الجمعية العامة للأمم المتّحدة تُلزم الدول الخمس في مجلس الأمن بتبرير استخدامها "الفيتو"
اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة (بالتوافق دون تصويت) قراراً تحت عنوان "تكليف دائم من أجل عقد نقاش في الجمعية العامة عند استخدام حق النقض في مجلس الأمن".
وينص القرار الذي صاغته ليختنشتاين ورعته أكثر من تسعين دولة، على انعقاد الجمعية العامة، وبشكل تلقائي خلال عشر أيام عمل، بعد كل مرة تستخدم فيها أي من الدول الأعضاء دائمة العضوية حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن.
ويدعو لعقد الاجتماع رئيس الجمعية العامة لإجراء مناقشة حول الحالة التي استخدم فيها حق النقض، بشرط ألا يكون قد عقد اجتماع آخر للجمعية العامة حول نفس الموضوع في جلسة خاصة طارئة. ويسري مفعول القرار بشكل فوري، كما يعطي القرار للوفد أو الوفود التي استخدمت "الفيتو" وبشكل استثنائي، الأسبقية على قائمة المتحدثين خلال النقاش الذي سيجري حول الموضوع في الجمعية العامة.
وأكد سفير ليختنشتاين للأمم المتحدة، كرستيان ويناويسر، أثناء تقديمه للمشروع أمام الجمعية العامة، إن بلاده بدأت بالعمل على هذه المبادرة قبل سنتين. وشرح قائلاً: "قمنا بذلك نظراً لانشغالنا بأن مجلس الأمن يجد صعوبة متزايدة في أداء عمله وفقاً لولايته طبقاً لميثاق الأمم المتحدة، ومع تصاعد استخدام حق النقض".
وأضاف: "لقد وافقت كل الدول الأعضاء في هذه المنظمة على منح مجلس الأمن المسؤولية الأولى للحفاظ على الأمن والسلم الدوليين، وأن المجلس يعمل بالنيابة عنهم. وبناء عليه نرى أنه يجب أن يكون هناك صوت للجمعية العامة عندما لا يتمكن الأخير من العمل طبقا لسلطاته ومسؤولياته الواردة في ميثاق الأمم المتحدة، وتحديدا بندها العاشر".
ولفت الانتباه إلى أن استخدام حق النقض يأتي بمسؤولية كبيرة تنص على العمل طبقا لغايات ميثاق الأمم المتحدة.
وأشار إلى أن بلاده قدمت النص "كتعبير عن التزامها بالعمل متعدد الأطراف وفي هذه المنظمة وهيئاتها. هناك حاجة أكثر من أي وقت مضى بغية أن تكون التعددية الدولية أكثر فاعلية".
وتحدث عن قيام بلاده بنقاشات على مستويات عديدة، حيث وزع النص كذلك على جميع الدول وأتيح للدول المهتمة فرصة تقديم ملاحظاتها حول النص.
انتقادات لنص القرار
إلى ذلك، انتقدت بعض الدول نص المشروع ولأسباب مختلفة، بينها البرازيل والهند على سبيل المثال. إذ رأى ممثلو العديد من الدول أن عمليات التفاوض لم تكن شفافة، ولم تكن ضمن أطر رسمية تتيح بشكل أعمق الأخذ بالحسبان شواغل الدول المختلفة في صياغته.
كما أكد ممثلو بعض الدول، كممثل البرازيل، على أهمية فكرة أن تشرح الدول دائمة العضوية التي استخدمت "الفيتو" مواقفها بشأن المسائل المتصلة بالأمن والسلم الدوليين أمام جميع الدول الأعضاء في الجمعية العامة.
وأشار أكثر من مندوب إلى أن حق النقض واستخدامه ليس دائما أمرا سلبيا أو فشلا في صون الأمن والسلم الدوليين، لافتين إلى أن ميثاق الأمم المتحدة يكرس بوصفه "الفيتو" كأداة رغمية لمكافحة الإفراط في استخدام القوى وحماية المنظومة الدولية ضد قرارات متصلة باستخدام القوة من قبل دولة واحدة أو مجموعة من الدول.
لا يشكل ردًا مناسبًا على التحديات
إلى ذلك، شدد بعض المنتقدين لصياغة القرار على أنه يحاول أن يتيح بدائل عن جمود وشلل مجلس الأمن، ولكنه لا يشكل ردا مناسبا على التحديات.
ويرى البعض أن تبني الجمعية العامة لهذا القرار يعد واحد من أهم الإصلاحات التي تمت حول عمل مجلس الأمن منذ فترة. ويعول البعض على رمزية القرار، فيما يرون أنه لا يقدم الأدوات اللازمة للردع، وأن على الدول التي تصوت في مجلس الأمن أن تشرح في جميع الأحوال أمام مجلس الأمن السبب وراء تصويتها، مشيرين إلى أنها "لن تتورع عن فعل نفس الخطوة أمام الجمعية العامة حتى لو كان ذلك أمام 193 دولة عضو بدلا من 15 دولة".
وكانت الجمعية العامة قد وافقت عام 2008 على أنه يجب البت بكل الشواغل المتعلقة بإصلاح مجلس الأمن، بما فيها قضية "الفيتو"، بشكل شامل، بحيث لا يمكن معالجة مسألة واحدة بشكل منعزل.
ووجهت الهند الانتقادات على خلفية تقديمها مع دول أخرى مبادرة شبيهة قبل عقد، إذ اتهمت حينها بأن مبادرتها تأخذ توجها تفكيكياً وليس شاملاً، لإصلاح المجلس. وعبرت عن أملها أن يتم التعامل مع مبادرات مستقبلية تركز على قضايا العضوية وطرق عمل مجلس الأمن بدون ازدواجية في المعايير.
وترى الكثير من الدول (خاصة المجموعة الأفريقية ودول إضافية) ضرورة إلغاء "الفيتو"، أو توسيع حق استخدامه ليشمل فئة جديدة من الدول الأعضاء التي تعتمد كدول دائمة العضوية، في حال استمرار العمل به.
يذكر أن النقاشات والمداولات حول إصلاح مجلس الأمن وتوسيع عدد الدول فيه، دائمة العضوية وغير الدائمة، وطرق عملها وغيرها، هي مجال نقاشات منذ عقود دون تحقيق تقدم ملموس.