استمع إلى الملخص
- حزب الدستور والحركة المدنية الديمقراطية وصفوا قرار الحل بـ"المعيب" وأكدوا استمرارهم في الدفاع عن الحزب ضد محاولات السيطرة عليه، معتبرين أن هذه المحاولات تهدف لتعطيل الديمقراطية.
- خبراء أشاروا إلى أن حل الأحزاب هو سلوك قديم في مصر، ويهدف لإضعاف الأحزاب المعارضة، خاصة مع تدهور الأوضاع الاقتصادية واقتراب الانتخابات البرلمانية.
بعد أكثر من 12 عاماً على تأسيسه على يد المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور محمد البرادعي في سبتمبر/أيلول 2012، بعد سنة ونيف من ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 التي أطاحت الرئيس حسني مبارك، يبدو أن حزب الدستور المصري يواجه نهايته بقرار حله من قبل لجنة شؤون الأحزاب (الرسمية). ورأى سياسيون وحزبيون أن قرار حل حزب البرادعي "مُسيّس"، هدفه القضاء على ما تبقى من الحزب "الليبرالي"، الذي رفع شبابه شعار "عيش، حرية، كرامة إنسانية" بعد ثورة يناير، والذي شكل أيضاً حجر الزاوية في حراك ما قبل إطاحة الرئيس المنتخب الراحل محمد مرسي.
ووصف حزب الدستور في بيان، الأربعاء الماضي، قرار اللجنة "الضمني" بحل الحزب بـ"المعيب"، والذي جاء من وجهة نظر اللجنة على خلفية القرار الذي أعلن "خلو منصب رئيس الحزب". وأضاف أن "اللجنة أصدرت قرارها تأسيساً على لائحة 2012 (لائحة التأسيس) المودعة من جانب مؤسس الحزب الدكتور محمد البرادعي والرئيس الأول له والتي انتهى العمل بها في 2014". ويعاني حزب البرادعي من انقسامات داخلية عميقة نتيجة خلافات حول عدة مسائل، منها المشاركة في "الحوار الوطني" والانتخابات البرلمانية وغيرها من المسائل التي استخدمتها لجنة الأحزاب لتبرير قرارها الأول بخلو منصب رئيس الحزب، والثاني بحل الحزب نفسه.
وقالت رئيسة الحزب جميلة إسماعيل، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، إنّ "هذه ليست النهاية، وسنستمرّ في الدفاع عن الحزب ضد كل محاولات السيطرة عليه، بنفس طريقة نظام مبارك، بتدخّل لجنة الأحزاب في شؤون الحزب تحت دعوى تنظيمه، وهو ما أُلغي في دستور 2014، عندما أصبح تكوين الأحزاب بالإخطار، وهو المكسب المستهدف في القرارات الأخيرة الخاصة بحزب الدستور، والتي تعني ضمنياً، وكما ورد في البيان الثالث، حلّ الحزب". وأضافت: "هذه المحاولة تُجرّب مع حزب الدستور، وستتوالى بعد ذلك مع بقية الأحزاب الأخرى، لإدخالها في متاهة بيروقراطية، يتعطّل بها السعي إلى استعادة مساحات مفقودة في المجال السياسي الذي لا معنى لوجوده بدون أحزاب تنمو وتتحرك لنبدأ في مسار الديمقراطية الذي ننحاز له".
تضامن مع حزب البرادعي
من جهتها، عقدت الحركة المدنية الديمقراطية، التي تضم أحزاباً سياسية وشخصيات عامة محسوبة على المعارضة، اجتماعاً مساء الأربعاء الماضي، على ضوء قرار حل حزب البرادعي وأعلنت "تضامنها" مع حزب الدستور ضد ما وصفته بـ"تدخل لجنة الأحزاب السياسية في شؤون الحزب، وقرارها الضمني بحل الحزب". وفي كلمتها باجتماع الحركة الذي تابعت "العربي الجديد" تفاصيله، قالت رئيسة حزب الدستور جميلة إسماعيل إن هناك "شواهد تؤكد أننا نعيش بداية مرحلة جديدة في عمر الأحزاب السياسية والمجال السياسي عموماً". وأضافت: "إننا أمام مرحلة صعبة ومفترق طرق، وهناك من يجدد رغبته في التخلص من الحيوية النسبية للمجال العام التي وصلت إلى ذروتها أثناء الحوار الوطني، وهناك من يرغب في إعادة هندسة المشهد السياسي والحزبي في مصر قبل انتخابات البرلمان (خريف 2025)، بشل الأحزاب وتهديد شرعيتها، لمزيد من إحكام القبضة على المجال السياسي". واعتبرت أن "الحركة وأحزابها إذا لم تنتبه وتستكمل هيكلتها ودورها ومشوارها بنفس إيقاع وحيوية الشهور الماضية، وإذا لم تسع أحزابها لتنظيم هياكلها داخلياً وتوسعة مدى حركتها وترتيب أوراقها وتتحد فعلاً وتكون تحالفاً حقيقياً معبراً عنه بمواقف حقيقية معلنة، فسوف يؤكل كل ثور أبيض، واحداً تلو الآخر".
