دعا تجمع نقابات الصحافيين والمنظمات غير الحكومة المعنية بحقوق الإنسان والحريات، اليوم الأحد، إلى موجة جديدة من التظاهر نهاية عطلة الأسبوع المقبل، احتجاجاً على مشروع "قانون الأمن الشامل" و"الخطة الوطنية لإنفاذ القانون"، وبشكل خاص المادة 24 من قانون "الأمن الشامل"، والتي تنص على السجن لمدة سنة وغرامة 45 ألف يورو في حال بث صور لعناصر من الشرطة بدافع "سوء النية".
وقال منظمو التظاهرات، في بيان مشترك، إن تصريحات الرئيس إيمانويل ماكرون ووزير الداخلية جيرالد درمانان تستدعي "مواصلة التعبئة حتى سحب (...) المواد 21 و 22 و 24" من النص، متهمين الحكومة بمصادرة الحريات ومحاولة تشويه التظاهرات.
وشهد يوم السبت تظاهرات للأسبوع الثاني على التوالي، إذ شارك عشرات آلاف الفرنسيين في معظم المدن الفرنسية بتظاهرات للتنديد بمشروع قانون "الأمن الشامل"، لكن هذا السبت سجّل تصعيداً ملحوظاً في مستوى العنف من قبل مجموعات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن الفرنسية.
وبحسب ما أعلنت وزارة الداخلية، نُظم ما يقرب من 90 تظاهرة يوم السبت في فرنسا، جمعت 52 ألفاً و350 شخصاً في المجموع، بما في ذلك 5 آلاف متظاهر في باريس، ما يشير إلى انخفاض حاد مقارنة بالأسبوع السابق (133 ألف شخص وفقاً للوزارة، 500 ألف بحسب المنظمين)، لكن المنظمين يقولون إن الأعداد أكبر بكثير.
شهد يوم السبت تظاهرات للأسبوع الثاني على التوالي، إذ شارك عشرات آلاف الفرنسيين في معظم المدن الفرنسية بتظاهرات للتنديد بمشروع قانون "الأمن الشامل"، لكن هذا السبت سجّل تصعيدا ملحوظا في مستوى العنف من قبل مجموعات عنيفة بين المتظاهرين وقوات الأمن الفرنسية
وعن أعمال العنف التي اشتركت فيها جماعة "البلاك بلوك"، وهي جماعة عنف تضم متمردين على القانون في فرنسا، قال بيان نقابات الصحافيين والمنظمات الحقوقية: "في باريس، تم تشويه التظاهرة المصرح بها (...) بسرعة كبيرة بسبب استراتيجية الأرض المحروقة المتعمدة التي نفذتها شرطة باريس"، والتي "أدت إلى مزيد من العنف والتشويه وإلى إصابات خطيرة".
وشهدت أحداث العنف إحراق مركبات ومحال تجارية ومتاجر ووكالة عقارات ومصرف في شارع غامبيتا، الأمر الذي أدى إلى حدوث ثغرة في تظاهرة السبت الأخير، أدت إلى انخفاض عدد المشاركين بعد انسحاب بعضهم جراء اندلاع المواجهات بين الشرطة وجماعة "بلاك بلوك" وجزء من المتظاهرين.
وكتب وزير الداخلية على "تويتر" أن الشرطة اعتقلت 95 شخصاً في باريس، مشيراً إلى أن عناصر الأمن يواجهون "أفراداً عنيفين للغاية". وأضاف: "أصيب 48 شرطياً ودركياً بجروح"، واعتبر أن المتسببين بأعمال العنف "مخربون يريدون تحطيم الجمهورية"، فيما قالت رئيسة بلدية باريس آن هيدالغو، أحد الأقطاب السياسية التي أبدت تحفظاً على "قانون الأمن الشامل": "أندد بأشد العبارات بأعمال العنف التي ارتكبها مخربون على هامش التظاهرة أمس في باريس".
وترفض الجهات المنظمة للتظاهرات في فرنسا أن تكون أعمال العنف قد صدرت عن المتظاهرين، ويتهمون عناصر الشرطة وقوات حفظ النظام بتصعيد الموقف جراء العنف الذي يستخدمونه في فض التظاهرات، حيث اتهموا في بيانهم، اليوم الأحد، وزارة الداخلية بـ"محاولة الإساءة إلى المطالب العادلة للمتظاهرين وتشويه صورتهم" من خلال افتعال "عنف غير مبرر تجاههم".
وكانت تصريحات الرئيس إيمانويل ماكرون الأخيرة قد ساهمت في تغذية مستوى الغضب لدى المتظاهرين، برغم أنه اعترف للمرة الأولى بوجود عنف تمارسه الشرطة الفرنسية، لكنه رفض أن يكون هذا العنف نهجاً للشرطة الفرنسية.
وخلال مقابلة مع منصة "بروت" الإعلامية، والتي تشهد انتشاراً واسعاً في صفوف شريحة الشباب على وسائل التواصل الاجتماعي، ندد ماكرون بعبارة "عنف الشرطة"، واعتبر أنها "شعار يردده من يمتلكون مآرب ومشروعاً سياسياً".
كذلك حاول خلال المقابلة، التي دامت أكثر من ساعتين، وبثت قبل يوم من اندلاع التظاهرات الجديدة، طمأنة الشبان الفرنسيين من أصول مهاجرة، والذين يتهمون السلطات بمعاملتهم بتمييز وعنصرية، وقال إن "الجمهورية تعترف بكم. أنتم فرصة لها. وبالتالي فإن تاريخكم الفردي جزء من تاريخنا، وجزء من الهوية الفرنسية".
وأضاف ماكرون أن النقاش الإعلامي حول المادة 24 من نص مشروع قانون "الأمن الشامل"، رسم "صورة كاريكاتورية لفرنسا (..) هذه كذبة كبيرة، لسنا المجر أو تركيا"، مشدداً على أن هذا النقاش "تلوّث بخطاب متشدد عدواني تجاه الحكومة".