في الطريق لانتفاضة ثالثة

01 أكتوبر 2022
تنذر حالة الاحتقان بالضفة بتوفر شروط انفجار شعبي (فرانس برس)
+ الخط -

لم يحرك تهديد رئيس أركان جيش الاحتلال أفيف كوخافي باستخدام الطائرات المسيرة في العدوان المتواصل على الضفة الغربية شيئاً، لا في واقع دور السلطة الفلسطينية والمسؤوليات المفروضة عليها تجاه شعبها، ولا في سياق "الجوار العربي" لإسرائيل.

وعلى الرغم من أن التهديد هو بمثابة تصعيد جديد، إلا أن استمرار العدوان على الضفة الغربية كلها بات مسألة وقت، وتحديداً اختيار التوقيت المناسب عسكرياً وإقليمياً.

ويشي استمرار تجاهل هذا العدوان من قبل أطراف عربية مختلفة، باستثناء استنكار هنا، ودعوة لخفض التوتر هناك، بتسليم عربي كامل بالعجز عن مواجهة دولة الاحتلال، أو حتى مجرد محاولة الضغط عليها، خوفاً من وطأة وتأثير تجاهل دولة الاحتلال لهذه الضغوط على الأوضاع الداخلية في الدول المعنية.

بل إنه يمكن الذهاب أكثر من ذلك إلى القول إن تصريحات بعض المسؤولين الفلسطينيين بشأن ضرب إسرائيل لهيبة السلطة الفلسطينية، التي تعاني أخيراً ليس فقط من تراجع هيبتها، بل ربما أيضاً شرعيتها في الشارع الفلسطيني، تغذي بما تبثه من ضعف ووهن، اتجاه دولة الاحتلال نحو مزيد من التصعيد العسكري. 

ويستغل الاحتلال حالة "الضعف الراهنة" للسلطة الفلسطينية، وتعلقها بشكل بات غير محتمل، فلسطينياً على الأقل، بتسهيلات مدنية يعد الاحتلال بتقديم المزيد منها، للضغط أكثر فأكثر على السلطة لزجها في حرب أهلية مع شعبها.

لكن حالة الاحتقان العامة في الضفة الغربية المحتلة، واشتداد قوة الحاضنة الشعبية لعناصر المقاومة، وازدياد المواجهة الفعلية للاقتحامات الإسرائيلية المتكررة، تنذر ببدء توفر شروط موضوعية لانفجار شعبي عارم، يتجاوز التقسيم الفصائلي، ويتجاوز قدرة أجهزة الأمن الفلسطينية القابضة على الحكم في المناطق الخاضعة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس المحتلتين.

ويعيد هذا الأمر الأوضاع إلى انتفاضة جديدة تمزج بين مواصفات الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987 والانتفاضة الثانية عام 2000 ويضع الاحتلال أمام معادلة جديدة، تفرض على السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير التخلي نهائياً عن عقيدة التنسيق الأمني والمسار الدبلوماسي المترتب عليها، والعودة لخيار التحرير المبني على المقاومة الشعبية كأداة أساسية لمواجهة دولة الاحتلال.

ويبدو أن الاحتلال، وفقاً لكل الإشارات والرسائل التي يطلقها أخيراً، سواء على الصعيد الداخلي، أم الموجهة للجانب الفلسطيني، يدرك حقيقة نبض الشارع الفلسطيني، ويستعد من خلال حرب التصفيات التي يشنها لمواجهة ساعة الانفجار القادمة بضربات استباقية ليضعف وهج الانتفاضة القادمة وأثرها.

المساهمون