بدأ قادة جيوش المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، اليوم الخميس، اجتماعاً يستمر يومين في غانا لمناقشة ردهم على الانقلاب الذي شهدته النيجر في 26 يوليو/ تموز، بما في ذلك تفاصيل القوة الاحتياطية التي قرر التكتل حشدها من أجل تدخل محتمل.
ويهدف التدخل المحتمل في النيجر إلى استعادة النظام الدستوري في البلاد، بعد إطاحة انقلابيين بالرئيس النيجيري المنتخب محمد بازوم.
وقررت "إيكواس"، التي تشعر بالقلق حيال سلسلة انقلابات عسكرية متتالية في المنطقة، تشكيل "قوة احتياط" لوضع حد للانقلاب في النيجر.
وقال مفوض الشؤون السياسية والسلام والأمن في المجموعة عبد الفتاح موسى، إنّ جميع الدول الأعضاء فيها، فيما عدا تلك الخاضعة لحكم عسكري وكذلك الرأس الأخضر، مستعدة للمشاركة في القوة الاحتياطية التي قد تتدخل في النيجر.
ويأتي اجتماع القادة العسكريين، يومي الخميس والجمعة، بعد تجدّد أعمال العنف في الدولة التي يسيطر عليها المتمردون، حيث قتل مسلحون متشددون 17 جندياً نيجيرياً على الأقل في كمين في جنوب غربي البلاد.
وأعلنت وزارة الدفاع، في بيان، أنّ وحدة من الجيش وقعت "ضحية كمين إرهابي عند أطراف بلدة كوتوغو" في منطقة تيلابيري القريبة من بوركينا فاسو، الثلاثاء، وأضافت أنّ 20 جندياً أصيبوا، جروح ستة منهم بالغة، في هجوم هو الأكثر دموية من حيث حصيلة القتلى، منذ انقلاب السادس والعشرين من يوليو/ تموز.
وأفاد الجيش بأنه تم "تحييد" أكثر من مائة مهاجم كانوا على متن درّاجات نارية أثناء انسحابهم.
وتشهد منطقة الساحل في أفريقيا تمرّداً منذ أكثر من عقد، بدأ في شمال مالي عام 2012، قبل أن يمتدّ في 2015 إلى النيجر وبوركينا فاسو المجاورتين.
وتشهد منطقة "الحدود الثلاثية" بين البلدان الثلاثة عادة هجمات ينفّذها متمرّدون على ارتباط بتنظيمي "داعش" و"القاعدة".
وأسفرت الاضطرابات عن مقتل آلاف الجنود وعناصر الشرطة والمدنيين، ودفعت الملايين للفرار من منازلهم. ولعب الغضب حيال أعمال العنف دوراً في حدوث انقلابات عسكرية في الدول الثلاث منذ 2020، لتكون النيجر الأخيرة التي تشهد انقلاباً عندما أُطيح برئيسها المنتخب في 26 يوليو.
ويؤكد محلّلون أنّ أيّ تدخّل سينطوي على مخاطر عسكرية وسياسية، فيما أعلن التكتل أنّه يفضّل الخيار الدبلوماسي.
والثلاثاء، أصدرت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا بياناً دانت فيه "بشدّة" الهجمات الأخيرة. وحضّ بيان "إيكواس" الجيش على "إعادة إرساء النظام الدستوري في النيجر، بما يتيح له صبّ تركيزه على الأمن... الذي أصبح أكثر هشاشة بعد محاولة الانقلاب". لكنّ العسكريين الذين استولوا على السلطة ويحتجزون بازوم، يشدّدون على أنّ الانقلاب هو نتيجة "تدهور الوضع الأمني".
وجرت محادثات هذا الأسبوع في أديس أبابا، حيث اجتمع ممثلون عن "إيكواس" وانقلابيي النيجر تحت مظلة الاتحاد الأفريقي.
والثلاثاء، قام رئيس الوزراء المدني المُعيّن من الجيش النيجيري علي محمد الأمين زين بزيارة غير معلنة إلى تشاد المجاورة، وهي دولة مهمة في منطقة الساحل غير المستقرة، وليست عضواً في "إيكواس".
