قائد "كتيبة طوباس".. شهادة بعد عدة محاولات اغتيال

28 فبراير 2024
قائد كتيبة طوباس الشهيد أحمد دراغمة (إكس)
+ الخط -

بعد محاولات عدة لاغتياله وعروض لتسوية وضعه الأمني وتسليم سلاحه عن طريق السلطة الفلسطينية، استشهد المقاوم الفلسطيني أحمد جمال دراغمة الملقب بـ"الجغل"، فجر الثلاثاء، خلال اشتباك مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة طوباس شمالي الضفة الغربية المحتلة.

دراغمة ابن الخامسة والعشرين ربيعا ينتمي لما تعرف باسم "كتيبة طوباس"، وهي مجموعة مسلحة من ضمن عدة مجموعات تضم شباناً في مقتبل العمر نشطوا خلال السنوات الأخيرة في مدن ومخيمات الضفة الغربية لمقاومة الاحتلال.

وخلال نشاطه في مواجهة اقتحامات الاحتلال لمدينة طوباس، مسقط رأسه، رفض دراغمة عدة عروض إسرائيلية لتسوية ملفه الأمني وتسليم سلاحه عن طريق السلطة الفلسطينية، وأصر على مواصلة القتال حتى استشهد. وكان قد تعرض في 18 أغسطس/آب 2022 لاعتقال لدى السلطة، وفق لجنة أهالي المعتقلين السياسيين في الضفة الغربية، وذلك بعد عام من اعتقاله على يد الاحتلال الإسرائيلي.

وأظهر مقطع فيديو التقطته إحدى كاميرات المراقبة، دراغمة وهو يركض في شارع فرعي قبل أن يقع على الأرض، جراء إصابته برصاص الاحتلال، لتقترب منه آلية عسكرية إسرائيلية وتطلق عليه النار من مسافة قصيرة جدا، ما أدى إلى إصابته في الصدر والرقبة والرأس، وبقي ينزف حتى فارق الحياة.

وفي العامين الأخيرين، شكّلت مدينة طوباس وريفها بما يشمل مخيم الفارعة للاجئين الفلسطينيين الواقع إلى الجنوب منها، حالة مقاومة صلبة، مع بروز عدّة تشكيلات مسلّحة من مختلف الفصائل الفلسطينية فيها، على غرار ما جرى في جنين وطولكرم نابلس وغيرها من محافظات الضفة الغربية. ونفذ مقاتلو "كتيبة طوباس" عمليات إطلاق نار استهدفت الحواجز المحيطة بالمحافظة، وخاضوا اشتباكات مسلّحة عنيفة في كل اقتحام للمدينة أو المخيم أو القرى المحيطة.

ويقول الناشط أسيد الخراز لـ"العربي الجديد": "مع ظهور خلايا المقاومة في الضفة لم يتأخر شبان مدينة طوباس كثيراً لكي يهبوا للدفاع عن بلدهم والرد على جرائم الاحتلال". 

ويشير الخراز إلى أن دراغمة استطاع الإفلات مرتين من حصار خانق ضربته قوات الاحتلال على المكان الذي كان يوجد فيه، و"في إحداهما أصاب أحد جنود الاحتلال بجروح خطيرة دون أن يتمكنوا من النيل منه. ومنذ ذلك الوقت، بات هذا الشاب حديث الشارع الطوباسي"، بينما كثف الاحتلال من رصد تحركاته بهدف اغتياله.

ويشير الخراز إلى أن دراغمة ورفاقه "تمتعوا بسمعة طيبة، وكانوا يحظون بحاضنة شعبية تلتف حولهم وتدعمهم في مقاومة الاحتلال".

وتلقى الشهيد تعليمه الأساسي والثانوي بمدارس طوباس، إذ أنهى الثانوية العامة ولم يتابع دراسته الجامعية، والتحق بالعمل الحر مع شقيقه، وهو الأوسط بين 7 إخوة (4 إناث و3 ذكور).

وكان لاعتقال دراغمة في سجون الاحتلال أواسط عام 2021 أثر بالغ في صقل شخصيته، وصولا إلى تحرره وانخراطه في "كتيبة طوباس" التي ضمت نخبة من الشبان، معظمهم من الأسرى المحررين من سجون الاحتلال، لتجد صداها سريعا في مخيم الفارعة، الذي شهد أيضا انخراط مقاوميه في العمل المسلح.

ولاحقا، توسعت الكتيبة وضمت عناصر من "سرايا القدس"، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي وكتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وعناصر لا ينتمون لفصيل بعينه، وشكل ذلك عامل قوة واستمرارية للكتيبة.

وعقب توسع المقاومة، زاد الاحتلال الإسرائيلي من وحشية اقتحاماته لطوباس والفارعة تحديدا، بحثا عن دراغمة ورفاقه، لكنه كان يواجه بمقاومة شرسة، تتخللها اشتباكات مسلحة وتفجير عبوات ناسفة محلية الصنع ونصب كمائن.

وخلال عام 2023، أسفرت تلك الاقتحامات والتوغلات عن استشهاد 24 فلسطينيا واعتقال العشرات، وفق إحصائيات وزارة الصحة الفلسطينية ونادي الأسير الفلسطيني.

وتبلغ مساحة محافظة طوباس والأغوار 366 كيلومترا مربعا، ما تفوق مساحة قطاع غزة، ونظرا لارتباطها الجغرافي بالأغوار الفلسطينية الشمالية تحديدا، باتت محط أطماع المستوطنين، بدعم كامل من حكومات الاحتلال المتعاقبة، التي أقامت في محيط طوباس والأغوار عشر مستوطنات، فيما تنتشر فيها أيضا مراكز لجيش الاحتلال وساحات للتدريب والرماية.