قفزات التطرف القومي... أوروبا تستعيد كوابيس الفاشية

30 ديسمبر 2022
احتفال لليمين المتطرف في بولندا، نوفمبر 2020 (Getty)
+ الخط -

فتح الهجوم الأخير لفرنسي يميني متطرف ضد مركز كردي في باريس، الجمعة الماضي، السجال مجدداً على ارتفاع منسوب الهجمات ضد المواطنين من أصول غير غربية في أوروبا، والتي تزايدت بشكل لافت منذ عام 2010. 

ويعيد الهجوم التذكير بتحول جماعات التطرف اليميني من حالة جذب لكبار السن الحالمين بالأيام الخوالي عن القوة القومية المتفوقة، إلى انتشار أفكارها بين أجيال أوروبا الشابة مع نهاية عام 2022. 

ويبدو أن الحال في أوروبا، والغرب عموماً، يتغير مع موجات الهجرة واللجوء الجديدة نحو أوروبا، لتصير الأفكار المتطرفة وأحزابها، التي تأسست في أغلبها مع بدايات العقد التاسع من القرن الماضي، واقعاً تصبح فيه "اليمينية الراديكالية"، بما فيها المبررة لاستخدام العنف والقوة، مغناطيساً جاذباً لفئات عمرية شابة، بل حتى لنساء قادرات على إقناع الجمهور في القارة العجوز بأن مشاكله، بما فيها الاقتصادية وانحسار ما يُسمى "الأغلبية" القومية، لمصلحة مجتمعات الهجرة من خارج القارة، يمكن حلها بالتصويت لذلك المعسكر. وهو معسكر بات منتشراً من أقصى الشمال الاسكندنافي إلى أقصى جنوب القارة.

يعمل أنصار اليمين المتطرف على تقديم شعارات جاذبة لجمهور جديد
 

كمثلين فقط عن حالة التطبيع مع أفكار التطرف، التي تساهم بدرجات كبيرة في التحريض على العنف من خلال خطابات قومية متشددة، تبدو فرنسا وإيطاليا حالتين مثيرتين للانتباه. فالرعيل الأول من أوروبيي ما بعد الحرب العالمية الثانية، بمن فيهم ضباط سابقون في الأمن ومحاربون قدامى، ساهم في تأسيس تلك الأحزاب.

وباتت القارة العجوز بمرحلة "ما بعد الفاشية"، إذا أخذنا بالاعتبار أن روما باتت اليوم في قبضة رئيسة حزب "فراتيلي ديتاليا" (إخوة إيطاليا)، جورجيا ميلوني، بتحالف مع معسكر شعبوي لا يقل تطرفاً، وبالأخص زعيم "ليغا" (الرابطة) ماتيو سالفيني. 

وغير بعيد عن هذا المشهد، ففي فرنسا، التي تضم ملايين المهاجرين، أظهرت مارين لوبان قدرة على توسيع تأثيرها (على الرغم من فشلها بالوصول إلى الإليزيه) بسيطرة حزبها "التجمع الوطني" على 89 مقعداً في الجمعية الوطنية (البرلمان الفرنسي)، من أصل 577 مقعداً.

قفازات حريرية مع التطرف

باتت أوروبا اليوم، مثل حليفتها على الضفة الأخرى للأطلسي، أميركا، تعيش على وقع تغيرات في مستوى التطرف إلى حد أن الصورة النمطية لمجموعات التطرف اليميني لم تعد فحسب كتلك التي يظهر فيها رجال وفتية يرتدون قمصاناً تحمل رموزاً، واستعداداً لإظهار القوة البدنية، والصراخ في الشوارع التي يجوبونها حاملين مشاعل ورايات التفوق العرقي. تحولت الصورة إلى رجال بربطات عنق، ونساء متأنقات، يعملون على تقديم ما يلزم من الديماغوجيا الجاذبة لأطراف اجتماعية، لم يكن لديها يوماً ميل نحو قبول العودة بأوطانها إلى كوابيس جلبها الفكر النازي ـ الفاشي.

