قال أحمد هارون، المسؤول السوداني السابق في نظام عمر البشير، إنه غادر سجن كوبر مع مسؤولين سابقين آخرين وإنهم سيوفرون الحماية لأنفسهم.
وأضاف هارون المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية، في بيان صوتي بثته قناة "طيبة" التلفزيونية، الثلاثاء، أنه مستعد هو والمسؤولون السابقون الآخرون للمثول أمام القضاء عندما يضطلع بدوره.
وتابع في بيان نشر على صفحة القناة: "نفرق تماماً بين السلطة الانقلابية وأجهزة الدولة الوطنية، وفي مقدمتها القوات المسلحة التي تقاتل بقوة وشرف"، داعياً إلى "الالتفاف حول القوات المسلحة ومساندتها".
وقال: "ظللنا كقيادات للإنقاذ في سجن كوبر تحت النيران لمدة 9 أيام نتشارك مع السجناء ظروفاً أمنية استثنائية"، مشيراً إلى وفاة العديد من النزلاء وإصابة آخرين جراء الاشتباكات التي أدت إلى "انعدام مقومات الحياة وانقطاع تام للمياه والكهرباء والرعاية الصحية في السجن".
وأشار المسؤول الهارب إلى أنه بناء على طلب القوة المتبقية، تحرك برفقة الفارين معه إلى موقع آخر خارج السجن تحت حراسة محدودة لا تتعدى 3 جنود، مضيفاً: "وعدتنا سلطة السجن بالتحصّل على أمر قضائي بالإفراج عنا".
ودعا منتسبي قوات الدعم السريع "للانخراط مع إخوتهم في القوات المسلحة وترك الالتزام تجاه قيادته".
يأتي البيان بعد تقارير أفادت بأن النزلاء في سجن كوبر فروا في وقت سابق هذا الأسبوع. وكان البشير وكبار نوابه من بين المحتجزين في هذا السجن.
ولم يتضح على الفور إن كان البشير، الذي قضى فترات طويلة في مستشفى عسكري، موجوداً في السجن.
الجيش يحمّل "الدعم السريع" مسؤولية إطلاق سراح السجناء
إلى ذلك، أصدر الجيش السوداني بياناً، اليوم الأربعاء، قال فيه إنّ "قوات الدعم السريع" كانت سببا في الاضطرابات التي تشهدها بعض السجون، متهماً إياها باقتحام بعض السجون و"إجبار شرطة السجون على إطلاق سراح النزلاء بعد قتل وجرح بعض منسوبي الشرطة، بجانب تصرف إدارة سجن كوبر بإطلاق سراح نزلائه بسبب انقطاع خدمات المياه والكهرباء والإعاشة، مما خلق تهديدا إضافيا على الأمن والطمأنينة العامة بمدينة الخرطوم".
وقال الجيش إنّ سلطة إدارة السجون والإشراف عليها هي خارج نطاق اختصاصه، مضيفاً أنّ عناصر "الدعم السريع" "يسيطرون على عدد من مهندسي المياه والكهرباء ويمنعونهم - أو يجبرونهم على تخريب مرافق الخدمات للمواطنين والمؤسسات في مسعاهم إلى تعطيل الدولة".
ولفتت قيادة الجيش إلى أنها "غير معنية بأي بيانات تصدر من أي جماعة أو أفراد خرجوا من هذه السجون بتلك الطريقة، بما فيها بيان أحمد هارون المحتجز على خلفية بلاغات سياسية، والذي نستغرب جداً إشارته فيه للقوات المسلحة، إذ لا علاقة لها بأحمد هارون ولا بحزبه السياسي أو بإدارة سجون البلاد التي تقع في نطاق مسؤولية وزارة الداخلية والشرطة السودانية".
من هو أحمد هارون؟
كان أحمد محمد هارون قد عين مساعداً لرئيس الجمهورية، بمرسوم من الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير، في مارس/ آذار 2019.
ويعد أحمد هارون واحداً من 4 مسؤولين في حكومة البشير أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمر توقيف بحقهم، بزعم تورطهم في جرائم ضد الإنسانية وجرائم في إقليم دارفور، الذي شهد نزاعاً مسلحاً منذ عام 2003. وإضافة إلى هارون، شملت مذكرات التوقيف البشير نفسه، ووزير الدفاع السابق عبد الرحيم محمد حسين، والقيادي القبلي في الإقليم علي كوشيب.
ولد أحمد هارون في عام 1964 في منطقة كردفان، غرب البلاد، وتخرج من كلية الحقوق في جامعة القاهرة. عمل في المحاماة والقضاء قبل أن يعين بعد مجيء حكومة البشير مفوضاً للسلام وإعادة التوطين في جنوب كردفان، وبعدها وزيراً للشؤون الاجتماعية في الولاية، ثم منسقاً للشرطة الشعبية كأول منصب قومي له.
وفي مايو/ أيار 2003 عيّن هارون وزير دولة في وزارة الداخلية، وهو المنصب الذي تفرغ فيه أكثر للعمل في مواجهة التمرد الذي اندلع في دارفور، وهو ما مهد للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية في حينه لويس مورينو أوكامبو لاتهامه بجرائم حرب وتجنيد وتمويل مليشيات نفذت هجمات ضد المدنيين وارتكبت "جرائم من بينها القتل خارج النطاق القضائي والتعذيب والاغتصاب"، ليصدر قضاة المحكمة الدولية في عام 2007 مذكرة اعتقال بحق هارون، تضمنت اتهامات بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.
لكن الحكومة السودانية اعتبرت في حينه أن الاتهامات مسيسة، ورفضت التعامل مع المحكمة الجنائية الدولية، وخصوصاً أنها لم تصادق على ميثاقها التأسيسي.
وفي الوقت الذي كانت تسير فيه التحقيقات الدولية جرى إعفاء هارون من منصبه في وزارة الداخلية وتسليمه وزارة الشؤون الإنسانية في عام 2005، ليمكث في المنصب حتى عام 2009، حيث عُيّن والياً على ولاية جنوب كردفان، قبل أن يصبح في 2013 والياً لشمال كردفان حتى أعفاه البشير من منصبه في 22 فبراير/ شباط 2019، لكنه عُيّن رئيساً بالوكالة لحزب المؤتمر الوطني الحاكم، وهو القرار الذي تزامن مع تواصل الاحتجاجات الشعبية التي تطالب بتنحي البشير.
(رويترز، العربي الجديد)