قُتل وجُرح عناصر من قوات النظام السوري بقصف على موقع لهم في جبل الزاوية بريف إدلب، شمال غربي سورية، فيما أُصيب عنصر بجروح خطيرة بهجوم من مجهولين في ريف درعا، جنوبي البلاد، فيما عُثر على جثث لأشخاص مجهولي الهوية في بئر مياه بريف حماة.
وقالت مصادر عسكرية من المعارضة السورية المسلحة إن مجهولين استهدفوا بصاروخ موقعاً لقوات النظام السوري في محور قرية الفطيرة بجبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي، ما أدى إلى مقتل وجرح عناصر من القوات المتمركزة في الموقع. وأضافت المصادر في حديث مع "العربي الجديد"، أن الاستهداف جاء من مجموعة تنتمي على الأرجح لـ"هيئة تحرير الشام" أو فصائل أخرى، نافياً علاقة المعارضة بالقصف.
وأكدت المصادر أن المعارضة ترد فقط على قصف قوات النظام السوري عند خرق وقف إطلاق النار ولا تنفذ هجمات من دون وجود خرق من قوات النظام للهدنة. وكان فريق "منسقو الاستجابة" العامل في شمال غربي سورية قد أحصى 324 خرقاً من قوات النظام للهدنة خلال فبراير/ شباط الماضي. ويقترب اتفاق وقف إطلاق النار في المنطقة من إنهاء عامه الأول، مع استمرار قوات النظام في خرق الاتفاق الموقع بين روسيا حليفة النظام، وتركيا حليفة المعارضة السورية المسلحة.
تركيا تعزز في إدلب وتقصف "قسد" في الرقة
على صعيد آخر، وصلت تعزيزات عسكرية للجيش التركي، اليوم الثلاثاء، إلى إدلب، فيما جدد الجيش التركي وحليفه "الوطني السوري" عمليات القصف على مواقع "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) في ريف الرقة، شمالي البلاد.
وقال الناشط مصطفى المحمد، لـ"العربي الجديد"، إنّ الجيش التركي أدخل، اليوم، مزيداً من التعزيزات إلى نقاطه في إدلب، حيث دخلت التعزيزات الجديدة من معبر كفر لوسين قادمة من الأراضي التركية، وتوجهت إلى منطقة جبل الزاوية، مضيفاً أن الرتل الجديد من التعزيزات ضم آليات ثقيلة ومعدات هندسية وشاحنات تحمل عوارض إسمنتية.
وكانت تركيا قد أنشأت منذ عام 2017 أكثر من 65 نقطة عسكرية في شمال وشمال غرب سورية، بناء على التفاهمات التي وقعتها مع روسيا، وسحبت العديد من النقاط بعد وقوعها في نطاق سيطرة قوات النظام السوري إثر تقدمها على حساب المعارضة بدعم روسي إيراني.
وفي غضون ذلك، جدد الجيشان التركي و"الوطني السوري" القصف المدفعي والصاروخي على مواقع "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) في ناحية عين عيسى بريف الرقة الشمالي الغربي، ما أوقع خسائر مادية في المنطقة، في المقابل ردت المليشيات بقصف مماثل على مواقع للجيشين في محور جنوب تل أبيض وشمال الطريق الدولي حلب الحسكة.
من جانبها، سيرت القوات الأميركية دورية في منطقة عين ديوار، شمال شرقي محافظة الحسكة، وصولاً إلى مدينة المالكية، حيث جالت في العديد من القرى والبلدات الخاضعة لسيطرة "قسد"، وأضافت مصادر تحدثت لـ"العربي الجديد"، أن عناصر الدورية توقفوا في العديد من المناطق وتبادلوا الحديث مع المدنيين، وهي حالة نادرة الحدوث.
وكانت القوات الروسية المتمركزة في القامشلي قد حاولت عدة مرات سابقاً الوصول إلى عين ديوار بهدف إقامة قاعدة لها في المنطقة، إلا أن القوات الأميركية منعتها من التمركز في المنطقة الاستراتيجية القريبة من الحدود السورية التركية والحدود السورية العراقية.
