تطور هام ومفاجئ شهدته العلاقات التركية - الإماراتية، بعد استقبال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم الأربعاء الماضي، طحنون بن زايد، مستشار الأمن الوطني الإماراتي، ومبعوث ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، في وقت كانت تشهد فيه العلاقات بين البلدين توترا ملحوظا. وعلّق مصدر دبلوماسي مصري رسمي على الزيارة، قائلاً إن "تركيا سيكون لها دور أكبر إقليمياً خلال الفترة المقبلة، في وقت لعبت المتغيرات السياسية الدولية والإقليمية لصالح أنقرة"، موضحاً أن "ما شهدته أفغانستان وسيطرة حركة طالبان، دفع تركيا إلى مقدمة المشهد في ظل تنسيق أميركي لأنقرة بدور واسع ميدانياً بالتنسيق مع طالبان، لترتيب عمليات الإجلاء وإدارة المطار في العاصمة الأفغانية كابول".
تسعى الإمارات للبحث عن دور إقليمي للحفاظ على مصالحها
وبحسب المصدر، الذي تحدث لـ"العربي الجديد"، فإن "الإمارات تسعى للبحث عن دور إقليمي للحفاظ على مصالحها"، مشيراً إلى أن "مصر وجدت ضالتها في الملفين الفلسطيني، والليبي، وهو ما سمح بعلاقات مصرية أميركية متوازنة نوعاً ما"، والأمر نفسه وجدته تركيا في عدد من الملفات، والتي جاء على رأسها ملف أفغانستان، والإمارات حاليا تبحث عن دور خصوصاً في ظل الدور الكبير الذي تلعبه قطر، برعايتها للمفاوضات السياسية مع طالبان خلال الفترة الماضية".
وأوضح المصدر، المطلع على ملف العلاقات المصرية - الإماراتية، أنه "خلال الأيام الماضية، سعت الإمارات للتنسيق مع تركيا في أفغانستان ميدانياً على الأرض، في وقت تسعى فيه أبوظبي لإجلاء عدد من العسكريين الإماراتيين الذين كانوا يتواجدون إلى جانب القوات الحكومية". ورأى المصدر الدبلوماسي المصري، أنه "لم يعد أمام أبوظبي مفر من تحسين العلاقات مع تركيا، في ضوء المتغيرات الجديدة، خصوصاً في ظل توجه أميركي مغاير تجاه إيران، العدو الأساسي للخليج". ورأى أن "أبوظبي سيكون عليها البحث عن مسار جديد للعلاقات مع طهران، يخفف حدة التوتر، وربما تكون تركيا وسيطا في هذا الإطار، خصوصاً أن المباحثات المصرية الإيرانية غير المعلنة، لتطوير وتحسين العلاقات بين البلدين قد تستغرق وقتا حتى تصل إلى مرحلة يمكن معها أن تلعب القاهرة دور الوسيط بين الخليج وإيران".
وتوقع الدبلوماسي المصري، أن تشهد الأيام المقبلة تنسيقا تركيا إماراتيا، بشأن ملفات متقاطعة مع القاهرة، مثل الملف الليبي، كما توقع أن تسير مباحثات التهدئة المصرية التركية، بوتيرة أسرع خلال الأيام المقبلة، مؤكدا أن العمل يجري بشكل جيد لترتيب لقاء رفيع المستوى بين الطرفين على هامش قمة دول الجوار الإقليمي للعراق، والذي من المتوقع أن يحضره كل من الرئيسين المصري والتركي، عبد الفتاح السيسي، ورجب طيب أردوغان.
توقع دبلوماسي مصري أن تسير مباحثات التهدئة المصرية التركية بوتيرة أسرع
وأجرى أردوغان محادثات في أنقرة يوم الأربعاء الماضي، مع طحنون بن زايد، العائد لتوه من مصر بعد لقاء جمعه مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في مدينة العلمين الجديدة، تركزت كذلك على التعاون الاقتصادي، في وقت تتحرك فيه أنقرة لتهدئة التوتر مع عدد من القوى العربية بشأن الصراع في ليبيا والخلافات الداخلية في الخليج والمطالب المتنافسة على السيادة على مياه شرق البحر المتوسط.
وعقب اللقاء، قال أردوغان، إن الإمارات لديها خطط جادة للغاية تجاه تركيا، معرباً عن اعتقاده أن الإمارات ستقوم قريباً باستثمارات كبيرة في بلده. وأعرب أردوغان عن أمله في إجراء محادثات مع ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، وتوثيق العلاقات الاقتصادية في المحادثات التي سيجريها رئيسا صندوق الثروة ووكالة دعم الاستثمار التركيين مع نظيريهما الإماراتيين. وقال أردوغان: "إذا استمرا بطريقة جيدة مع نظيريهما، أعتقد أن الإمارات ستضخ استثمارات جادة في بلدنا خلال وقت قصير للغاية".
من جهته، وصف المسؤول الإماراتي أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، اجتماع الأربعاء بأنه "تاريخي وإيجابي". وكتب قرقاش على "تويتر": "الإمارات في مرحلة بناء الجسور وتعزيزها وترميمها، مرحلة تعزيز العلاقات مع الجميع، ومواءمة الاقتصاد والسياسة. ولن يقف تباين التوجهات تجاه بعض القضايا حجر عثرة أمام التواصل وتعزيز فرص الاستقرار والازدهار والتنمية".