الأمم المتحدة تطلب فتوى من "العدل الدولية" بشأن التزام إسرائيل تجاه نشاطاتها في فلسطين

19 ديسمبر 2024
عائلات فلسطينية أمام قاعدة لوجيستية لوكالة أونروا برفح، 13 ديسمبر 2023 (الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا يطلب فتوى من محكمة العدل الدولية حول التزامات إسرائيل تجاه الأمم المتحدة، بدعم 137 دولة ومعارضة 12 وامتناع 22 عن التصويت.
- القرار يأتي في ظل استمرار إسرائيل بمحاربة المنظمات الأممية، مثل الأونروا، وانتهاكها الحصانة الدبلوماسية، مما يهدد الوضع الإنساني في الأراضي الفلسطينية.
- الولايات المتحدة تعارض القرار، معتبرةً أنه يعيق المفاوضات، بينما تأمل النرويج في فتوى سريعة من المحكمة لتوضيح الالتزامات القانونية لإسرائيل.

تبنّت الجمعية العامة للأمم المتحدة، اليوم الخميس، قرارا صاغته النرويج، يطلب فتوى من محكمة العدل الدولية حول التزامات إسرائيل تجاه الأمم المتحدة ووجودها وأنشطتها والعمليات الإنسانية. وحصل القرار على تأييد 137 دولة ومعارضة 12 دولة وامتناع 22 عن التصويت. ومن أبرز الدول التي صوتت ضد القرار إسرائيل والولايات المتحدة والأرجنتين والتشيك والمجر، في حين صوت عدد لا بأس به من الدول الأوروبية لصالحه، من ضمنها ألمانيا وفرنسا وأيرلندا والمملكة المتحدة وبلجيكا وهولندا.

ويأتي هذا القرار في ظل استمرار إسرائيل بمحاربة المنظمات الأممية التي تقدم المساعدات للفلسطينيين، وعلى رأسها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وانتهاكها الحصانة الدبلوماسية لتلك المنظمات، ناهيك عن استهدافها العاملين فيها، حيث استشهد منذ بدء الحرب على غزة، مئات الفلسطينيين العاملين في المجال الإنساني وخاصة مع "أونروا".

كما صادقت إسرائيل على قوانين تمنع عمل الوكالة الأممية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، من المفترض أن يدخل حيز التنفيذ الشهر القادم. وتأتي الخطوة الإسرائيلية ضمن عدد من الخطوات التي تتخذها لمحاربة حق العودة وحقوق اللاجئين الفلسطينيين. وعلى الرغم من أن تلك الحقوق لا تسقط حتى لو منعت إسرائيل عمل الوكالة الأممية، فإن منعها من العمل في فلسطين له تبعات وخيمة على الوضع الإنساني وقضايا أخرى، بما فيها التعليم والصحة، وغيرها من الخدمات التي تقدمها الوكالة.

وفي تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد" قال نائب وزير الخارجية النرويجي، أندرياس موتزفيلدت كرافيك، الموجود في نيويورك، إن بلاده عملت على صياغة نص القرار بالتعاون مع دولة أخرى، لأن المعاناة وسقوط الضحايا في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وخاصة غزة، وصلا إلى مستويات غير مقبولة. وأشار الدبلوماسي النرويجي إلى أن "عدد القتلى من الفلسطينيين يقترب من الخمسين ألفا، أغلبهم من المدنيين". ولفت الانتباه إلى المعاناة الإنسانية المستمرة منذ أكثر من سنة في الوقت الذي يظهر المجتمع الدولي عجزا في توفير الاحتياجات الأساسية ناهيك عن قتل أكثر من 250 من موظفي الأونروا، واصفا تلك الأوضاع بأنها "غير مقبولة وغير أخلاقية".

وشدد على أن حكومة بلاده تختلف مع الرؤية الإسرائيلية بأن ممارساتها محمية بموجب القانون الدولي وتأتي كجزء من الدفاع عن النفس، مؤكدا أنه يجب توضيح "ما ينص عليه القانون، والدفاع عن هذه المبادئ الإنسانية، والدفاع عن القانون الإنساني الدولي، والدفاع عن كل تلك المنظمات، سواء كانت الأمم المتحدة أو غيرها... لهذا نطلب الفتوى". وشدد على أن الغرض من القرار الحفاظ على عمليات الأمم المتحدة، وحذر من أن تطبيق التشريعات الإسرائيلية يهدد بانهيار العمليات الإنسانية في فلسطين.

