فائزون مستقلون بانتخابات الجزائر التشريعية يتسابقون لتشكيل "كتلة الرئيس"

18 يونيو 2021
الجزائر تنتظر تثبيت النتائج رسمياً بعد الطعون (مصعب رويبي/ الأناضول)
+ الخط -

أصدرت مجموعة من النواب المستقلين في الولايات، الفائزين في الانتخابات النيابية المبكرة التي جرت في الجزائر السبت الماضي، بيانات تأييد ومساندة لبرنامج الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، وسط احتفاء من هيئات رسمية بهذه الخطوة.
واستبق المستقلون تثبيت نتائج الاقتراع من قبل المجلس الدستوري، بالإعلان عن مسعاهم لتشكيل كتلة الرئيس في البرلمان التي تضم مجموع النواب المستقلين البالغ عددهم 78 نائبا وفق النتائج الرسمية المؤقتة، يعتقد أنها قد تكون النواة الأولى لحزب الرئيس، في حال فكر تبون في إنشائه.
وأطلق لحسن لعبيدي، الذي فاز بمقعد عن ولاية تندوف أقصى جنوبي الجزائر، أخيراً دعوة لتشكيل تكتل موحد لنواب القوائم المستقلة الفائزة بمقاعد في البرلمان.
ونشر لعبيدي نداءً أعلن فيه أن هذه المبادرة تستهدف "دعم مشروع الإصلاح الشامل للرئيس تبون ومشروع الجزائر الجديدة التي تستجيب لتطلعات الشعب".
وسريعا، سجلت استجابات متتالية لهذه المبادرة، ووقع النواب المستقلون، عن ولاية برج بوعريريج، ربيع عبد الحق وزياني فارس وعبد الحق بلفار، بيانا أعلنوا فيه دعم برنامج رئيس الجمهورية، "لتحقيق التغيير والتحفيزات قصد بناء الجزائر الجديدة". ودعوا زملاءهم المستقلين إلى الالتحاق بالمبادرة.
كما نشر أربعة نواب فازوا بمقاعد عن ولاية عين الدفلى، وهم سليمان سحنون، وكمال لعويسات، وعبد القادر برادعية، ومراد مدني، بيانا أعلنوا من خلاله "الدعم الكامل لبرنامج رئيس الجمهورية ودعمنا لتجسيد مضمون دستور 2020 من أجل إعادة بناء مؤسسات الدولة واستكمال المسار الانتخابي ومساندته في كل الإصلاحات التي بادر بها". وبرر النواب الأربعة موقفهم بإسناد "المسعى الرامي إلى تأسيس مسار ديمقراطي وإصلاح شامل للدولة وتعزيز الحكم الراشد والديمقراطية التشاركية وبناء مجتمع مدني فعال".
وبالرغم من أن النتيجة التي حصل عليها المستقلون في الانتخابات جاءت أقل من توقعات كانت تشير الى إمكانية اكتساحهم للانتخابات، (حلوا ثانيا بعد حصولهم على 78 مقعدا من أصل 407)، وأنهم سيكونون الكتلة الأولى، إلا أنه كان واضحا أن الاحتفاء المبالغ فيه لرئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، محمد شرفي، حال إعلانه الثلاثاء الماضي عن نتائج الانتخابات، كان يحمل رسالة سياسية بتبني السلطة للمستقلين. واختارت السلطة دعم ترشح الشباب المستقلين وتغطية جزء من نفقات حملتهم الانتخابية، وهو ما يفرض عليهم على ما يظهر رد الجميل لتبون بدعم برنامجه.
ويذهب الكاتب المتخصص في الشأن السياسي، محمد معمري، إلى أن "رهان السلطة على المستقلين كان واضحا منذ بدء المسار الانتخابي"، قائلا في تصريح له: "لاحظنا لفترة طويلة الجولات الكثيرة التي قام بها مستشار الرئيس للمجتمع المدني نزيه برمضان، والذي سعى إلى تشكيل قاعدة مهمة من المنظمات والجمعيات تدعم مسارات وخيارات الرئيس، سواء للتحفيز على المشاركة في الانتخابات أو للترشح، أو لمشروع مستقبلي يرتبط بحزب الرئيس".
وتابع: "إلى أي حد نجح في ذلك؟ هذا يرتبط بالنتائج المحققة والمآلات مستقبلا، نظريا كون كتلة المستقلين الثانية من حيث العدد في البرلمان يعطيها أهمية، لكني أعتقد أن دور كتلة المستقلين سيكون دورا داعما أكثر من أن ينتظر منها دورا مركزيا".
وأوضح معمري أنه "يجب أن ننتبه الى مسألتين، هما أن السلطة في راحة من أمرها (وضع مريح) بعد حصول أحزابها على الأغلبية، والمسألة الثانية هي الصعوبات التنظيمية للمستقلين إذ إن أغلب المستقلين غير منسجمين سياسيا، وبعضهم لديه أصلا ولاءات سياسية لأحزاب أو تيارات معينة، وبالتالي مسألة الانضباطية تصبح جوهرية".
ورأى مراقبون أن هذه الإعلانات المتتالية عبارة عن إعلان ولاء مسبق وخطوة استباقية من قبل بعض النواب المستقلين، لتفادي أية مفاجأة قد يتعرضون لها من قبل المجلس الدستوري، بسبب طعون قدمها منافسوهم في النتائج.
وينطبق هذا الأمر على النواب المستقلين الأربعة لولاية عين الدفلى غربي الجزائر، والذين يتوقع أن يخسر العديد منهم مقاعدهم لصالح "حركة مجتمع السلم"، التي كانت فائزة بمجموع مقاعد الولاية قبل أن تنقلب النتائج بصورة غامضة.
ويؤكد المحلل السياسي عبد القادر حدوش لـ"العربي الجديد" أن "وجود المستقلين في البرلمان تحصيل حاصل، وكان لهم وجود في المجالس السابقة، ربما السياقات السياسية المرتبطة بهذه الانتخابات هي التي دفعت إلى هذا الاهتمام المبالغ به".

وزاد موضحا: "بعض إعلانات الولاء المسبق هي توقٍّ من مقصلة المجلس الدستوري الذي قد يفاجئ الجميع، ما هو ثابت الآن أن السلطة تريد الاستفادة منهم لتثبيت حزام آمن للحكومة، لكن مسألة استخدامهم كقاعدة لبناء حزب سياسي، تبدو فكرة مشوشة في الوقت الحالي".
وتابع قائلا: "لست متأكدا من أن الرئيس سيعتمد عليهم لسببين، أولا لوجود هياكل أقوى يمكن الاستناد إليها، وهي الجمعيات، والثاني أن الرئيس يمكن أن يكون في راحة من أمره دون الحاجة إلى حزب".
وإذا كانت السلطة تحاول دفع النواب المستقلين إلى التجمع في كتلة موحدة، فإن وجودها قد يسمح في الوقت نفسه للسلطة بتوفير إطار جاهز، في حال فكر تبون جديا في إنشاء حزب سياسي، في المرحلة اللاحقة، بحسب ما أعلن عنه في حوار صحافي نشرته صحيفة "لوبوان" الفرنسية قبل أسبوعين.

المساهمون