وصل رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، اليوم الجمعة، إلى قرغيزستان، كما أعلنت سلطات هذه الجمهورية السوفييتية السابقة، لعقد ثاني قمة بين الاتحاد الأوروبي ودول آسيا الوسطى، المنطقة التي تتنافس عليها القوى الكبرى بشدة على خلفية إضعاف روسيا.
ويُنتظر مشاركة رؤساء كازاخستان وقرغيزستان وأوزبكستان وطاجيكستان ووفد من تركمانستان، الدولة النائية، في هذه القمة التي تنظم في مدينة شولبون آتا، على ضفاف بحيرة إيسيك كول.
يأتي ذلك بعد أسبوعين فقط من قمة غير مسبوقة بين رؤساء خمس من الجمهوريات السوفييتية السابقة في آسيا الوسطى والصين برئاسة شي جين بينغ، التي تعزز هيمنتها في هذه المنطقة التي تُعدّ تقليدياً تحت النفوذ الروسي.
وأعطى الغزو الروسي لأوكرانيا دفعاً جديداً للعلاقات بين دول آسيا الوسطى والاتحاد الأوروبي، فيما أتاح لقادة آسيا الوسطى تنويع شراكاتهم، وقاموا بالمثل مع إيران وتركيا.
ويُعتبر الاتحاد الأوروبي أكبر جهة مانحة للمنطقة مع 1.1 مليار يورو من المساعدات بين 2014 و2020، كما يُعدّ الاتحاد الأوروبي أيضاً أبرز شريك للاستثمارات في آسيا الوسطى مع 42% من إجمالي قيمتها، متقدماً بفارق كبير عن الولايات المتحدة (14.2%)، وروسيا (6%)، والصين (3.7%). لكن في الأسابيع الماضية، لوّح الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات ثانية على دول أخرى متهمة بمساعدة روسيا على الالتفاف على العقوبات الغربية، وبينها جمهوريات آسيا الوسطى.
لكن بروكسل تحاول تخفيف آثار إجراءات متخذة ضد روسيا يمكن أن تطاول بشكل غير مباشر جمهوريات آسيا الوسطى، حتى لا تدفعها أكثر إلى أحضان موسكو. لأنه رغم الرغبة المعلنة من دول المنطقة باعتماد سياسة خارجية متعددة الاتجاهات، فإن هذه الدول تبقى مرتبطة بشكل وثيق بروسيا، القوة الإقليمية تاريخياً، عبر تحالفات عسكرية واقتصادية وروابط ثقافية أقوى. وهذا الدور تسعى إليه الصين الآن، التي تمنح بشكل خاص قروضاً كبيرة لتمويل "طرق الحرير الجديدة"، وهو مشروع عملاق للبنية التحتية.
ولا تزال أنظمة آسيا الوسطى تُعتبر سلطوية بدرجات متفاوتة، حيث تنتقد المنظمات غير الحكومية بانتظام وضع حقوق الإنسان فيها، كما أن الوضع الأمني لا يزال غير مستقر، مع اندلاع معارك دامية خلال العام الماضي بين قرغيزستان وطاجيكستان، وثورات قُمعت بالقوة في كازاخستان وأوزبكستان.
بالإضافة إلى ذلك، لا يزال تولي "حركة طالبان السلطة" في أفغانستان المجاورة مصدر قلق لدول آسيا الوسطى التي لا تزال مترددة في التعامل مع هذه الحكومة التي لا تعترف بها أي دولة.
(فرانس برس)