"نيويورك تايمز": قادة عسكريون إسرائيليون يفضلون الدبلوماسية لإطلاق المحتجزين في غزة

20 يناير 2024
أهالي الأسرى المحتجزين يضغطون بعد مقتل بعضهم خلال المعارك في غزة (Getty)
+ الخط -

زوبعة من الشكوك أثارتها الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة داخل القيادة العسكرية للجيش الإسرائيلي بعد أكثر من مائة يوم من اندلاعها، لا سيما مع التقدم المحدود الذي أحرزته إسرائيل في تفكيك قدرات حركة حماس، وعلامات الاستفهام حول القدرة على تحقيق الأهداف الرئيسية للحرب في الأمد القريب: القضاء على حماس، وتحرير الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في غزة.

وبحسب تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، اليوم السبت، فإنّ إسرائيل فرضت سيطرتها على جزء أصغر من غزة في هذه المرحلة من الحرب مما تصورته في الأصل منذ بداية الغزو، وقد دفعت هذه الوتيرة الأبطأ مما كان متوقعاً بعض القادة العسكريين الإسرائيليين إلى التعبير سرّاً عن إحباطهم إزاء استراتيجية الحكومة في غزة، ودفعتهم إلى الاستنتاج أنّ حرية أكثر من مائة من الأسرى المحتجزين في غزة لا يمكن تأمينها إلا من خلال الوسائل الدبلوماسية لا العسكرية.

واشترطت حماس التي أطلقت سراح أكثر من 100 من الأسرى المحتجزين في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي وقف العمليات القتالية في غزة بشكل كامل لإطلاق سراح الآخرين، فيما قال قائد الجيش السابق وعضو مجلس الحرب الإسرائيلي غادي آيزنكوت، أول من أمس الخميس، إنه "من الوهم الاعتقاد بأنه يمكن إنقاذ الرهائن أحياء من خلال العمليات العسكرية".

وقالت "نيويورك تايمز"، نقلاً عن أربعة قادة عسكريين في الجيش الإسرائيلي، إنّ غموض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بشأن خطة ما بعد الحرب في غزة، كان على الأقل مسؤولاً بشكل جزئي عن المأزق الذي يواجهه الجيش في ساحة المعركة.

وفي حين لم يوضح نتنياهو آلية حكم غزة بعد الحرب، قال القادة إنه "بدون رؤية طويلة المدى للقطاع، لن يتمكّن الجيش من اتخاذ قرارات تكتيكية قصيرة المدى حول كيفية الاستيلاء على أجزاء غزة، وبالتالي ستبقى خارج نطاق السيطرة الإسرائيلية"، مضيفين أنّ "الاستيلاء على الجزء الجنوبي من غزة، والذي يقع على الحدود المصرية، سوف يتطلب تنسيقاً أكبر مع مصر، لكن الأخيرة غير راغبة في المشاركة دون ضمانات من إسرائيل بشأن خطة ما بعد الحرب".

ورفض الجيش الإسرائيلي الرد على تعليقات القادة، بينما يخشى الجنرالات من أن تؤدي الحملة الطويلة، دون خطة لما بعد الحرب، إلى تآكل أي دعم متبقي من حلفاء إسرائيل، مما يحد من استعدادهم لتزويدها بذخيرة إضافية، بحسب "نيويورك تايمز".

وأصبحت عائلات الأسرى المحتجزين الإسرائيليين أكثر وضوحاً بشأن الحاجة إلى تحرير أقاربهم من خلال الدبلوماسية وليس القوة، لا سيما بعد قتل بعضهم خلال المعارك الدائرة في غزة، فمن بين أكثر من 100 من الأسرى تم تحريرهم منذ بدء الغزو حُرر واحد فقط في عملية إنقاذ.

وقال أندرياس كريغ، خبير الحرب في جامعة كينغز كوليدج في لندن: "في الأساس، إنها حالة من الجمود"، مضيفاً: "إنها ليست بيئة يمكنك من خلالها تحرير الرهائن".

وتابع: "إذا ذهبت إلى الأنفاق (أنفاق حماس) وحاولت تحريرهم بالقوات الخاصة، أو أي شيء آخر، فسوف تقتلهم.. إما أن تقتلهم بشكل مباشر أو غير مباشر، في أنفاق مفخخة أو في تبادل لإطلاق النار".