والتقى الرئيس محمد إدريس ديبي إتنو، وسلّمه ما وصفها بأنها رسالة "حسن جوار وأخوّة" من قائد النظام النيجيري.
وقال زين "نحن في مرحلة انتقالية. ناقشنا التفاصيل وشددنا على استعدادنا للبقاء منفتحين والتحاور مع كل الأطراف، لكننا نشدد على استقلال دولتنا".
وأمس الأربعاء، غادر زين تشاد عائداً إلى نيامي، وفق ما أعلنت السلطات التشادية.
سفيرة أميركية إلى النيجر قريباً
وفي واشنطن، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أنّ سفيرة جديدة للولايات المتحدة ستتوجّه قريباً إلى النيجر، في إطار جهود دبلوماسية لوضع حدّ للانقلاب.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيدانت باتيل إنّ واشنطن تتطلّع إلى وصول السفيرة كاثلين فيتسغيبون إلى نيامي، مشدّداً على أنّ توجّهها إلى النيجر ليس قبولاً باستيلاء العسكريين على السلطة في البلاد.
وفيتسغيبون دبلوماسية متمرّسة ذات خبرة واسعة في شؤون أفريقيا، وكان مجلس الشيوخ قد صادق على تعيينها في 27 يوليو، أي غداة الانقلاب.
ألمانيا تدعم العقوبات على انقلابيي النيجر
من جهتها، قالت وزارة الخارجية الألمانية، اليوم الخميس، إن الوزيرة أنالينا بيربوك أجرت محادثات مع رئيس الاتحاد الأفريقي، موسى فقي محمد، ووزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، وأصحاب مصالح آخرين حول الانقلاب في النيجر، مضيفة أن ألمانيا تدعم الآن عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد المجلس العسكري.
وأضافت الوزارة، في تدوينات نُشرت على موقع إكس (تويتر سابقاً)، أن بيربوك أجرت المحادثات "بهدف إعادة النظام الدستوري" في النيجر.
وأفادت بأن وزيرة التعاون الاقتصادي والتنمية الألمانية، سفينيا شولتسه، اجتمعت في زيارة لأبوجا بممثلين عن المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، وأضاف بيان وزارة الخارجية "بعد تعليق التعاون التنموي والأمني، نريد الآن في الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على الانقلابيين".
أفقر دول العالم
وأطاح ضباط من الجيش في النيجر الرئيس محمد بازوم في 26 يوليو/تموز، وكان بازوم انتخب عام 2021 فيما اعتبر حدثاً تاريخياً في النيجر لأنّه فتح الباب لأول انتقال سلمي للسلطة في البلاد منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960.
ونجا بازوم من محاولتي انقلاب، قبل أن تتم الإطاحة به في خامس عملية استيلاء على الحكم من قبل الجيش تشهدها البلاد.
وفرضت "إيكواس" سلسلة عقوبات تجارية ومالية على النيجر، بينما علّقت كل من فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة مساعداتها لهذا البلد.
وتُعدّ النيجر من بين أفقر دول العالم، وتحلّ بشكل دائم في مرتبة متأخّرة في مؤشّر التنمية البشرية التابع للأمم المتحدة.
والأربعاء، حذّرت الأمم المتحدة من أن الأزمة قد تفاقم بشكل كبير انعدام الأمن الغذائي في البلاد.
وأكد مكتب الأمم المتحدة المعني بتنسيق الشؤون الإنسانية الحاجة لتطبيق إعفاءات إنسانية من العقوبات وإغلاق الحدود، لتجنب التدهور السريع للأمن الغذائي والوضع الغذائي في النيجر.
كما تواجه النيجر تمرّداً في جنوبها الشرقي ينفّذه مسلّحون يعبرون من شمال شرق نيجيريا، مهد حملة تمرّد أطلقتها جماعة "بوكو حرام" عام 2010.
(فرانس برس، رويترز، العربي الجديد)