من جانبها، شنت "قسد" حملة مداهمات في مدينة الشدادي بريف الحسكة الجنوبي بهدف اعتقال أشخاص مطلوبين للتجنيد الإجباري في صفوفها، وذكرت مصادر لـ"العربي الجديد"، أن الحملة تزامنت مع انتشار حواجز في محيط المدينة وعلى المداخل والمخارج، مضيفة أنه جرى اعتقال عدد من الشبان.
وفي شرق البلاد، قالت مصادر لـ"العربي الجديد"، إن عنصرين من مليشيا "فاطميون" الأفغانية التابعة لـ"الحرس الثوري" الإيراني قُتلا بانفجار لغم بهما في بادية البوكمال بريف دير الزور الشرقي، وذكرت مصادر "العربي الجديد" أن اللغم من مخلفات تنظيم "داعش" الإرهابي في المنطقة.
وكان قد أُصيب طفل، يوم أمس الإثنين، ببتر في اليد جراء انفجار مقذوف من مخلفات الحرب على تنظيم "داعش" الإرهابي في ناحية السوسة بريف دير الزور الشرقي الخاضع لسيطرة "قسد"، كما جُرح سبعة مدنيين، بينهم أطفال ونساء، إثر انفجار مقذوف ناري من مخلفات الحرب، ضمن المنطقة الصناعية في حي الشيخ نجار، وسط مدينة حلب، التي يسيطر عليها النظام السوري.
من جهة أخرى، قالت صحيفة "الوطن" التابعة للنظام السوري إن فرق الدفاع المدني التابعة للنظام في حماة انتشلت سبع جثث مجهولة الهوية لأشخاص جرى قتلهم ورميهم في بئر مياه مهجورة بمنطقة تل بزام في ناحية صوران بريف حماة، مضيفة أنه جرى نقل الجثث إلى مشفى حماة الوطني لبدء إجراءات التعرف إلى هوياتهم.
وكانت تلك المنطقة خاضعة لسيطرة "هيئة تحرير الشام" قبيل سيطرة قوات النظام السوري والمليشيات عليها بدعم من القوات الروسية، وتقع على مقربة من الطريق الدولي حلب دمشق، جنوب شرقي ناحية مورك.
وذكرت مصادر لـ"العربي الجديد"، أن الجثث مجهولة الهوية، ومن غير الواضح متى قتل أصحابها، مؤكدة أنها قد تكون لمدنيين جرت تصفيتهم بعد سيطرة المليشيات والنظام على المنطقة، أو أنهم قتلوا إبان سيطرة "هيئة تحرير الشام".
إلى ذلك، هاجم مجهولون عنصراً من قوات النظام السوري في منطقة بصر الحرير بريف درعا، جنوبي البلاد، ما أدى إلى إصابته بجروح خطيرة نقل على أثرها إلى المستشفى الوطني في مدينة درعا، وذكرت مصادر لـ"العربي الجديد"، أن الشخص المستهدف من "آل الحريري".
وتشهد محافظة درعا عموماً منذ سيطرة النظام عليها، بشكل شبه يومي، هجمات من مجهولين أسفرت عن مقتل مئات الأشخاص من عناصر النظام وعناصر المعارضة السابقين ومدنيين أيضاً، بينهم أطفال ونساء.
من جهته، قال "مكتب توثيق الشهداء في درعا" إنه وثق مقتل 19 شخصاً من أبناء محافظة درعا خلال فبراير/ شباط الماضي، مضيفاً أن من بينهم 14 قضوا في عمليات اغتيال واستهداف مباشر بالرصاص وإعدام ميداني، وأحدهم طفل.
وقال المكتب على موقعه الرسمي إنه وثق مقتل ثلاثة أشخاص تحت التعذيب وفي ظروف الاعتقال غير القانونية في سجون قوات النظام السوري، إضافة إلى توثيق مقتل شخصين نتيجة انفجار ألغام ومخلفات معارك سابقة بين قوات النظام و فصائل المعارضة في ريف درعا.
وكانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان قد أعلنت، أمس، عن توثيقها مقتل 138 مدنياً، بينهم 23 طفلاً و11 سيدة، 14 ضحية منهم تحت التعذيب، ومن بينهم طفل، خلال شهر فبراير/ شباط، مشيرة إلى أن القتل خارج نطاق القانون مستمر في عموم البلاد.
اشتباكات بين مليشيات النظام وأهالٍ في القنيطرة
قُتل وجُرح عدد من الأشخاص، مساء أمس الإثنين، جراء اشتباكات بين عناصر من مليشيات يدعمها النظام السوري وأهالٍ في محافظة القنيطرة، جنوب غربي سورية، وذلك في مسعى جديد من النظام لبسط سيطرته، وتهجير وفرض إتاوات مالية على تجار وأثرياء في المنطقة التي تخضع له.
وقال "تجمع أحرار حوران" إن أربعة عناصر من مليشيات النظام السوري قُتلوا وجُرح آخرون جراء اشتباكات عنيفة دارت بين مجموعة "حسن أبو هزاع" التابع لفرع سعسع ومجموعة من أهالي بلدة رسم الخوالد في ريف القنيطرة.
وذكر التجمّع أن مجموعة "أبو هزاع" المقربة من "حزب الله" اللبناني، هاجمت بلدة رسم الخوالد بأمر من رئيس فرع سعسع التابع للنظام السوري خلال محاولته اقتحام البلدة، واشتبكت مع مسلحين من الأهالي، الأمر الذي أدى إلى مقتل أربعة من عناصر المليشيا وإصابة آخرين.
وأكدت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، أن رئيس فرع سعسع أو الفرع "220" المدعو طلال العلي سمح لمجموعة "أبو هزاع" بالهجوم على بلدة رسم الخوالد تحت ذريعة اعتقال أربعة أشخاص متهمين بمعارضة النظام، إلا أن هذه التهمة هي فقط ذريعة من أجل اعتقال الأشخاص على خلفية رفضهم دفع إتاوات مالية لرئيس الفرع.
وأوضحت المصادر أن الأشخاص المطلوبين يعملون في تجارة المواشي بالمنطقة، وكان "أبو هزاع" قد طلب منهم سابقاً دفع مبالغ مالية وأمهلهم وقتاً لتسديد المبالغ، وعند رفضهم لجأ إلى الهجوم، وأضافت المصادر أن الأخير لم يتخل عن موضوع الاقتحام وما زال يحشد عناصره وأسلحته في محيط البلدة.
وأكدت المصادر أن فرع سعسع ورئيسه العميد طلال العلي يلاحق عشرات الأشخاص والشبان في ريف القنيطرة وامتداده في ريف دمشق وريف درعا، ويوزع بين الحين والآخر أسماء شبان مطلوبين بتهمة حيازة سلاح أو بذريعة الطلب للتجنيد الإجباري، وكان قد أرسل في كانون الأول/ ديسمبر الماضي تبليغات لعشرات الشبان في ريف القنيطرة.
وكان هؤلاء الشبان قد خضعوا لاتفاقات التسوية مع النظام إبان سيطرته على المنطقة، ومع رفض الشبان الانخراط في مليشيات النظام، بدأ الأخير بملاحقتهم، ما دفع كثيرين منهم إلى مغادرة المنطقة أو تسليم أنفسهم للنظام أو الانخراط في المليشيات المحلية التابعة لـ"حزب الله" وفروع أمن النظام.
وشهدت محافظة القنيطرة سابقاً عدة هجمات من مجهولين على دوريات وعناصر من قوات النظام السوري، وجرى اتهام عناصر سابقين في المعارضة السورية المسلحة بالوقوف وراءها بهدف دفعهم لقبول شروط فروع أمن النظام. وتنشط في المنطقة أيضاً، وفق مصادر تحدثت لـ"العربي الجديد"، مجموعات تابعة لـ"حزب البعث" و"حزب الله"، ومليشيا "فاغنر" الروسية تدعو إلى التجنيد والانخراط في المليشيات التي تتبع لكل طرف مقابل مبالغ مالية.
