كشفت مصادر مصرية خاصة كواليس جديدة متعلقة بقضية الآثار الكبرى، التي تمت إحالتها إلى المحاكمة أخيراً، والمتورط فيها رجل الأعمال حسن راتب، والسفير الإماراتي في مصر حمد سعيد الشامسي، والنائب المصري السابق علاء حسانين.
وكشف مصدر خاص أن زيارة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إلى القاهرة، أخيراً، لحضور اجتماعات اللجنة المصرية السعودية المشتركة، كانت فرصة للحديث عن تفاصيل متعلقة بالقضية، التي ينظرها القضاء المصري في الوقت الراهن، والخاصة بتهريب والاتجار في الآثار.
بحث سعودي عن مخرج لقضية الآثار الكبرى
وقال المصدر، إن الوزير السعودي جاء إلى القاهرة حاملاً رسالة مهمة، بسبب الحديث عن تورط ثلاث شخصيات سعودية في القضية. وأضاف المصدر أن الرسالة التي حملها بن فرحان كانت تهدف للبحث عن مخرج لهذا المأزق، والخاص بوجود أسماء المتهمين السعوديين، الذين وردت أسماؤهم في التحريات والتحقيقات.
أكد حسن راتب، خلال التحقيقات، أن الآثار محل الاتهام خرجت من مصر بمعرفة جهات رسمية
ولفت المصدر، الذي تحدث لـ"العربي الجديد"، إلى أن اجتماعات اللجنة المصرية السعودية المشتركة، والتي قيل إن الوزير السعودي جاء لحضورها، كان مقرراً أن تعقد على مستوى نواب الوزيرين، قبل أن يبلغ الجانب السعودي المسؤولين في مصر، بحضور فيصل بن فرحان، لحمله رسالة رفيعة المستوى.
الآثار خرجت من مصر بمعرفة جهات رسمية
في مقابل ذلك، كشف مصدر مطلع على التحقيقات أن رجل الأعمال حسن راتب أكد، خلال التحقيقات، أن الآثار محل الاتهام خرجت من مصر بمعرفة جهات رسمية، ودخلت إلى الإمارات بمعرفة جهات رسمية، وأن دوره لم يكن أكثر من وسيط في هذه القضية.
وأوضح المصدر أن راتب أكد خلال التحقيقات أنه ضحية لخلافات أكبر منه بكثير، بين مسؤولين بارزين في الدولتين، في إشارة إلى مصر والإمارات.
كما كشف المصدر أن السفير الإماراتي في القاهرة، والذي تم ترحيله مؤخراً، لم يكن وحده الشخصية الإماراتية المتورطة في القضية. وأشار إلى أن هناك مسؤولاً آخر في سفارة الإمارات بالقاهرة، تم سحبه أيضاً من جانب دولته عقب تفجير القضية، بالإضافة إلى إماراتيين اثنين آخرين، أحدهما رجل أعمال شهير.
وقال مصدر خاص إن تفجير القضية يعد حلقة مهمة من حلقات توتر العلاقات المصرية الإماراتية، على خلفية عدد من الملفات المتعلقة بقضايا المنطقة.
وأوضح المصدر أنه رغم إبلاغ الجانب المصري بخضوع السفير السابق للتحقيق في بلاده بشأن القضية، إلا أن ذلك لم يحدث، حيث تم نقله للعمل في إحدى الإدارات بوزارة الخارجية الإماراتية المتعلقة بإدارة العلاقات الأوروبية. ولفت إلى أنه، أي السفير السابق، يرتبط بعلاقة قرابة مع مستشار الأمن الوطني الإماراتي طحنون بن زايد.
ضبط المتهمين وبحوزتهم 201 قطعة أثرية
وكانت الشرطة المصرية قد ضبطت المتهمين في القضية، وبحوزتهم 201 قطعة أثرية، منها لوحان خشبيان لتابوت منقوش باللغة الهيروغليفية، ومجموعة من التمائم تمثل آلهة مختلفة، ومجموعة أخرى من التمائم، و3 قطع حجرية مدون عليها نقوش فرعونية.
وتضمنت الآثار المضبوطة أيضاً مائدة قرابين حجرية، وطبقين من البازلت أسود اللون، و4 فازات (مزهريات) مختلفة الأحجام، وإناء من الألباستر، و24 قطعة من الأواني مختلفة الأشكال والأحجام.
تفجير القضية يعد حلقة مهمة من حلقات توتر العلاقات المصرية الإماراتية
كما تم ضبط 3 أوانٍ صغيرة الحجم من المرمر، وإبريق صغير الحجم أخضر اللون، و6 قطع من الفخار على شكل إناء صغير، و36 تمثالاً مختلفة الأطوال. وجرى التحفظ على القطع الأثرية وإخطار النيابة التي باشرت التحقيقات.
ومطلع الأسبوع الحالي، استشعرت محكمة جنايات القاهرة الحرج في قضية الآثار الكبرى، المتهم فيها راتب، وعلاء حسانين، الملقب بـ"نائب الجن والعفاريت"، و21 متهماً آخرين، وأحالتها إلى محكمة استئناف القاهرة لتحديد دائرة أخرى لنظرها.
وكان النائب العام المصري المستشار حمادة الصاوي أمر بإحالة المتهمين، وبينهم هاربون، إلى محكمة الجنايات المختصة. واتهم علاء حسانين بتشكيل وإدارة عصابة بغرض تهريب الآثار إلى خارج البلاد، وإتلافه آثاراً منقولة بفصل جزء منها عمداً، واتجاره في الآثار، واشتراكه مع مجهول، بطريق الاتفاق، لتزييف آثار بقصد الاحتيال.
واتهم حسن راتب بالاشتراك مع حسانين في العصابة التي يديرها بتمويلها، لتنفيذ خططها الإجرامية، واشتراكه معه في ارتكاب جريمة إجراء أعمال حفر في 4 مواقع، بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص والاتجار بها. بينما اتُهم باقي المتهمين بالانضمام إلى العصابة المشار إليها، وإخفاء البعض منهم آثار بقصد التهريب، وإجرائهم أعمال حفر في المواقع الأربعة بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص.
وأقامت النيابة العامة الدليل على المتهمين من شهادة 15 شاهداً، منهم مُشاركون في التحريات، والقائمين على ضبط المتهمين، نفاذاً لإذن النيابة العامة. وتعرف بعضهم على عدد من المتهمين خلال عرضهم عليهم قانونياً في التحقيقات، وما ثبت للنيابة العامة من معاينتها مواقع الحفر الأربعة. وتم فحص ومشاهدة هواتف بعض المتهمين، وما تضمنته من مقاطع مرئية وصور لقطع أثرية ومواقع للحفر ومحادثات جرت بينهم بشأنها.
كما جاء الدليل بناء على ما انتهت إليه اللجنة المشكلة من المجلس الأعلى للآثار منفحص القطع الأثرية المضبوطة، ومشاهدة المقاطع المرئية، والصور المشار إليها بهواتف المتهمين، وما ثبت بتقرير اللجنة المشكلة من منطقة آثار مصر القديمة، من معاينتها مواقع الحفر وفحص الأدوات والآلات المضبوطة.