وحين أعلنت ألمانيا في بداية ديسمبر/كانون الأول الحالي إفشال "محاولة انقلاب"، باعتقال العشرات من جماعة "مواطني الرايخ"، ظهر بشكل واضح أن هذه الحركة اليمينية المتطرفة، استطاعت، باعتراف وزيرة داخلية ألمانيا نانسي فيسر، في مقابلة مع "بيلد آم زونتاغ"، جذب المزيد من الأعضاء والمناصرين، في سياق زيادة نسبة المنضمين إلى الجماعات المتطرفة بنحو 10 في المائة خلال عام واحد فقط. 

كما شارك أعضاء وأنصار "مواطني الرايخ" بنشاط في الاحتجاجات على قيود كورونا، كغيرهم من المتشددين في أنحاء أوروبا، كنوع من تطبيع صورة الصدام العنفي الذي تشيعه أغلب حركات التطرف الأوروبي.

تحت أعين جهاز الاستخبارات الألماني، نمت جماعات التطرف القومي في ألمانيا بشكل لافت. ويقدر الجهاز الأمني زيادة أعداد من انضموا إلى مجمل الحركات ذات التوجه الفاشي والنازي بحوالي 2000 شخص في عام واحد فقط. ذلك يعني ببساطة أن النواة الصلبة للمتطرفين تتجاوز الـ23 ألفاً مع نهاية العام الحالي، بالاعتماد على الأرقام الرسمية. 

اختراق التشدد القومي المؤسسات الألمانية بات حقيقة مرعبة للطبقات التقليدية

بيد أن الأمور أخطر بكثير مما يسوق سياسياً، ووفقاً لمصادر مطلعة في برلين تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن الخطورة "ليست في الأشخاص الذين يعبّرون عن آمال العودة إلى ما يعتقدونه ماضياً مجيداً، أي إلى حالة التفوق الآري". وأضافت المصادر أن "الأمور تتعلق بمخاطر الاستعداد لدى آلاف (تقدرها بأكثر من 6 آلاف) لاستخدام السلاح والتفجيرات لتعجيل ما يرونه صداماً حتمياً".

عملياً، وبالعودة إلى أرشيف تقارير الاستخبارات الألمانية، يمكن اكتشاف أن تقارير السنوات الماضية عن حالات اختراق التشدد القومي للأمن والجيش الألمانيين، والمؤسسات الحكومية، لم تعد مجرد "تسريبات"، بل حقيقة مرعبة للطبقات السياسية التقليدية في أغلب الدول الأوروبية.

أغرب ما في نقاشات القارة العجوز، التي تواجه بالفعل تغلغل الفكر اليميني المتطرف، أن حالة الإنكار بقيت سيدة الموقف الأمني (الاستخباراتي) منذ عام 2001، على اعتبار "الإرهاب" ذا مصدر واحد، وهو المسلمون. 

ففي تقرير تقدير موقف ذهب جهاز "اليوروبول" (الشرطة الأوروبية) في يوليو/تموز 2011، إلى الاستخفاف بكون اليمينيين المتطرفين "ليسوا الأكثر خطورة"، على الرغم من الهجوم الإرهابي المروع الذي شهدته النرويج على يد "سفاح أوسلو" أندرس بهرينغ بريفيك، وحصد إرهابه أرواح 77 شخصاً في 22 يوليو 2011.

الأعجب في الأمر أن "اليوروبول" ظل يكرر عبارات: "الإسلاميون المتشددون أسوأ تهديد إرهابي وأكبر بكثير من المتطرفين اليمينيين"، كما ذكر المتحدث باسم الجهاز الأوروبي، سورن كراغ بيدرسن، في مقابلة مع صحيفة "بوليتيكن" الدنماركية (في 28 يوليو 2011). 

وشدّد على أن "رسالتنا واضحة، علينا التركيز على بيئة خطر الإرهاب الإسلامي". بل لتبرير ذلك اعتبر الجهاز الأمني أنه "لم يحدث في 2010 أي هجوم يميني إرهابي، بينما كان المتطرفون اليساريون وراء 45 هجوماً. ونفذت الحركات الانفصالية في إسبانيا وفرنسا على وجه الخصوص الغالبية العظمى من الهجمات الإرهابية في أوروبا". في ذات العام (2011)، أحصي اعتقال 179 مسلماً بسبب "التخطيط لهجمات".