قتلى وخسائر مادية بهجوم جديد على رعاة الأغنام في البادية السورية
من جهة أخرى، قُتل شخص وأُصيب أربعة آخرون، فضلاً عن نفوق مئات الأغنام بهجوم مسلح جديد طاولهم من مجهولين في محيط قرية حاوية الديبة في ناحية الرهجان بريف حماة الشمالي الشرقي قرب الحدود الإدارية مع محافظة حلب بمنطقة تخضع لسيطرة النظام السوري والمليشيات المدعومة من الحرس الثوري الإيراني.
وقالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، إن الهجوم جرى فجر اليوم، الثلاثاء، على رعاة يحرسون قطيعاً من الاغنام، ما أدى إلى مقتل أحدهم وإصابة أربعة آخرين، فضلاً عن نفوق المئات من رؤوس الأغنام. وأضافت المصادر أن الهجوم يشير إلى خلفيات انتقامية وراءه أيا كان المهاجم.
وأكدت مصادر لـ"العربي الجديد"، من مدينة سلمية في ريف حماة، وصول القتيل والمصابين إلى المستشفى الوطني في المدينة. وقد تحدث المصابون عن الهجوم عليهم من قبل مجهولين خلال رعيهم الغنم، ما أدى إلى نفوق أكثر من 400 رأس من الغنم بالرصاص، ثم فروا إلى جهة مجهولة.
وتعد هذه الحادثة الثانية من نوعها خلال أقل من 24 ساعة، إذ عُثر مساء أمس، الإثنين، على أربعة رعاة أغنام في منطقة رجم الصوان بناحية خناصر في ريف حلب الجنوبي المتاخم لريف حماة، وكانوا قد قتلوا بهجوم من مجهولين أيضاً، لكن هؤلاء جرت سرقة أغنامهم من قبل المهاجمين ولم يتم قتلها.
وبحسب مصادر "العربي الجديد"، فإن عمليات قتل رعاة الأغنام في البادية تكررت كثيراً وفي عموم المناطق، مشيرة إلى أن عدة هجمات اتهمت بها المليشيات المدعومة من إيران ومليشيات النظام السوري، بينما يتهم تنظيم "داعش" أيضاً بشن هجمات على الرعاة وقتل عدد منهم.
وجرى خلال إحدى الهجمات على العاملين في رعي الأغنام قتل أفراد عائلة كاملة، بينهم نساء وأطفال، في ريف الرقة قبل شهور، كما جرى في عدة هجمات قتل قطعان الغنم وليس فقط الرعاة، ما يشير إلى أن بعض الهجمات لم تكن بدافع السرقة إنما بدافع الانتقام.
ونقلت مصادر من المنطقة أن الأهالي هناك يتناقلون عدة روايات، أبرزها أن الهجمات قامت بها المليشيات الإيرانية، وجرى قتل الرعاة مع أغنامهم بدوافع الانتقام والطائفية واتهام الرعاة بالعمل لصالح تنظيم "داعش" الإرهابي، بينما الرواية الأخرى تقول إن تنظيم "داعش" هو الذي قتل الرعاة بعد اتهامهم بالعمالة للنظام ومليشياته، فيما تقول رواية ثالثة إن الهجمات شنت من قبل مجموعات تمتهن السرقة والخطف في المنطقة.
ويأتي الهجومان الأخيران بالتزامن مع الانتشار المكثف لقوات النظام السوري في نواحٍ مختلفة من البادية بإشراف روسي، وتنفيذ عملية تمشيط في مناطق واسعة بحثاً عن خلايا تنظيم "داعش"، إلا أن تلك العملية لم تسفر عن جديد ولم تمنع الهجمات، سواء على قوات النظام أو المدنيين.