تواجه "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) صعوبات في القضاء أو الحدّ من تأثير ما يُعتقد أنها خلايا لتنظيم "داعش" تنشط في ريف دير الزور الشرقي، والذي يشهد أيضاً تظاهرات مطالبة بتحسين الوضع المعيشي ومنددة بالفساد المستشري في مؤسسات الإدارة الذاتية التابعة لـ"قسد".
حملة أمنية في ريف دير الزور
وذكرت شبكات إخبارية محلية أن قوات المجلس العسكري في دير الزور، التابع لـ"قسد"، اعتقلت أول من أمس الجمعة، العديد من الأشخاص، في سياق حملة مداهمات بدأت مساء الخميس الماضي في بلدات عدة بريف دير الزور الشرقي، مع فرض حظر تجول وتفتيش منازل عدد من المطلوبين.
من جهته، أكد المتحدث باسم "قسد"، آرام حنا، أن هذه القوات "ألقت القبض على 7 إرهابيين ينتمون لداعش" في بلدة العزبة بريف دير الزور الشمالي". وأشار حنا إلى أن القوات "ضبطت بحوزة هؤلاء الأشخاص أسلحة مختلفة وأجهزة اتصال ومعدّات ووثائق تثبت صلتهم بتنظيم داعش الإرهابي"، مؤكداً استمرار حملات قوات "قسد" في ريف دير الزور لـ"مكافحة خلايا التنظيم وتفكيكها، وضبط أمن واستقرار المنطقة وحماية الأهالي وحفظ ممتلكاتهم".
"قسد" بدأت الخميس حملة مداهمات في بلدات عدة بريف دير الزور الشرقي، وفرضت حظر تجول، وداهمت منازل
وبيّن حنا أن "التحالف الدولي" بقيادة الولايات المتحدة "يقدم كل الدعم والمساندة لقوات قسد في حربها المستمرة ضد خلايا التنظيم في ريف دير الزور الشرقي". كذلك أشار إلى أن الحملات المتكررة من قبل قوات "قسد" أدّت إلى تقليص نشاط التنظيم في بلدات ريف دير الزور إلى حدّ بعيد". ورأى أن "كل محاولات التنظيم في إرهاب الناس ستبوء بالفشل".
وتشير المعطيات الميدانية إلى أن خلايا تنظيم "داعش" تنشط بين وقت وآخر في ريف دير الزور الشرقي، وهو ما يدفع قوات "قسد" للقيام بحملات أمنية، في محاولات يبدو أنها تواجه صعوبات للحد من نشاط التنظيم الذي كان سيطر على هذا الريف الغني بحقول وآبار النفط، وفي مقدمتها حقل "العمر" النفطي، ما بين 2014 ومطلع عام 2019.
في موازاة ذلك، ذكرت مصادر مقربة من "قسد" أن هذه القوات تتحضّر لشنّ حملة أمنية في ريفي الحسكة الشرقي والجنوبي على طول الحدود بين العراق وسورية، في محاولة جديدة للقضاء على خلايا للتنظيم ولضبط هذه الحدود شمال نهر الفرات.
وتضم محافظة الحسكة مخيم "الهول" في ريفها الجنوبي الشرقي، والذي يحوي عائلات لعناصر التنظيم من نحو 50 جنسية.
وكان تنظيم "داعش" شنّ مطلع العام الحالي عملية واسعة النطاق لإطلاق سراح معتقلين له لدى "قسد" في سجن الحسكة المركزي، إلا أن العملية لم تنجح بسبب تدخل "التحالف الدولي" ضد الإرهاب بقيادة أميركية، وهو الداعم الرئيسي لقوات "قسد" التي تشكل الوحدات الكردية ثقلها الرئيسي.
وكانت قوات "قسد" قد طردت تنظيم "داعش" من كلّ الشمال الشرقي من سورية، أو ما بات يُعرف بـ"منطقة شرقي الفرات"، بعد سنوات من سيطرة هذا التنظيم على أجزاء واسعة من هذه المناطق، وخصوصاً في محافظتي الرقة ودير الزور.