ومن جهتها، عللت الولايات المتحدة اعتراضها على القرار بأنه يعوق عمليات المفاوضات، ويهدد بانهيار العمليات الإنسانية، كما حمّلت الأمم المتحدة المسؤولية عن عدم تقديم ما يكفي من المساعدات الإنسانية.

وفي تصريحات إضافية لـ"العربي الجديد" بعد التصويت، عبر نائب وزير الخارجية النرويجي عن أمله بأن تعود المحكمة بفتوى بأسرع وقت ممكن. وقال إن بلاده لا تتفق مع وجهة النظر الأميركية، حيث تعمل الأمم المتحدة، وخاصة أونروا، مع الكثير من المخاطر من تقديم المساعدات الإنسانية. وقال إن إسرائيل هي التي تضع العراقيل أمام عمل الأمم المتحدة، وعلى المجتمع الدولي أن يرد ويحمي العمل الإنساني والأمم المتحدة ومنظماتها.

وجاء نص القرار في أكثر من خمس صفحات (لقراءة النص الكامل اضغط هنا). ومن أبرز ما جاء فيه دعوته إسرائيل "إلى الوفاء بالتزاماتها القاضية بعدم إعاقة الشعب الفلسطيني عن ممارسة حقه في تقرير المصير وإلى الامتثال لها، بما في ذلك عن طريق إلغاء أي تدابير تعوق تقديم الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية والإنمائية إلى الشعب الفلسطيني".

ويدعو إسرائيل "إلى التقيد بميثاق الأمم المتحدة وباتفاقية امتيازات الأمم المتحدة وحصاناتها لضمان سلامة موظفي الأمم المتحدة وحماية مؤسساتها وكفالة أمن مرافقها في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، في جميع الأوقات، كما تدعوها إلى عدم عرقلة أو إعاقة عمل الدول الثالثة في الأرض الفلسطينية المحتلة".

ويدعو نص القرار "جميع الأطراف إلى أن تتجنب القيام بأعمال من شأنها أن تضعف الدور الحاسم الذي تضلع به الأمم المتحدة في حل النزاعات، وأن تدعم المبادرات التي تسهم في التوصل إلى تسوية عادلة ودائمة وشاملة لقضية فلسطين، والتي هي جوهر الصراع العربي الإسرائيلي، وتحقيق حل الدولتين، وفقا لميثاق الأمم المتحدة والقرارات ذات الصلة، وإحلال سلام واستقرار شاملين ودائمين في الشرق الأوسط، وتعرب عن تأييدها الراسخ دور الأمين العام في هذا الصدد".

وتقرر الجمعية العامة "وفقا لأحكام المادة 96 من ميثاق الأمم المتحدة، أن تطلب من محكمة العدل الدولية إصدار فتوى (...) على وجه السرعة (...) آخذة بعين الاعتبار قواعد ومبادى القانون الدولي، ولا سيما في ما يتعلق بميثاق الأمم المتحدة، والقانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، والامتيازات والحصانات المنطبقة بموجب القانون الدولي على المنظمات الدولية، والقرارات ذات الصلة الصادرة عن مجلس الأمن والجمعية العامة ومجلس حقوق الإنسان، وفتوى المحكمة المؤرخة في 9 يوليو/تموز 2004، وفتوى المحكمة المؤرخة 19 يوليو 2024 والتي أكدت فيها المحكمة من جديد واجب أي سلطة قائمة بالاحتلال أن تدير الإقليم المحتل، وفق ما فيه المصلحة للسكان المحليين، وأكدت أن إسرائيل لا يحق لها السيادة على أي جزء من الأرض الفلسطينية المحتلة أو ممارسة سلطات سيادية على تلك الأرض بسبب احتلالها إياها".

أما السؤال الذي طلبت الجمعية العامة أن تقدم محكمة العدل الدولية فتوى بشأنه فنصه كالتالي: "ما التزامات إسرائيل، بصفتها السلطة القائمة بالاحتلال وعضوا في الأمم المتحدة، بما يشمل وكالاتها وهيئاتها، والمنظمات الأخرى والدول الثالثة، في الأرض الفلسطينية المحتلة وفي ما يتصل بتلك الأرض، لأغراض منها ضمان وتيسير الإمداد ودون عائق بالمدد الجوهري لبقاء السكان المدنيين الفلسطينيين على قيد الحياة، وبالخدمات الأساسية والمساعدة الإنسانية والإنمائية، لما فيه مصلحة السكان المدنيين الفلسطينيين، ودعما لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير؟".

المساهمون