قررت الهيئة التنفيذية الاتحادية لحزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي أخيراً، عدم طرح المرشحين الرئيسيين لانتخابات البوندستاغ (البرلمان)، خلال المؤتمر الحزبي المقرر انعقاده منتصف إبريل/ نيسان المقبل في مدينة دريسدن، بحجة أنّ قوائم المرشحين لم توضع بعد في الجمعيات الإقليمية.
وطالبت الهيئة التنفيذية باعتماد الانتخابات التمهيدية داخل الجمعيات الحزبية لاختيار المرشحين الأساسيين الذين سيخوضون الانتخابات العامة، ليكون الأمر مختلفاً هذه المرة داخل الحزب.
ولاقى هذا القرار اعتراضاً من معارضي الزعيم المشارك للحزب يورغ مويتن، الذي لا يزال في المقدمة ويتمتع بأغلبية مريحة في المجلس التنفيذي، ما يعكس مجدداً الانقسام الحاصل في صفوفه، والأحزاب على مسافة أشهر من الانتخابات العامة المقررة الخريف المقبل.
وبرر مويتن هذه الخطوة التي كانت مفاجأة للكثيرين في الحزب، بأنه يجب أولاً اختيار قوائم الولايات للانتخابات الفيدرالية قبل اختيار المرشحين الرئيسيين من طريق الانتخابات التمهيدية، مبرزاً أنّ طرح المرشحين الأساسيين من قبل الهيئة الاتحادية، لا الجمعيات الإقليمية، "يُعَدّ تحريفاً للمنافسة".
وأضاف، في تصريحات لصحيفة "تاغس شبيغل"، أنه "بهذه الطريقة يقرر أعضاء الحزب أنفسهم من يجب أن يمثلهم في الانتخابات العامة"، وهو قرار وصفه البعض بأنه "منطقي" على اعتبار أنّ أي شخص يُرشَّح يحتاج إلى مكان آمن في القائمة، وهذا ما يؤمنه له انتخابه من قبل اتحاده الإقليمي.
في المقابل، قارب معارضو مويتن داخل الحزب الأمر من منظار مختلف تماماً، وفي مقدمتهم شريكه في زعامة الحزب تينو شروبالا، الذي أعلن رغبته في أن تترك الهيئة التنفيذية الاتحادية القرار المتعلق بكيفية قيام الحزب بالحملة الانتخابية لمؤتمر الحزب، مشيراً، في مقابلة مع شبكة "إيه آر دي كابيتال"، إلى أنه "لا ينبغي تجاهل دور الأعضاء في مثل هذه القضية الهامة".
كذلك، في تعبير عن عدم الرضى عن القرار، قالت زعيمة الكتلة البرلمانية لحزب "البديل من أجل ألمانيا" أليس فايدل، في حوار مع "إيه آر دي كابيتال"، إنّ "الأعضاء والناخبين يتوقعون أن يذهب أكبر حزب معارض في البوندستاغ إلى الحملة الانتخابية بمرشحين رئيسيين".
صراع خفي على السلطة
وفي هذا الإطار، تشير التعليقات إلى أنّ صراعاً خفياً على السلطة وراء هذا النقاش، فشروبالا لديه طموحات لخوض الانتخابات مع فايدل في الانتخابات البرلمانية العامة.
وبينت شبكة "إيه آر دي كابيتال"، أنّ فايدل حاولت تعديل جدول أعمال جلسة الهيئة التنفيذية للحزب، لكن لم يوافق معها سوى ثلاثة أعضاء من المجلس. مع العلم، أنّ هذا الثنائي مع أنصار "الجناح" المنحل رسمياً والرئيس الفخري ألكسندر غاولاند، يشكلون معسكر أعداء الزعيم مويتن.
أما صحيفة "تاغس شبيغل"، فأشارت إلى أنه يعتقد أنّ مويتن، بهذا القرار، يحاول قطع الطريق على شروبالا وفايدل كمرشحين محتملين عن الحزب في الانتخابات العامة، علماً أنّ الأخير قرر عدم خوض انتخابات الحزب والبقاء في البرلمان الأوروبي.
هذا النزاع رأت فيه صحيفة "دي تسايت"، أنه "يعزز البنية الكارثية الداخلية للبديل، والرسائل يجري توزيعها وتجسيدها بطرق غير مواتية، فيما يعتمد نجاح الحزب في المقام الأول على المجموعة الحزبية التي ستدير الحملة الانتخابية".
صحيفة "دي تسايت": النزاع الداخلي "يعزز البنية الكارثية الداخلية للبديل
وسط هذه الخلافات، يبدو ميزان القوى داخل "البديل من أجل ألمانيا" معقداً. ففيما يحظى شروبالا بدعم في الولايات الواقعة شرقي البلاد، التي يهيمن عليها مؤيدو فصيل "الجناح" الراديكالي داخل الحزب ويقودهم بيورن هوكه، تكافح فايدل من أجل الحصول على دعم جمعية حزبها في ولاية بادن فورتمبيرغ، خصوصاً أنها تواجه قضية اتهام بتلقيها تبرعات لحملتها الانتخابية بطريقة غير قانونية، وهي القضية التي لم تنته فصولها بعد. من جهته، مويتن يعمل بدعم من أكثرية أعضاء الهيئة التنفيذية، حيث تشكل جمعيات غرب البلاد الأقل راديكالية، غالبية الأعضاء.
ومع الاصطفافات الحادة بين قيادي الحزب اليميني الشعبوي وافتقاره إلى المرشحين المناسبين، بينهم أفضل مرشحي الحزب في انتخابات 2017 ألكسندر غاولاند الذي بات مسناً على الترشح، تفيد الاستطلاعات بأنّ الحزب الذي حقق ما نسبته 13% في الانتخابات البرلمانية عام 2017 ، يحقق الآن ما نسبته 10%.
ولم يبتعد مؤيدو "البديل من أجل ألمانيا" عن حزبهم، رغم النزاعات القائمة وانشغال الحزب بمشاكله الداخلية، بينها فصل الجناح القومي واستبعاد بعض القياديين، فضلاً عن وضع بعض جمعيات الحزب تحت مراقبة المكتب الاتحادي لحماية الدستور، في ظل عدم انصراف الحزب للعمل على توجهات مستقبلية لمنافسة الأحزاب الأخرى، ومن بينها مقاربته السياسية غير الواضحة إزاء أزمة كورونا.
ومن المؤكد أنّ الحزب اليميني الشعوبي سيبقى يمثل فئة من المواطنين في البوندستاغ المقبل، بغضّ النظر عن حجم الكتلة التي سينالها، بينما يبقى احتمال خسارته العديد من الأعضاء والناخبين، ولا سيما في غرب البلاد، قائماً إذا ما قرر مكتب حماية الدستور مراقبة الحزب ككل.