وظلت الأجهزة الأمنية الأوروبية تستخدم القفازات الحريرية مع البيئات المتطرفة اليمينية، على الرغم من كل التقارير والتسريبات التي كشفت عن عمق التنسيق بين مجموعاتها الغربية، بل وإجراء تدريبات على استخدام العنف في غابات القارة، بما فيها السويد والنرويج والدنمارك وروسيا، بتنسيق مع جماعات تطرف الأخيرة في سان بطرسبرغ. 

وبقيت الطبقة السياسية التقليدية في القارة تعيش أوهاماً بأن الإرهاب حكر على المسلمين. وسالت منذ تاريخه دماء كثيرة في أوروبا، وازدادت الخطابات المحرضة على العنف ضد المهاجرين، من رجال ونساء ينتمون إلى معسكري النازية والفاشية الجديدة في القارة، فقُتل عشرات المهاجرين، كما في ألمانيا نفسها في 2012، قبل أن تبدأ عملياً التحولات في "اليوروبول" وفي بعض أجهزة الاستخبارات الغربية للتركيز على خطر جماعات التفوق العرقي الأبيض.

هجوم باريس... رأس جبل جليد

إذا كانت فرنسا شهدت بالفعل قبل نحو 7 سنوات آخر هجوم إرهابي دام، نفذه متشددون إسلاميون، فلا شك أيضاً أن بيئة الإرهاب المقابل لم تعد أقل خطراً، وهي تستند بصورة متزايدة إلى ما يشبه تطبيع الخطاب القومي المتطرف، الذي يعتبر فيه ساسة في السلطة والمعارضة على حد سواء أن "القارة الأوروبية تتعرض لغزو مهاجرين" (بتعبير رئيس وزراء المجر فيكتور أوربان منذ 2015). وهو ما يكرره حكام إيطاليا وبرلمانيون فرنسيون وألمان وسويديون من أجنحة المعسكرات المتطرفة.

ما شهدته باريس أخيراً من هجوم طاول مركزاً ثقافياً كردياً، ليس بمعزل عن الأجواء التي يشهدها بعض الغرب في تحولاته نحو التصادم بين الطبقات السياسية التقليدية لفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية وتلك التي تقدم نفسها بدائل "أكثر وطنية"، وبأفكار تدفع نحو مواجهة أشبه بـ"حروب أهلية" مصغرة، بحسب ما يقوله الباحث السياسي الدنماركي جون غراوسغورد لـ"العربي الجديد".

في فبراير/شباط الماضي، استذكر الألمان الضحايا التسع للاعتداء الذي وقع قبل عامين بولاية هيسن (والذي عُرف باسم هجوم هاناو). أعاد المستشار أولاف شولتز سرد أسماء الضحايا، كما فعلت في 2012 المستشارة السابقة أنجيلا ميركل مع 12 ضحية من أصول تركية قُتلوا على يد المجموعات النازية. 

تُتهم الطبقة السياسية الأوروبية بمجاراتها لخطابات اليمين المتطرف حول المهاجرين

ووعد شولتز بأن الحكومة الفيدرالية "ستحارب العنصرية وإرهاب اليمين المتطرف، وستوقف الشبكات المتطرفة وتقدم الدعم للضحايا وأقاربهم". وقال في الوقت نفسه إنه "ينبغي استثمار المزيد في التثقيف السياسي ومنع الأعمال العنصرية".

لكن الوقائع تختلف كثيراً عن تلك الوعود، التي أيضاً لم تصدقها حشود المتظاهرين في فرانكفورت وبرلين وهامبورغ، ممن يعرفون تماماً التقدم الكبير لمعسكر اليمين المتطرف منذ 2012. فحزب "البديل لأجل ألمانيا" ضُبط في مناسبات عدة وهو يضم في صفوفه نازيين جدداً، ويُتهم بالتنسيق مع حركاتهم، وبالأخص منذ تأسيسه مع حركة "بيغيدا" في شرق البلاد تحركات احتجاجية، وتوسعه نحو أغلب مناطق ألمانيا.

تُتهم الطبقة السياسية الألمانية كما بقية الطبقات السياسية الأوروبية بمجاراتها لخطابات اليمين المتطرف حول المهاجرين، كمادة رئيسة ومركزية لدى الحركات والأحزاب المتشددة، وبالأخص في توصلها إلى "تسويات" أشبه بتنازلات للمتطرفين حول المواطنين والمهاجرين من أصول غير أوروبية، وبما يعزز خطاب أنهم سبب مشاكل بلادهم.

