أنهى محامو الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، اليوم الجمعة، تقديم دفوعهم لتبرئته من اتهامات بالتحريض على أعمال الشغب الدامية التي شهدها مبنى الكونغرس الشهر الماضي، وقالوا إن مساءلته "انتقام سياسي" من قبل الديمقراطيين.
واستغرق فريق الدفاع حوالى ثلاث ساعات فقط للدفع بأنّ ترامب لم يكن مسؤولاً عن التحريض على أعمال الشغب التي وقعت في السادس من يناير /كانون الثاني الماضي، والتي دفعت مشرعين في الكونغرس للتدافع بحثاً عن ملاذ حفاظاً على أنفسهم، وأسفرت عن مقتل خمسة أشخاص، بينهم ضابط شرطة.
وقال فريق الدفاع عن ترامب إنّ خطابه محمي بضمان الحق في حرية التعبير التي يكفلها الدستور الأميركي، وإنّ فريق الادعاء لم يربط بشكل مباشر بين ترامب وبين الأعمال التي قام بها مثيرو الشغب.
وأكد بروس كاستور، آخر المتكلمين بين المحامين الثلاثة، أنّ الهدف من هذه المحاكمة هو "شطب (أصوات) 75 مليون ناخب وتجريم الآراء السياسية". واعتبر أمام أعضاء مجلس الشيوخ أنه عبر إدانة الرئيس السابق، يريد المدعون الديموقراطيون "القضاء على خصم سياسي". ويستطيع أعضاء المجلس لاحقاً طرح أسئلتهم على ممثلي الادعاء والدفاع.
وقال الرئيس جو بايدن، الذي أمضى أكثر من 35 عاماً على مقاعد مجلس الشيوخ في الكونغرس، إنه "يتطلع" لمعرفة ما سيفعله "أصدقاؤه" الجمهوريون خلال التصويت الذي قد يتم نهاية هذا الأسبوع. وأعرب عن أمله أن يتحملوا "مسؤولياتهم".
ويأتي تقديم فريق محامي دفوعه، رداً على حجج المدّعين الديمقراطيّين الذين عرضوا على مدى يومين وقائع الهجوم الدموي في السادس من يناير/ كانون الثاني، عارضين أشرطة فيديو مروعة.
وقال ديفيد شون، أحد محامي ترامب، لقناة "فوكس نيوز"، الخميس، إنّ "الرئيس متفائل جداً"، واعداً بأن تكون المرافعة قصيرة وأن تستمر أقل من أربع ساعات أمام مئات من أعضاء مجلس الشيوخ والقضاة والمحلفين والشهود في هذه المحاكمة التاريخية.
وأضاف "كما قلتُ منذ البداية، ما كان يجب أن تحدث هذه المحاكمة أبداً. وإذا ما حصلت، فيجب أن تكون قصيرة قدر الإمكان نظراً للغياب الكامل للأدلة".
ولم يكتفِ الدفاع برفض مسؤولية موكله بالكامل عن الاعتداء الذي نفّذه مئات من أنصاره في نهاية خطابه الكبير في 6 يناير/كانون الثاني، بل يعتبر أيضاً أنّ إجراءات العزل برمتها لا تتوافق مع الدستور لأن ترامب لم يعد رئيساً.
ورداً على سؤال عن الاستياء الذي شعر به حتى الجمهوريون بعد عرض الصور القاسية للهجوم، قال ديفيد شون "هذا ما يحدث عندما يتم اللجوء إلى استوديو للأفلام السينمائية". وأضاف "لم يربطوا إطلاقاً بين دونالد ترامب وكل ذلك".
ويرى المدّعون الديمقراطيّون أنّ الملياردير الجمهوري "كان يعرف إلى أيّ مدى كان الوضع قابلاً للانفجار" عندما كان يؤجّج غضب مؤيديه عبر الصراخ، ومن دون أن يُقدّم أيّ دليل على حصول "تزوير كبير" قبل الانتخابات الرئاسية التي فاز فيها الديمقراطي جو بايدن، وبعدها. وقال المدّعي الديمقراطي جو نيغوس إن ترامب "أشعل الفتيل وألقى به مباشرة في هذه الغرفة، علينا".