عمار علي حسن: حل الحزب سلوك قديم تتبعه الدولة المصرية منذ عودة الأحزاب السياسية في السبعينيات
وتعليقاً على ما جرى مع حزب البرادعي، قال أستاذ العلوم السياسية المختص في علم الاجتماع السياسي الدكتور عمار علي حسن، في حديث لـ"العربي الجديد": "هذا سلوك قديم جداً تتبعه الدولة المصرية منذ عودة الأحزاب السياسية في السبعينيات من القرن الماضي". وأوضح أنه "ابتداءً، كانت هناك سياسة المنابر، ثم ظهرت الأحزاب في ما بعد، وكانت هناك أحزاب يخشى منها ومن قطاع الجماهير كما في حزب الوفد، الذي نشأ بقرار من المحكمة، وهناك أحزاب تركت للعمل ولكن حين أظهرت قدراً من القوة، واستطاعت أن تعبئ حولها قطاعاً معتبراً من الرأي العام، جرى تفجيرها من الداخل". وقال: "هذا حدث لحزب العمل برئاسة إبراهيم شكري، حين تنازع على الحزب عدد من الشخصيات والأطراف، وحدث أيضاً مع حزب الوفد، وتكرر الأمر مع حزب الغد الذي أسسه أيمن نور، والآن يحدث مع حزب الدستور".
سعيد صادق: هناك من رأى أهمية في إضعاف الأحزاب التي ظهرت مع ثورة 2011
إضعاف الأحزاب
بدوره، قال أستاذ علم الاجتماع السياسي الدكتور سعيد صادق، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه "مع تدهور الأوضاع الاقتصادية وارتفاع التضخم وضغوط صندوق النقد الدولي لإجراءات أشد في رفع الدعم عن الطاقة واقتراب الانتخابات البرلمانية العام المقبل، هناك من رأى أهمية إضعاف الأحزاب التي ظهرت مع ثورة 2011، حتى لا تجتذب أصوات الناخبين المحبطين، إذا تقدمت بمرشحين يحاولون استغلال الأزمة الاقتصادية الممتدة، ويشكلون كتلة مزعجة داخل البرلمان". وأضاف أن تلك الأحزاب "لن تجذب أحداً إذا انهار الحزب وعجز عن تقديم قائمة بمرشحيه، رغم أنه يمكن أن يقدم مرشحين مستقلين، لكن هذا يضعف المرشح الذي لا يملك برنامجاً مدعوماً من خبراء حزبيين".
وشهد الحزب الذي شكل مؤسسه محمد البرادعي إحدى الشخصيات السياسية المحورية في النشاط المناوئ لحكم مرسي، من خلال دوره في "جبهة الإنقاذ"، انقسامات منذ سنوات تأسيسه الأولى. فقد أعلن رئيس لجنة تيسير أعمال الحزب الدكتور حسام عيسى استقالته في مارس/آذار 2013 اعتراضاً على ما قال إنها "محاولات تزوير يحاول البعض من خلالها ضمان البقاء الأبدي على مقاعد السلطة داخل الحزب". وكان حزب البرادعي ورئيسه من الداعين الرئيسيين لتظاهرات 30 يونيو/حزيران 2013 المطالبة باستقالة مرسي وتنظيم انتخابات رئاسية مبكرة، وهي التظاهرات التي اعتبرتها قيادة الجيش آنذاك "ثورة شعبية" يجب الانحياز إليها، فجاء الانقلاب الذي وقع في 3 يوليو/تموز 2013 وأطاح مرسي.