وفي مقابل محاولات حظر مؤسسات وجمعيات وإغلاق مساجد بحجج "التشدد"، لم تُقدِم الحكومات الأوروبية، إلا نادراً، على حظر أحزاب وجماعات تحرض على العنف ضد "الأجانب" (بمن فيهم مواطنون ولدوا وكبروا في مجتمعاتهم الأوروبية). فالتشدد في القوانين من قبل الأحزاب التقليدية، وفقاً لباحثين أوروبيين، يساهم كثيراً في تعزيز صورة أولئك الذين كانوا مجرد أشخاص "متطرفي ومشوشي الأفكار".

في المجمل، وبصورة عملية، بات الآلاف اليوم أعضاء في الجماعة الألمانية المعروفة اختصاراً بـ"نوس" (الاشتراكيون الوطنيون تحت الأرض)، مثلما تجد حركات أخرى المزيد من المؤيدين في الأحزاب القائمة. والاختراقات في مؤسسات الدول، بما فيها الأمن والجيش، والتنسيق مع البرلمانيين المتطرفين، أصبحت جميعها أكثر حيوية ونشاطا منذ 2014.

قواسم مشتركة بين متطرفي أوروبا

تزايُد نفوذ الفكر القومي المتطرف في أوروبا خلال السنوات الماضية تُرجم في صعود الأحزاب الممثلة له في الانتخابات المحلية والإقليمية والوطنية، وكذلك في انتخابات برلمان الاتحاد الأوروبي في عام 2014. لكن تلك الجماعات باتت اليوم تشكل مصدر إزعاج وتهديد لمستقبل القارة العجوز، التي تواجه بشكل متزايد تراكماً في تحدياتها المحلية والإقليمية، وعلاقاتها الدولية.

تتفق غالبية جماعات الإرهاب الأبيض "دم وشرف" و"كومبات 18" و"الدفاع" وكل الجماعات الأخرى في ألمانيا وفرنسا وبقية الدول، على أن المعركة هي ضد المسلمين، وتجهد لجذب الجيل الشاب، ومن خلال رموز بعينها، بناء على مصطلح معروف يسمى "نيبستر" (مصطلح نازي مرتبط بأنواع محددة من الأزياء والشعر)، لالتقاطهم وتجنيدهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي شبكات الإنترنت وبعض الأدبيات المحرضة على القتل، مثلما تقوم الحركات العنفية الاسكندنافية من خلال منشوراتها "أوراسبوستن" (موقف أو خدمة مكشوفة وخطيرة، وغالباً ما تكون مرتبطة بالنزاعات).

ويستند منتمو الحركات المتطرفة إلى قواسم مشتركة، أبرزها موقف نقدي للغاية تجاه المجتمع الغربي ومؤسساته وديمقراطيته، وعدم إيمان بإمكانية تغيير المجتمع من خلال الإصلاحات، ولكن فقط من خلال الثورة. كما تدافع هذه الحركات عن نظام شمولي يُفهم بأنه يقوم على تبعية المجتمع في مجمله، وتقبّل العنف والإرهاب كوسيلة في المرحلة الانتقالية. ويعتقد أتباع هذه الجماعات أنهم يمتلكون الحقيقة وأن هذه المعرفة تبرر قمع المنشقين عنهم.

وتجمع أجنحة الجماعات اليمينية المتطرفة على المستوى الأوروبي قواسم مشتركة. فهي بارعة في استغلال المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والمالية، لاستقطاب المزيد من المؤيدين لفكرة الثورة على الطبقات والمؤسسات التقليدية الحاكمة. بالنسبة لها، فإن الاتحاد الأوروبي يعبّر عن عدوهم المشكّل لـ"العولمة"، التي يرونها خطراً على بلدانهم الأوروبية، والتغيرات التي يعتبرونها مهددة لـ"القيم الوطنية المسيحية".