وكانت بلدة الباغوز في ريف دير الزور الشرقي، آخر معقل للتنظيم في شرق الفرات، قبل أن تسيطر عليها قوات "قسد" في مطلع عام 2019 بدعم ناري من طيران "التحالف الدولي" الذي يعتمد على "قسد" في الحرب ضد الإرهاب في الشمال الشرقي من سورية.
"قسد" تفشل في القضاء على "داعش"
ويعزو الباحث السياسي المواكب للمشهد في الشرق السوري، فراس علاوي، في حديث مع "العربي الجديد"، فشل قوات "قسد" في القضاء على خلايا "داعش" في شرقي سورية، وخصوصاً في ريف دير الزور، إلى أسباب عدة.
فراس علاوي: "قسد" غير مقبولة من أغلب سكّان الشرق السوري، أي أن لا حاضنة اجتماعية لها في المنطقة
وفصّل علاوي بالقول إن "قسد" غير مقبولة من أغلب سكّان الشرق السوري، أي أن لا حاضنة اجتماعية لها في المنطقة. ورأى أن "أي قوات أو قوى أمنية، لا داعم اجتماعياً لها، ستفشل في مهامها، وهو ما تعاني منه قوات قسد حالياً في ريف دير الزور الشرقي". وأشار الباحث السياسي، إلى أن "هناك فساداً كبيراً داخل جسمي قوات قسد الأمني والعسكري"، مضيفاً أن "هذا الفساد له دور مهم في تخلخل العمليات الأمنية ومن ثم فشلها، ما يؤدي إلى ازدياد نشاط خلايا التنظيم".
وأوضح علاوي أن "اتساع جغرافية الشرق السوري واتصالها مع غرب العراق، يلعب دوراً أيضاً في فشل قوات قسد في فرض سيطرة كاملة على المنطقة". وشرح أن "هذه القوات تضمّ عناصر ليسوا من الشرق السوري، ومن ثم هم غير مدركين لطبيعة وجغرافية هذا الشرق، وهو ما يدخل ضمن الأسباب التي تحول دون القضاء على خلايا التنظيم".
أما لجهة "داعش"، فبيّن الباحث السياسي المواكب للمشهد في الشرق السوري، أن التنظيم "يعتمد تكتيكاً عسكرياً وأمنياً يُسهم في استمراره، ويقوم على خلايا عدد أفرادها قليل يعرفون المنطقة جيداً بسبب وجودهم فيها لفترة طويلة، وهو ما يساعدهم على التخفي والهروب أثناء الحملات الأمنية". أما "قسد"، فتعتمد بحسب علاوي، على الوشايات التي غالباً ما تكون كاذبة. وشدّد على أن "كل هذه الأسباب تحول دون نجاح هذه القوات في القضاء على خلايا التنظيم أو الحد من نشاطها وتأثيرها في ريف دير الزور الشرقي".
يذكر أن بلدات ريف دير الزور الشرقي الواقع تحت سيطرة "قسد"، تشهد أيضاً، تظاهرات مطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية لسكّان هذه البلدات التي لطالما شهدت تظاهرات مماثلة منذ سيطرة "قسد" عليها قبل أكثر من أربع سنوات.
وأشارت شبكة "فرات بوست" الإخبارية المحلية، إلى أن قائد مجلس دير الزور العسكري التابع لـ"قسد"، أحمد الخبيل (أبو خولة)، هدّد أول من أمس الجمعة، في تسجيل صوتي، المتظاهرين في قرية "جديد بگارة"، بالاعتقال والقتل. ولفتت الشبكة إلى أن الخبيل اتهم المتظاهرين بـ"التبعية لنظام الأسد وتركيا"، مهدداً باعتقال عددٍ من قياديي مجلس دير الزور العسكري "في حال عدم تمكنهم من إيقاف التظاهرات"، وفق الشبكة.