ورغم تدمير بعض الأنفاق، إلا أنّ ترك الأنفاق المتبقية سليمة سيجعل من حماس غير مهزومة فعلياً، مما يقلل من احتمال قيام الحركة بإطلاق سراح الأسرى المحتجزين تحت أي ظرف من الظروف دون وقف كامل لإطلاق النار، ولذلك فإنّ البديل المتبقي هو تسوية دبلوماسية يمكن أن تشمل إطلاق سراح هؤلاء مقابل إطلاق سراح آلاف الفلسطينيين الذين تعتقلهم إسرائيل، إلى جانب وقف الأعمال العدائية، وفقاً لما جاء في التقرير.

بنية حماس التحتية في غزة أكثر تطوراً من تقييم المخابرات الإسرائيلية

وفي وقت يرى البعض في اليمين الإسرائيلي أن التقدم المحدود في الحرب هو نتيجة للقرار الأخير الذي اتخذته الحكومة بإبطاء وتيرة الغزو، في أعقاب الضغوط من الولايات المتحدة وحلفاء آخرين، إلا أنّ القادة العسكريين يقولون إنّ "حملتهم تعرقلت بسبب بنية حماس التحتية التي كانت أكثر تطوراً مما قيّمه ضباط المخابرات الإسرائيلية في السابق".

وقالت "نيويورك تايمز" إنّ "المسؤولين الإسرائيليين اعتقدوا قبل الغزو أن شبكة الأنفاق أسفل غزة يصل طولها إلى 100 ميل، والآن يعتقد المسؤولون العسكريون أنّ هناك ما يصل إلى 450 ميلاً من الأنفاق تحت منطقة تبلغ مساحتها 25 ميلاً فقط في أطول نقطة فيها. وتحت خانيونس وحدها، تقدر إسرائيل أنّ هناك ما لا يقل عن 100 ميل من الممرات، موزعة على عدة مستويات. وفي مختلف أنحاء غزة، هناك ما يقدر بنحو 5700 بئر تؤدي إلى الشبكة، مما يجعل من الصعب للغاية فصل الشبكة عن السطح لدرجة أنّ الجيش توقف عن محاولة تدمير كل عمود يجده".

وأضافت الصحيفة أنه "بمجرد دخول النفق، يفقد جندي كوماندوز إسرائيلي مدرب تدريباً عالياً معظم الميزة العسكرية التي يتمتع بها فوق الأرض".

وحول إخفاق الجيش الإسرائيلي في تقديراته في حربه على غزة، أفادت "نيويورك تايمز" بأنّه "عشية الغزو الإسرائيلي، قدر الجيش أنه سيقيم سيطرة عملياتية على مدينة غزة وخانيونس ورفح – أكبر ثلاث مدن في غزة – بحلول أواخر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وفقاً لوثيقة تخطيط عسكري، ولكن بحلول منتصف الشهر الحالي، لم تكن إسرائيل قد بدأت بعد تقدّمها نحو رفح، المدينة الواقعة في أقصى جنوب غزة، ولم تتمكّن من إجبار حماس على الخروج من كل جزء من مدينة خانيونس، وهي مدينة رئيسية أخرى في الجنوب".

وفيما بدا أنّ الجيش الإسرائيلي قد سيطر على شمال غزة في نهاية العام الماضي، وقال إنّ الحرب دخلت مرحلة جديدة أقل حدة، أدى ذلك إلى خلق فراغ في السلطة في الشمال، مما سمح لمقاتلي حماس والمسؤولين المدنيين بمحاولة إعادة تأكيد سلطتهم هناك، الأمر الذي أثار قلق العديد من الإسرائيليين الذين كانوا يأملون في هزيمة حماس بالكامل في المنطقة، لا سيما بعد أن أطلق مقاتلو حماس في شمال غزة يوم الثلاثاء الفائت حوالي 25 صاروخاً داخل المجال الجوي الإسرائيلي، وفق الصحيفة.

وقال كريغ: "إنها حرب لا يمكن الفوز فيها"، مضيفاً: "في معظم الأوقات عندما تكون في حرب لا يمكن الفوز فيها، تدرك ذلك في مرحلة ما وتنسحب.. ولم يفعلوا"، في إشارة إلى الجيش الإسرائيلي.

المساهمون