جماعات العنف المتطرف في أوروبا وأميركا تُقدّم صورة رومانسية عن "حتمية الصدام" مع "الغزاة" (المهاجرين)

اللعب على الخوف وعدم اليقين، من خلال خطاب شعبوي وانتهازي، وبالتعاون مع متطرفين في روسيا، تجيده الجماعات المتطرفة، وخطورته أنه يبسط عدم الرضا على النظام السياسي وضرورة التمرد عليه باعتبار أن الهجرة الجماعية واللجوء نحو أوروبا أحد أهم التهديدات لمستقبل دولهم. بل يشيع هؤلاء نظرية المؤامرة عن أنه ثمة مخططات لاستبدال العرق الأبيض، أو تحويله من أغلبية في دولهم إلى أقلية، عبر جذب المزيد من المهاجرين من خارج القارة. ينجح المتطرفون في بث نظرية المؤامرة بإعادة تدوير أخبار وأرقام مضللة ومضخمة عن أعداد مسلمي هذا البلد وذاك.

"مانيفستو" الإرهاب الأبيض

ويراهن قادة الأحزاب والجماعات اليمينية المتطرفة على "المانيفستو" (البيان) الإرهابي الأبيض لجذب المزيد من الناخبين للتصويت لأحزابها، باعتبارها برلمانية وقادرة على تقديم وعود لا تجرؤ عليها الأحزاب التقليدية. فمثلاً حين يتحدث تحالف فيكتور أوربان المجري أو ميلوني الإيطالية وغيرهما في ألمانيا والسويد والدنمارك والنمسا وهولندا إلى الناخبين، فإنهم يدركون انجذاب الناخبين عاطفياً إلى شغف ربط السياسة ببقاء الحضارة الغربية ككل.

جماعات العنف المتطرف في أوروبا، وينطبق ذلك على الولايات المتحدة، تُقدّم صورة رومانسية عن "حتمية الصدام" مع "الغزاة" (المهاجرين). في معتقدات وفلسفات مرتكبي الهجمات ضد المهاجرين أو مؤسسات دولهم أن ذلك سيسرع مستقبلاً من "الحرب الأهلية" أو لـ"تحرير" بلادهم من قبضة خليط من المهاجرين واليساريين واللوبيات اليهودية. 

وينشر كثيرون منهم أفكاراً عن ضرورة "التجهّز"، سواء بالمؤن أو المخابئ ومواصلة التدرب على الأسلحة والإبقاء على اللياقة البدنية من أجل "اليوم الموعود"، كما يأملون دفعهم نحو التدرج التحريضي بحق اللاجئين ومواطني دولهم من غير البيض. بعضهم يتخذ أسماء من مثل: "الفنلنديون الحقيقيون" (كحزب سياسي) أو "الدنماركيون الحقيقيون" (كالحزب النازي الدنماركي والحركة القومية الاشتراكية) إلى آخره من أحزاب وحركات، كتعبير عن أن أولئك الملونين ليسوا بالفعل مواطنين، بل "غزاة" وجب الاستعداد لمحاربتهم وطردهم.

وتُتهم أحزاب اليمين المتطرف في أكثر من دولة بالتنسيق مع الحركات النازية، كما في حالة السويد التي ضم ثالث أحزابها البرلمانية (ديمقراطيو السويد) عدداً من أعضاء "سابقين" في "جبهة مقاومة الشمال" الفاشية، التي تؤمن بالعنف ضد الأجانب، وتجري تدريبات مع الدنماركيين والنرويجيين في غابات اسكندنافيا، وتنسق مع متطرفي روسيا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا واليونان.

عموماً، يرى هؤلاء في أيديولوجياتهم "القومية الاشتراكية" أن "الدولة السليمة تتكون من وحدة الشعب، كسليل بيولوجيا (الدم) ومن الأرض". وعليه، فاختراق مؤسسات الدول يهدف أيضاً، من بين أشياء كثيرة، للدفع بمن يؤمن بأفكارهم إلى مناصب يكون من خلالها قادراً على استثناء غير البيض من الوظائف، وتسويق ناعم لمجموعة "القيم" المتطرفة عن الأوطان المتخيلة نقيةً من غير وافدين، وفقاً للباحث الدنماركي في شؤون الجماعات اليمينية المتطرفة، كريس هولمستيد.

تقارير دولية
التحديثات الحية

المساهمون