وبينما كان الكونغرس يصادق على فوز منافسه بايدن في السادس من يناير/ كانون الثاني، دعا ترامب أنصاره إلى مسيرة إلى الكونغرس. وقال لهم "حاربوا مثل الشياطين".
وقال جيمي راسكين، الذي يرأس فريق النواب المكلّفين توجيه الاتّهام، إنّ الهجوم الدموي هو "ذروة تصرّفات الرئيس وليس غريباً" عنها. وأضاف "من في هذه الغرفة يستطيع أن يصدق أنه سيكف عن التحريض على العنف لتحقيق أهدافه، إذا سمح له بالعودة إلى المكتب البيضاوي؟".
وباسم هذه المخاوف من تكرار الأمر، دعا المدعون أعضاء مجلس الشيوخ إلى إدانة دونالد ترامب، لأن هذا الحكم سيتبعه على الفور تصويت لجعله غير مؤهل للترشح للانتخابات.
ومن صراخ ضباط شرطة من الألم وذعر البرلمانيين وتهديدات المهاجمين، عرضت مقاطع منها في تسجيلات كاميرات مراقبة وأخرى نشرها مثيرو الشغب، بعضها غير مسبوق، ذكّر الادعاء أعضاء مجلس الشيوخ بأنهم هم أنفسهم نجوا في اللحظة الأخيرة من "الأسوأ".
وما زالت آثار الواقعة ظاهرة على الكونغرس الذي يخضع لحراسة مشددة حتى الآن يؤمنها عسكريو الحرس الوطني. وهو أمر غير مسبوق على الإطلاق.
وبعدما التزم الصمت لفترة طويلة، قال بايدن، الخميس، إنّ المحاكمة يمكن أن تغير الوضع. وحرصت المتحدثة باسمه جين ساكي على توضيح ذلك مؤكدة أنّ الرئيس لا يتحدث عن أمر مؤكد، بل يعبر عن مشاعر رئيس ديمقراطي "تأثر" بتسجيلات الفيديو.
مع ذلك، ما زال قطب العقارات السابق يتمتع بشعبية كبيرة في حزبه، ومن غير المرجح أن يوافق 17 من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين على التصويت مع خمسين عضواً ديمقراطيين في مجلس الشيوخ لتأمين الأغلبية اللازمة لإدانته.
ورفض ترامب، المقيم حالياً في فلوريدا، الإدلاء بشهادته، لكن صوته تردد في قاعة مجلس الشيوخ في الكونغرس حيث عرض متهموه مقتطفات عدّة من خطبه، وأعادوا إظهار تغريدات له واستشهدوا بكلماته الأكثر إثارة للجدل.
وقال البرلماني تيد ليو إنه بعد فشل الشكاوى القانونية التي تقدّم بها ترامب وضغوطه المتعددة على مسؤولي الانتخابات في الولايات الرئيسية، "وجد (نفسه) أنه لا يملك خيارات غير عنيفة للبقاء في السلطة".
وقالت عضو الفريق ديانا ديجيت إنّه عندما اعتدوا على الكونغرس، "اعتقدوا أنهم يتبعون أوامر قائدهم العام"، مستشهدة بأقوال أدلى بها أمام الهيئات القضائية عشرات الأشخاص المتهمين بالاعتداء الدموي.
وبعد الدفاع، يأتي دور أعضاء مجلس الشيوخ لطرح أسئلتهم كتابة على الطرفين. وتسارعت وتيرة المحاكمة إلى درجة أن ديفيد شون قال، الخميس، إنه يمكن إصدار حكم قبل الاثنين.
(رويترز، فرانس برس)