرات منهم. وتم إجهاض العديد من محاولات الاعتداء ضد المصالح والمنشآت الأمنية. ففي 18 مارس/ آذار الماضي، هاجم زياد بن بلقاسم، وهو فرنسي من أصل جزائري، دورية راجلة للجنود الفرنسيين كانت تقوم بمهام الحراسة في بهو مطار أورلي. وحاول المهاجم الاستيلاء على سلاح جنديّة قبل أن يطلق عليه زملاؤها النار ويردونه قتيلاً. وفي 3 فبراير/ شباط الماضي، هاجم مصري دورية عسكرية مؤلفة من أربعة جنود في الطابق السفلي من متحف اللوفر في باريس وحاول قتل أحدهم بساطور. وتمكن الجنود من إطلاق النار عليه.
وسبق ذلك في 13 يونيو/ حزيران 2016، قتل عبد الله العروسي ضابط شرطة وزوجته بعدة طعنات في منزلهما في ضاحية مانانفيل، قرب باريس. وتبيّن أن المعتدي ترصّد الضابط لأيام عديدة قبل أن يقوم باقتحام منزله لاغتياله. وقامت الشرطة بمحاصرة المعتدي الذي أعلن انتماءه لتنظيم "داعش"، ثم قتلته بعد أن رفض تسليم نفسه.


وفي 7 يناير/ كانون الثاني 2016، قام شخص تونسي يُدعى طارق بلقاسم بمحاولة اقتحام مركز للشرطة في الدائرة الثامنة عشرة في باريس. وكان المهاجم مسلحاً بسكين كبيرة وحزام ناسف تبيّن لاحقاً أنه مزيف. وقُتل المهاجم برصاص حراس المركز. وعُثر بين أوراقه على رسالة بخط يده أعلن فيها ولاءه لتنظيم "داعش".
وفي 10 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015، اعتقلت الأجهزة الأمنية شاباً يبلغ 25 عاماً بتهمة التخطيط لارتكاب اعتداء بالمتفجرات ضد قاعدة للبحرية الفرنسية في مدينة تولون، جنوبي فرنسا. وكان جهاز الاستخبارات يتعقب المشتبه به منذ عام واعتقله بعد أن حاول الحصول على مواد متفجرة. وقبل ذلك في 3 فبراير/ شباط 2015، قام موسى كوليبالي الذي يتحدر من ضاحية مونت لاجولي، قرب باريس، بالهجوم على أفراد دورية للشرطة كانت تحرس كنيساً يهودياً في مدينة نيس. وبعد اعتقاله، أقر المعتدي بأنه قام بهجومه لكونه "يحقد على الشرطة والجنود الفرنسيين".
وفي واحدة من أبرز الهجمات، قام حميدي كوليبالي، وهو "جهادي" متطرف أعلن ولاءه لتنظيم "داعش"، في 7 يناير/ كانون الثاني 2015، بقتل شرطية فرنسية في ضاحية مونروج، قرب باريس، قبل أن يقتحم في اليوم التالي متجراً يهودياً في باريس ويقتل أربعة أشخاص. وتمكّنت الشرطة من قتله بعد أن تحصن داخل المتجر برفقة العديد من الرهائن. وفي اليوم نفسه، قام الأخوان شريف وسعيد كواشي بالهجوم على مقر صحيفة "شارلي إيبدو"، وقتلا العديد من العاملين في الصحيفة إضافة إلى الشرطي محمد مرابط.
وفي 24 ديسمبر/ كانون الأول 2014، قام شاب بمحاولة للهجوم على مركز للشرطة في مدينة جوي ليتور، وسط فرنسا، شاهراً سكيناً، فأردته الشرطة قتيلاً. وفي 25 مايو/ أيار 2013، قام إسكندر دوسي بالهجوم على دورية عسكرية في حي لاديفانس، وتم اعتقال المعتدي الذي برر هجومه بأسباب دينية.
وقبل ذلك في 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2012، قامت الأجهزة الأمنية بتفكيك شبكة إرهابية منظمة أطلق عليها المحققون اسم "خلية كان/ ترونسي"، وكانت تنوي القيام بسلسلة من الاعتداءات بالقنابل والمتفجرات ضد ثكنات عسكرية في بلدة تورسي، في الضاحية الباريسية، وفي منطقة كوت دازور، في الجنوب. وفي 11 و15 مارس/ آذار 2012، قام محمد مراح، وهو فرنسي من أصول جزائرية، باغتيال ثلاثة عسكريين في مدينتي تولوز ومونتوبان حيث توجد قاعدة عسكرية مهمة لسلاح البر الفرنسي. وبعد مقتله على يد القوات الخاصة، تبين أن مراح كان على علاقة بتنظيم "القاعدة" وأنه اختار أهدافه بعناية في صفوف العسكريين.